4 مسارات لإجهاض ثورة السويداء والفشل يضع الأسد أمام 3 خيارات انتحارية

4 مسارات لإجهاض ثورة السويداء والفشل يضع الأسد أمام 3 خيارات انتحارية

ربما لم يتفاجأ بشار الأسد ونظامه بخروج السويداء بمظاهرات عارمة، في ظل واقع اقتصادي ومعيشي وأمني أقل ما يمكن وصفه بالمأساوي، لكن ما لم يكن بالحسبان هو رفع سقف المطالب هناك لأول مرة، إلى إسقاط النظام وبشار نفسه، ورفع علم الثورة السورية، والأهم تأييد شيوخ عقل وزانة لتلك المطالب وحتى انضمامهم للمظاهرات، وفي مقدمتهم رئيس الطائفة الروحية للموحدين الدروز حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي.

ولم يجرؤ النظام، وبعد أكثر من أسبوعين على اندلاع ثورة السويداء، للجوء إلى القمع والعنف كعادته ضد المتظاهرين، وذلك لخصوصية السويداء الدرزية، ولمسألة ثانية يؤكدها الصحفي فؤاد عزام، سيأتي الحديث عنها في فقرة "الأسد المرعوب ومراوغة العرب"، الذي لا يرجّح عزام أن يتجرأ الأسد على استخدامه.

ولكن لا يعني عدم استخدام القمع والحل الأمني حتى الآن كون ذلك يتعارض جذرياً مع دعاية الأسد المزعومة "حامي الأقليات"، أن السويداء وأهلها في مأمن عن خطط النظام البديلة لإجهاض الثورة، التي قد يوازي بعضها القمع أو ربما أسوأ.

إستراتيجية الأسد لإجهاض ثورة السويداء

بدا واضحاً أن انضمام مشايخ العقل للثورة وخروج عشرات الآلاف على امتداد السويداء وتجمّع الآلاف يومياً في ساحة الكرامة وسط المدينة بهتافات تطالب بإسقاط بشار الأسد ونظامه، شكّل صدمة لنظام الأسد حتى أن إعلامه الرسمي ظلّ بحالة تخبّط لأيام، فلا يأتي على ذكر ما يجري في السويداء، بينما يذهب إلى الجولان المحتل ليغطي مظاهرات الدروز هناك ضد إسرائيل.

وعلى اعتبار أن الحل العسكري مستعبد في الوقت الحالي، لأسباب سيأتي تفصيلها، فحتماً هناك إستراتيجية جديدة لدى نظام الأسد، ولن يتركهم دون عقاب (إن استطاع)، فرغم أن السويداء وأهلها الدروز بمعظمهم لم يساندوه في قتله وقمعه لإخوانهم السوريين طوال الـ 12 وخرجوا باحتجاجات قبل ذلك ضد حكومته، إلا أن هذه المرة مختلفة تماماً، لأنهم أعلنوا بشكل لا لبس فيه أنهم بصفّ الثورة وتبنوا كل مطالبها.

1 – شق الصف وتمييع المطالب 

هناك أكثر من شاهد بأن نظام أسد يعوّل بشكل كبير على شق الصف وتمييع المطالب في ثورة السويداء، سياسياً وإعلامياً، فلا يخفى على أحد أن إرسال محافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدة وهو من أبناء السويداء، إلى الشيخ يوسف جربوع، أحد مشايخ عقل الدروز الثلاثة، هدفه شق الصف، حيث خرجا معاً بفيديو يؤكد فيه الشيخ أنه مع ثوابت الوطن وهي قيادة بشار الأسد والجيش والعلم على حد تعبيره.

ورغم أن مطالب الجربوع، كما يقول الكثير من أبناء السويداء ومنهم الناشط الصحفي نورس عزيز لم تكن بالأساس إسقاط النظام، لكن لا يعني ذلك أن تصريحاته لا تؤثر، خاصة أنه التقى مع المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام في أول أيام الثورة، ولم يصرّح بموقفه، كما إن الأسد لن يقف عند الجربوع، فعزيز نفسه أكد في وقت سابق في منشور له أن النظام وعد صفوان أبو سعدى برئاسة الحكومة في حال استطاع مع بعض أبناء السويداء إجهاض الثورة.

كما إنه من غير المستبعد أن يعمد النظام إلى تغيير حكومي، وخاصة على خلفية اشتداد الأزمة الاقتصادية، وتدهور الوضع المعيشي، بحيث يتم تحميل مسؤولية القرارات الاقتصادية "غير المدروسة" إلى الحكومة الحالية التي يترأسها حسين عرنوس، وهذا واضح من خلال أبواقه الإعلامية التي تحاول السير في هذا الاتجاه، كبشار برهوم وغيره.

والمثال الإعلامي على أن الأسد يعتمد هذا المحور كوسيلة لإفشال ثورة السويداء، هو ما روّجه الإعلام الرديف لنظام الأسد قبل أيام، مقطع فيديو ادّعوا أنه نداء من الشيخ اللبناني أبو يوسف أمين الصايغ، أطلقه إلى أهالي السويداء يصف فيه الأعمال هناك بالتخريبية ويطالب بالتهدئة وعدم الانسياق وراء أصحاب الأهواء، ليتبيّن فيما بعد أنه قديم.

2- التهديد بالإسلاميين 

قبل أيام خرج الإعلامي اللبناني "الشبيح" حسين مرتضى أحد أبواق نظام الأسد وحزب الله اللبناني، وأكد أنه حصل على معلومات تفيد بأن قاعدة التنف الأمريكية أدخلت إرهابيين للسويداء، ويقصد" الإسلاميين" وخاصة الدواعش، الذين لا يزال لهم بعض الوجود في البادية الممتدة من العراق إلى جنوب درعا والسويداء مروراً بريف حمص الشرقي.

3- العمالة لإسرائيل

أما بالنسبة لهذه الخطة فإن أبرز من يتصدر ترويجها قائد ميليشيا شارع الأمين والإعلامي الشيعي المقرّب من حزب الله أيضاً رفيق لطفـ إضافة إلى صهر آل الأسد جهاد بركات وابن عمه دريد وبشار برهوم وغيرهم.

فالأول بث أكثر من فيديو اتهم فيه ثوار السويداء بالعمالة لإسرائيل مستخدماً تسجيلات صوتية باللهجة الدرزية لأشخاص غير معروفين، إلا له طبعاً وقال بأن هؤلاء دروز وأنهم يتواصلون مع ضباط من الكيان الصهيوني وذكر اسم أحد هؤلاء الضباط أيضاً المزعومين.

أما بركات فقد اتهم فهد البلعوس ابن زعيم حركة رجال الكرامة وحيد البلعوس الذي اغتالته أجهزة أسد الأمنية في أيلول من عام 2015 بالعمالة للمخابرات الإسرائيلية والفرنسية، وكذلك برهوم اتهم أهل السويداء بالعمالة لإسرائيل، حين شببهم بالإخوان المسلمين وأنهم يريدون إنشاء دولة دينية، ليعطوا الحجة لإسرائيل لإقامة دولتهم الدينية.

 4- شيطنة المتظاهرين

يمكن القول إن هذا البند من إستراتيجية الأسد متداخل مع كل ما سبق وأن جميع من تم ذكرهم من أبواق النظام يسعون لشيطنة متظاهري السويداء، ويضاف عليهم خالد العبود وعمر الرحمون وغيرهم، ولكن تم إفراد هذا البند لوحده، لأن الإعلام الرسمي للأسد دخل على خط شيطنة المتظاهرين، ولم يتقصر الأمر على الأبواق والإعلام الرديف، فهاهي صحيفة البعث تتهم ثوار السويداء "بشوية كذبة ودجالين" وعملاء لأمريكا ودجالين، في مقال افتتاحي، والإخبارية السورية تقول إنهم أدوات بيد مؤامرة خارجية، واستغلوا مطالب مشروعة لكل السوريين ليحققوا أهداف مشغليهم، مكرّرة الأسطوانة نفسها التي اعتمدها في وجه المظاهرات الأولى عام 2011.

ولكن المختلف هذه المرة أن هؤلاء الثوار "دروز" ولن يكون بالسهل الذهاب إلى قمعهم عسكرياً وقصفهم بالبراميل المتفجرة، "لأن جريمته الأولى في السويداء ستكون الأخيرة"، وفق تعبير الصحفي فؤاد عزام.

مبادرة العرب بيضة القبان

رغم عمل النظام وحلفائه على هذه المحاور الأربعة معاً في آن واحد، لكن من الواضح أن لدى الأسد خشية كبيرة من عدم جدواها، فلا ظرف حلفائه ولا ظرفه (الاقتصادي والأمني والإعلامي)، مهيّأ للمواجهة، خاصة أنه لم ينفذ أي شيء مما اتفق عليه مع حكام الخليج والعرب، ليتم إعادة التطبيع معه ودعمه مالياً وسياسياً.

وهذا الكلام أكدته صحيفة الشرق الأوسط السعودية حينما نشرت تقريراً قالت فيه إن النظام في سوريا لم يبدِ أي تجاوب حيال مطالبة اللجنة الوزارية العربية بوجوب التقيُّد بجدول زمني لإعادة النازحين السوريين من البلدان العربية التي لجؤوا إليها، والتعهُّد بوقف تصدير الكبتاغون وكل الممنوعات من سوريا وإليها، والسير قدماً إلى الأمام بالحل السياسي.

وأضاف التقرير " دمشق لم تحسن الاستفادة من العودة إلى الجامعة العربية، التي اصطدمت بحائط مسدود في مفاوضاتها مع دمشق على خلفية عدم تجاوبها مع ما نصّت عليه خريطة الطريق الموضوعة عربياً لتنقيتها من الشوائب التي أصابتها"، في إشارة إلى عدم تقديم أي دعم طالما أن الأسد لم ينفذ، ما يعني استمرار الانهيار الاقتصادي والأمني في مناطق سيطرته.

"أمريكا لن تمهله طويلاً"

إذن لا بديل أمام الأسد سوى الاستجابة للمبادرة العربية أو الاكتقاء بالنظر إلى ثورة السويداء ودرعا وهي تمتد إلى الساحل ودمشق وكل مناطق سيطرته وبالتالي السقوط القريب، وهذا ما ألمح إليه المستشار السعودي السابق سالم اليامي في اتصال مع موقع أورينت نت: إن فشل النظام في تطبيق خطة خطوة مقابل خطوة، جعل الدول العربية تنهي الاستمرار في الموضوع، والمتوقع إن التحرك الداخلي في سوريا وحركة أمريكا في المنطقة لن تمهل النظام طويلاً".

بشار الأسد المرعوب والمراوغ 

أكدت مصادر لأورينت أن نظام أسد يعي خطورة ما هو فيه، لذلك سارع وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان ليطمئن الأسد المرعوب، ووفق تعبير فؤاد عزام فإن الأسد حين استقبل اللهيان لم يطلق ضحكته البلهاء أو يتمشى معه كعادته، وبدا واجماً حتى أن وسائل إعلامه، اقتطعت ما قاله عبد اللهيان عن نصر الأسد المزعوم.

ورغم أن عزام يرجّح أنه ليس لدى الأسد ما يفعله سوى العمل على وقف امتداد انتفاضة السويداء إلى المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرته، وأن أي عمل عسكري ضد السويداء سيكون جريمته الأخيرة، إلا أن مصادر مطّلعة على ما يدور في كواليس الدائرة الضيقة لبشار الأسد، هو محاولة استرضاء العرب والمرواغة معهم عبر التجاوب مع بعض المطالب، للحصول على بعض الميزات المالية لتهدئة حاضنته التي بدأت الانقلاب عليه في الساحل، وتخفيف الضغط الخارجي، ليتفرغ للسويداء.

المصادر أكدت لموقع أورينت أن الأسد سيصدر خلال الأيام القادمة خطوات يتقرّب بها للعرب وكان ذلك قبل إصداره مرسوماً تشريعياً يلغي المحاكم العسكرية الميدانية، وأضافت أنه قريباً سيصدر عفواً عاماً جديداً، يحاول من خلاله أن يصطاد عصفورين بحجر واحد، الأول إرضاء العرب.

أما العصفور الثاني فهو إخراج بعض المجرمين-  جزء من السويداء- وربما إرهابيين، ليرسلهم إليها لممارسة التخريب ويجعلهم حجه للتدخل العسكري بدعوى فرض الاستقرار وحماية المدنيين، وبعدها يعود إلى عادته وينوّم  المبادرة العربية، للاستمرار في سياسة كسب الوقت، لأنه يعلم تماماً، أنه إذا ذهب لقمع السويداء دون تخفيف الضغوط الخارجية وكسب العرب ستكون نهايته، وإذا طبق بنود المبادرة العربية ستكون نهايته أيضاً.

حلان انتحاريان

قد تمنع عنجهية الأسد الجنونية المعتادة، تقديم أي تنازلات للعرب وتدفعه إلى اللجوء لحلول انتحارية، خاصة وأن السويداء ذهبت بعيداً بثورتها ضده وضد نظام حكمه ولا مجال للتراجع، وتتمثل تلك الحلول إما بالحل العسكري الذي حاول تجريبه لكنه لا يملك القدرة عليه حالياً كما سرّبت بعض المصادر، والحل الآخر هو الاغتيالات التي يأتي على رأس أهدافها الشيخ حكمت الهجري وهو ما سبق وأن أشار إليه ابن السويداء الكاتب والصحفي ماهر شرف الدين.

التعليقات (4)

    هذيان

    ·منذ 7 أشهر 3 أسابيع
    شوي شوي لا تسقط علاراسك؟!

    أبو حسين من السويدا

    ·منذ 7 أشهر 3 أسابيع
    لا استبعد الحل العسكري لكن نسبته 10٪ و السبب ان السويداء فيها اعداد كبيرة من الشباب و حملة عسكرية بدون دعم طيران روسي ستكلف النظام فعدم دفع الرواتب بالدولار جعل أغلبية قواته الرديفة ترجع لبيتها و يمكن تنفيذ هذا الأمر لكن يتطلب سحب قوات الشمال و الوسط (لن يسحب من دمشق قوات لانه يعي أهمية دمشق) فعند سحب قوات على حدود ادلب فسيكون انام تهديد كارثي بهجوم على ريف اللاذقية من قبل ادلب و لن يتوقفوا بينما يعرف ان معارضة السويداء و درعا مدنية و لن ينقلوا لمرحلة الهجوم على دمشق و لا يوجد بالأصل رغبة و لا نية بالتوجيه العسكري نحو دمشق فالأفضل له تركهم. أما قوات إيرانية تكلفتها المادية عالية و تمركزها بدير الزور اكثر أهمية.

    النسر الحر

    ·منذ 7 أشهر 3 أسابيع
    يجب أن تكون الضربة القاضية لإنهاء حكم الوريث القاصر لا مهادنة ولا تصديق لأكاذيب المجرم قائد مليشيا أسد

    سويداء القلب 🖤

    ·منذ 7 أشهر 3 أسابيع
    لا ولن يستطيع النظام مجابهة أهل السويداء، و في حال أقدم على ذلك، ف عندها أفلس سياسيا ليكون أقرب في تمثيل جزء، و أكرر كلمة جزء من طائفته، ف أنا أعرف الطائفة العلوية الكريمة جيدا، و لديا من الأصدقاء، و منهم يرتقون لحد أن يكونوا أخوةً لي، و ما زلنا نتواصل. الطائفة رهينة لدى النظام ليس إلا.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات