روسيا تستخدم عملية أمنية في درعا للتغطية على تفجير حافلة "الفرقة الرابعة" بدمشق

روسيا تستخدم عملية أمنية في درعا للتغطية على تفجير حافلة "الفرقة الرابعة" بدمشق

سارع الاحتلال الروسي لاستخدام ذرائع بعيدة عن المنطق العسكري والاستراتيجي للتغطية على أكبر الخروقات الأمنية وبصمات "الخيانة" في صفوف نظام أسد وميليشياته، من خلال تحميل بعض المتهمين بالانتماء لتنظيم داعش في محافظة درعا، مسؤولية تفجير الحافلة العسكرية بمحيط العاصمة دمشق.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية في خبر نقلته وكالة (تاس) الرسمية، أنها نفذت عملية مشتركة مع ميليشيا أسد وتمكنت من خلالها من تصفية 20 عنصراً من صفوف تنظيم داعش في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، "الذين نفذوا تفجير حافلة للجيش السوري في 13 أوكتوبر في إحدى ضواحي دمشق".

وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في دمشق، اللواء أوليغ إيغوروف، "نفذت المجموعة الروسية، بالتعاون مع وحدات أمن الدولة والقوات المسلحة في سوريا، في قرية جاسم بمحافظة درعا بجنوب الجمهورية العربية السورية، عملية خاصة للقضاء على مسلحي داعش المتورطين في  تنفيذ هجوما إرهابيا في 13 أكتوبر إذ قاموا بتفجير حافلة بجنود من الفرقة الرابعة للدبابات التابعة للجيش السوري في قرية صابورة بمحافظة دمشق، ما أسفر عن مقتل 19 شخصا وإصابة 22 آخرين".

وأسفرت العملية الروسية، بحسب البيان، عن تصفية 20 مسلحاً، "بينهم منظمي الهجوم أبو عبد الرحمن العراقي (زعيم الخلايا النائمة العاملة في المحافظات الجنوبية من سوريا، ومحمد سمير قداحة (القائد السابق لداعش في محافظة درعا)، وفيصل يحيي الحاكي قائد داعش في قرية جاسم) وأيوب فضل الجبراوي (القائد السابق لعصابات داعش  في محافظة الرقة)".

مسرحية متكررة

وجاءت التصريحات الروسية الأخيرة لتحميل مجموعات محلية متهمة بالانتماء لتنظيم داعش في محافظة درعا، مسؤولية الوقوف وراء التفجير الأخير الذي استهدف قبل أيام، حافلة مبيت عسكرية لميليشيا أسد، على طريق دمشق - الصبورة الواصل بين منطقتي قدسيا ودمّر إلى منطقة الزبداني، وأسفر عن مقتل وإصابة ما يزيد عن 50 عنصراً من صفوف "الفرقة الرابعة".

وأثار تفجير الحافلة العسكرية غضباً في صفوف الحاضنة الموالية لنظام أسد، كون السيناريو المتكرر وقع في داخل ثكنات الميليشيا بمحيط العاصمة دمشق، وهي منطقة تعد عالية الحصانة الأمنية كونها أهم معاقل الفرق الأساسية في الميليشيا من "الفرقة الرابعة" و"الحرس الجمهوري"، فيما كان التفسير الوحيد لأسباب التفجير لدى الموالين هو "الخيانة الداخلية" في صفوف ميليشيات أسد، كون التفجير أُعدّ داخل الثكنات العسكرية وكراجات الانطلاق المحصّنة بحراسة شديدة في منطقة معلنة سابقاً بأنها خالية من "العصابات الإرهابية" وفق رواية إعلام أسد.

وكتب دريد ابن عم بشار أسد تعليقاً على التفجير: "هلق معقول ما عم نقدر نأمن لكل حافلة مبيت عسكري مرآة عاكسة يتم من خلالها فحص أسفل هذه الحافلة للتأكد من خلوها من أية عبوات متفجرة قبل صعود الناس إليها ؟! معقول ؟! مراية يا جماعه مرايه"، أما الصحفية المنحدرة من القرداحة (فاطمة سلمان) كتبت تعبيراً عن السخط الشعبي: "لازم كل باص مبيت يركب فيه ابن مسؤول وهيك الباص بيتم فحصه بالمجهر قبل انطلاقه".

وبعد يوم، أُطلقت عملية عسكرية وأمنية بدفع من ميليشيات أسد وروسيا في مدينة جاسم شمال درعا، ونفذتها مجموعات التسوية المحلية التابعة للميليشيا بهدف القضاء على عدد من العناصر المتهمين بالانتماء لتنظيم داعش في المدينة، وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر التنظيم، إضافة لإجراءات أمنية ساهمت في تقليص وجودهم في المنطقة من قبل الأهالي الذين يحاولون سحب ذريعة وجود الإرهاب في المنطقة تجنباً لعملية عسكرية من ميليشيا أسد وروسيا.

وعليه، سارع الاحتلال الروسي لاستثمار العملية العسكرية في ريف درعا وتحميل بعض المسلحين في المنطقة، مسؤولية التورّط بالتفجير الذي استهدف حافلة ميليشيا "الفرقة الرابعة"، والذي فضح الخلل الأمني داخل أروقة النظام وضباطه وكذلك ما ترتب عليه من غضب الموالين.

سيناريو فاشل

لكن الربط الروسي بين تفجير حافلة "الفرقة الرابعة" بمحيط دمشق، وبين العملية العسكرية في مدينة جاسم بريف درعا، يمكن ضحده وتكذيبه من خلال الوقائع الميدانية والمنطق الجغرافي، كون العاصمة دمشق ومحيطها تخضع لحماية أمنية عالية المستوى من جهة، وكذلك فإن موقع التفجير يبعد جغرافياً بشكل كبير عن ريف درعا الشمالي، حيث موقع المسرحية الروسية المزعومة.

وعادة ما تبقى حافلات المبيت بكراجات مخصصة للأجهزة الأمنية، ما يرجح وقوف عناصر من أجهزة نظام أسد الأمنية وراء تفخيخ الحافلة.

ويتضح من تقاطع الشهادات أنّ المستهدفين هم عناصر بالأجهزة الأمنية، كما إنّ العبوات الناسفة تمّ وضعها داخل الكراج الخاص بذلك الباص ولم تكن مزروعة بالطريق، الأمر الذي يؤكد أنّ هناك اختراقاً كبيراً داخل تلك الميليشيات أو الأفرع الأمنية.

حصار جاسم

وكانت ميليشيا أسد هددت في الأسبوع الأول من شهر أيلول الماضي باقتحام مدينة جاسم شمال درعا في حال لم تنفّذ بعض الشروط التي تحاول فرضها وعلى رأسها "إخراج الغرباء"، وذلك بعد استقدام تعزيزات عسكرية ضخمة لمحيط المدينة بهدف حصارها حتى تنفيذ الشروط، في سيناريو مشابه لمناطق أخرى في درعا الخاضعة لاتفاق التسوية عام 2018.

وجاء ذلك خلال اجتماع جرى بين رئيس ميليشيا (الأمن العسكري) لؤي العلي ومحافظ درعا لؤي خريطة، وبين وجهاء وقادة جاسم في المركز الثقافي داخل المدينة، وذلك للتفاوض حول مصير المدينة والوصول لحل يُنهي التصعيد العسكري، حيث طالب العلي من وفد الوجهاء والقادة في جاسم، إخراج الأشخاص "الغرباء" من المدينة، في إشارة لبعض المتّهمين بالانتماء لتنظيم داعش من الغرباء القاطنين في مدينة جاسم، مقابل تهديد الميليشيا باقتحام المدينة في حال لم تُنفَّذ تلك المطالب.

غير أن أهالي مدينة جاسم وقياديي الفصائل المحلية فيها، نفوا مراراً عبر بيانات رسمية وتصريحات صحفية وجود مجموعات تابعة لتنظيم داعش في المنطقة لدحض ادعاءات نظام أسد وسحب الذريعة من ميليشياته التي حاولت في الأشهر الماضية حصار المدينة والتهديد باقتحامها لتفريغها من المقاتلين المعارضين للنظام بحجة مزاعم "الإرهاب" والفصائل المتشددة.

سيناريو "طفس" يتكرر في "جاسم" وميليشيا أسد تُشهر سلاح القصف والاقتحام

تفجيرات مماثلة

وفي شباط الماضي (2022)، شهدت مناطق نظام أسد تفجيرين متعاقبين أحدهما استهدف حافلة مبيت في ساحة الجمارك وسط العاصمة دمشق، وبالقرب من ساحة الأمويين، وأسفر حينها عن مقتل وإصابة عشرات العناصر من ميليشيا أسد وبينهم ضباط، واتهمت وزارة دفاع أسد "إرهابيين" بتفجير الحافلة عبر زرع عبوة ناسفة فيها، رغم الانتشار الأمني المكثف لميليشيات أسد من (جيش ومخابرات وشرطة) ورغم خلو مدينة دمشق ممن وصفهم النظام بـ "الإرهابيين".

كما تزامن تفجير دمشق مع تفجير حافلة عسكرية أخرى على طريق حمص، وأسفر عن مقتل ضابطين طيارين برتب (عقيد ومقدم) من مرتبات مطار الشعيرات الإستراتيجي، وإصابة ضابط برتبة لواء ركن من مرتبات "الحرس الجمهوري"، وأكثر من 11 عنصراً آخر.

تفجيرا دمشق وحمص.. تنبؤات روسية نفذها نظام الأسد

 

التعليقات (1)

    رائد

    ·منذ سنة 6 أشهر
    احتمال وارد
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات