"سيرجي لافروف" وزير الخارجية الروسي يدعو الأمم المتّحدة ومجلس الأمن الدولي لتطبيق "القانون الدولي"، أوَ ليس هذا من أجمل الأخبار التي يمكن سماعها في هذه الأوقات؟.
في آخر عدوان رسمي ممنهج وحشي على "غزّة" في أيّار 2021 وقف الرئيس الأوكراني"زيلينسكي" مع "إسرائيل" بذريعة حقّها -الذي تتذرّع به كلّ الأنظمة السياسية الحقيرة- في الدفاع عن النفس، ولقد دافعت "إسرائيل" بالفعل عن نفسها وقتلت ما ومن قتلت من الفلسطينيين المدنيين العزل، ومن غير المفهوم حتّى الآن لماذا لم تردّ "إسرائيل" المعروف لزيلينسكي -بالتصريح على الأقلّ- على موقفه، هذا الرئيس المناضل البهلوان؟، أم إنّ الروس أهمّ وأعلى قيمة سوقية، لأنّهم يقومون بالدور المطلوب في سوريا مثلاً.. قتلاً واحتلالاً وتدميراً، فأقلّه السكوت عمّا يفعلونه أو سيفعلونه في أوكرانيا؟، وهنا السؤال: وماذا يعني "إسرائيل" ما يجري في "سوريا" أصلاً؟، وما هذا الدور التخريبي التدميري الذي يقوم به النظام الروسي فيها فيصبّ في المصلحة الإسرائيلية؟، والجواب الذي لا يحتاج إلى دلائل أو قرائن ولا إلى مصادر هو أنّ تحطيم "سوريا" تحطيماً يعني انعدام أيّة قدرة على تهديد الأمن الإسرائيلي من هذا الجانب، هكذا ببساطة، فلقد اندلعت الثورة السورية العظمى وقلّص ذلك من الاحتمالات التاريخية والسياسية والعسكرية القائمة والمحتملة وهي ثلاثة: احتمال بقاء أسد واستمرار السنوات الطوال في حماية "إسرائيل"، احتمال زواله وخسارة هذه الحماية المستمرّة العميقة، أو احتمال زواله وبذلك قد تبقى وتستمرّ هذه الحماية أو لا، ليبقَ إذاً.. ففي بقائه ضمان مطلق لاستمرار الحماية، ولتذهب أيّة احتمالات أخرى إلى الصفر.
يحدث هذا في الوقائع السورية الروسية الإسرائيلية الأوكرانية، فالحكومة الروسية تحارب الشعبين السوري والأوكراني، الحكومة الأوكرانية تقف إلى جانب الحكومة الإسرائيلية، الحكومة الروسية تدعو إلى وقف إطلاق النار في "غزّة"، نفسها الحكومة التي وقفت في وجه قرارات مجلس الأمن ضدّ تنفيذ 12 قراراً صادراً عنه موافقاً للقانون الدولي منذ 2011 كان منها 6 قرارات متعلّقة باستخدام نظام أسد "الأسلحة الكيماوية" ضدّ السوريين، والحكومة الإسرائيلية تقف بمواجهة "إيران" الداعمة لحكومة أسد وفي وجه أطماعها التوسّعية في المنطقة العربية وغيرها، وهي نفسها التي دعمت "حماس" التي عادت إلى "أسد" في أيلول 2022، "أسد" الذي لا يستحقّ حتّى وضع اسمه بعد تنكيره بحذف "الـ"، الذي قال بعد شهور من هذه الحادثة المُصيبة -أي بعد لقائه بوفد من حماس- وفي مقابلة مع "سكاي نيوز العربية" وبالحرف: (إنّ موقف "حماس" موقف غدر، وهي جهة تدّعي المقاومة، والمقصود بذلك القيادات في حماس، الجهة التي ادّعت المقاومة، وهي نفسها من حملت أعلام الانتداب الفرنسي على "سوريا")، ولقد قصد ذلك الحيوان -حسب تصنيف الثور "ترامب"- بهذه الأعلام أعلام الثورة السورية، والإجابة: إنّها الثورة السورية العُظمى، ولقد كان علمها علم الاستقلال والجلاء عن "فرنسا"، ولم يكن علم انتداب أو انجذاب.
أمّا في الوقائع العربية العربية وهذا على صعيد "الأنظمة الحاكمة الغاشمة"، فالإمارات مع مصر ضدّ حماس، ومصر مع السعودية ضدّ حماس، السعودية مع الأردنّ ضدّ حماس، والأردنّ مع "السلطة الفلسطينية" ضدّ حماس، ونظام أسد الروسي الإيراني مع كلّ ما هو ضدّ "حماس"، مع أنّه وفي نفس الوقت وما بعده الذي صرّح فيه أسد بأنّ موقف "حماس" موقف غدر، كانت "روسيا" و"إيران" تقفان أو تدعمان شكلياً "حركة حماس"، أَلا تكفي تصريحات "لافروف" النارية ومطالباته العلنية للأمم المتّحدة الأبية بتطبيق القانون الدولي؟.
"الدعارة" لا تقتل أحداً، امرأة، قوّاد، مستفيد مموّل، رذيلة، انحطاط أخلاقي، عقوبة ربّما وربّما لا، لكنّها لا تقتل أحداً، أمّا "الدعارة السياسية" التي تمارسها الأنظمة والحكومات الغربية والشرقية والعربية بحقّ الشعوب في كلّ مكان من هذا العالم فشأن آخر.
ولقد كان التركيز دائماً على هذه المنطقة من العالم، الشرق الأوسط، لأسباب يحتاج بيانها وقتاً طويلاً، وكان الاستهداف المباشر للمسلمين "السنّة" بالحروب أو بصفقات الإخضاع والإذعان من خلال التطبيع وآليات سحب فكرة المقاومة كلّياً من الذهن العربي، ثمّ واستهداف هذه الفكرة مباشرةً وبكلّ وضوح وشراسة وهمجية من خلال ما حدث ويحدث وسيستمرّ في "غزّة" طالما بقيت هذه الرغبة الشديدة وهذا الهياج السافل لممارسة الدعارة والرذيلة، مع التأكّد دائماً بوجود الدعم المستمرّ بل والشراكة المستقرّة مع "شرطة الآداب العالمية".
لن يمكن فهم فكرة المقاومة التي تدّعيها "قيادات حماس" منذ 15 أيلول 2022، على الأقلّ وبالمعلن، فلقد مارست هذه القيادة أيضاً الدعارة السياسية مع نظام أسد بأوامر إيرانية وربّما روسية وأمريكية وغير ذلك -لا أحد يعرف تفاصيل وخفايا القوادة العالمية- وتمّ ذلك بوساطة حسن نصر العواميد بينها وبين أسد، اليوم الذي أصدرت فيه بياناً قالت فيه: (نؤكّد وقوفنا بجانب سوريا الشقيقة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، نقدّر لسوريا حكومةً وشعباً دورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ونتطلّع إلى استعادة سوريا مكانتها ودورها في العالمين العربي والإسلامي.. وإلخ)، وقت وصف "يحيى السنوار" سوريا بسوريا الأسد، سوريا الأسد يا سنّور؟. أو ليست هذه دعارة سياسية؟، ماذا يمكن تسميتها؟، ثمّ وماذا يمكن وصفها بعد التسمية حين قال أسد عن حماس بعد أشهر إنّ موقفها موقف غدر ومقاومتها مجرّد ادّعاء؟، أبقوادة أمريكية أم إسرائيلية أم روسية أو إيرانية انسحب أسد من موقفه الأوّل إلى موقفه الثاني؟، القبول بالدعارة ثمّ محاولة التنصّل منها؟.
تمارس كلّ هذه الأنظمة والحكومات والمنظّمات والحركات السياسية والحزبية والدينية على أنواعها كلّ أشكال "الدعارة السياسية" بين بعضها بعضاً، وتدفع الشعوب الأثمان الباهظة من دمائها وبلادها ومستقبلها بحجج الدفاع عن النفس كما تفعل إسرائيل، وبحجج المقاومة كما تدّعي إيران، وبحجج محاربة الإرهاب كما يقول بايدن وبوتين، وللتحرير كما يخطب علينا قادة حماس السياسيون من قطر، لكنّما وللحقيقة.. يبقى لأسد حصّته الأكبر من الوليمة، وهذا طبيعي جدّاً.. أوَ ليس أسداً؟.
التعليقات (2)