مرضان خطيران يهددان أطفال سوريا بمناطق أسد

مرضان خطيران يهددان أطفال سوريا بمناطق أسد

بدأت آثار الأزمات الاقتصادية والمعيشية بالظهور على مستقبل سوريا، بعد أن أنهكت حاضرها، مع ارتفاع نسب الأطفال والرضع المصابين بسوء التغذية وفقر الدم الحاد، الأمر الذي يهدد الهرم العائلي وفقدان أجيال من الأطفال السوريين، في ظل قلة المساعدات وسرقة معظمها من قبل "ميليشيات أسد" والشبيحة.

وتصاعدت التحذيرات من ازدياد أعداد الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 6 و 59 شهراً الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 48 بالمئة عن عامي 2021 و2022، وانتشار الأمراض الناجمة عن ضعف المناعة، ما يزيد من احتمالية الوفاة بمعدل 11 مرة أكثر من معدل الأطفال الطبيعيين.

الوضع المعيشي يفتك بمستقبل سوريا

وشهدت الأشهر القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المصابين بفقر الدم الحاد والكساح وغيرها من الأمراض الناجمة عن سوء التغذية في مناطق سيطرة مليشيا أسد، مع تعاظم مسبباتها من انحدار اقتصادي وتضخم كبير أنهى القدرة الشرائية للسكان وجعلهم يعانون للحصول على أدنى حقوقهم الاقتصادية، ما أدى إلى حرمان الأطفال والأمهات المرضعات والحوامل من الغذاء اللازم لتنمية الطفل.

ولم ينفِ مدير قسم الأطفال في مشفى المجتهد بدمشق "قصي الزير" تأثير الانهيار الاقتصادي على جميع الفئات العمرية وخاصة الأطفال، حيث ازدادت حالات سوء التغذية وفقر الدم بشكل مضاعف في مناطق سيطرة ميليشيا أسد.

ويؤكد الزير على وجود برامج متابعة للأطفال منذ عمر 6 أشهر، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وتأمين الأغذية الأساسية والفيتامينات اللازمة المصابين بسوء التغذية الشديدة. 

لكن محمد الذي يعيش في مدينة حلب، أكد على أن ما يتم الحصول عليه في المراكز الصحية مجرد مكملات بسيطة لا تغطي العلاج، ما يدفع الأهالي إلى تحمل نفقات تطبيب أطفالهم المرتفعة جداً.

ويشير إلى أن تغطية علاج ابنته التي وصلت مرحلة خطر الإصابة بالكساح جراء النقص الحاد في الفيتاميات، تكلفه أكثر من 500 ألف ليرة شهرياً، عدا عن الأغذية المجبر على تأمينها إلى جانب العلاج والتي تصل كلفتها إلى 800 ألف ليرة شهرياً.

المراكز الصحية والعلاج يدمران الأهل

ويوضح أن ابنته التي لم تبلغ عامها الثاني بعد، تراجع المركز الصحي بانتظام للحصول على اللقاحات، وبالتالي فإن عملية معاينتها واكتشاف المرض يفترض أن يكون من مهام الأطباء الموجودين داخل المركز.

ويقول: قبل نحو شهرين، بدأت الحبوب تظهر في جسد ابنتي وأخذت حركتها تقل، وأصبحت تتعب لدى بذل أدنى جهد وتنام كثيراً، ولم نهتم كثيراً للأمر، حيث اعتقدنا أن الحرّ سبب قلة حركتها، خاصة وأنها تحصل على معاينة دورية في المستوصف الذي يخبرنا بنموها الطبيعي.

ويضيف: بعد انتشار الحبوب وبكائها المستمر قمنا بمراجعة طبيبة الأطفال التي أكدت بعد طلب تحاليل للطفلة وصولها مرحلة خطر إصابتها بالكساح والتقزم لعدم نموها بشكل طبيعي ومعاناتها من سوء تغذية حاد.

ويردف: يبلغ ثمن الوصفة التي يجب أن تتجدد كل 15 يوماً أكثر من 150 ألف ليرة، والتحاليل نحو 100 ألف ليرة، عدا عن اللحوم والمشتقات الحيوانية والمكسرات وغيرها من الأغذية التي نشتريها بالغرامات لتغطية حاجة الطفلة فقط، ما جعلني أنكسر لأشقائي في الخارج وأطلب الأموال منهم لعجزي عن توفير العلاج.

ويشير إلى أن الطبيبة وصفت لهم علاجاً يفترض أن يستمر لثلاثة أشهر مع إجراء تحاليل دورية، على اعتبار أن الكساح ليس التهديد الوحيد الذي تواجهه الطفلة، في ظل أعراض فقر الدم والتقزم وسوء التغذية.

التقزم يهدد مواليد سوريا

وتقول منظمة اليونيسف في تقريرها الصادر شهر آذار/مارس الماضي، إن أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون التقزم في سوريا، نتيجة سوء التغذية المزمن الذي يسبب أضراراً بدنية وعقلية للأطفال لا يمكن التعافي منها، ما يؤثر في قدرتهم على التعلم وإنتاجيتهم في سنّ البلوغ.

ويعرف التقزّم أو قصر القامة بالنمو المقيد، حيث تكون القامة أقصر من الشريحة المئوية للعمر والجنس، ورغم شيوعها وإصابتها لخمسة أطفال من 100 طفل حول العالم، إلا أنها في سوريا تصيب طفلاً من كل ثلاثة أطفال، جراء الأزمات الغذائية وعجز الأهالي عن تأمين طعام صحي وكافٍ لأسرهم.

وتعتبر طبيبة أطفال تواصلت معها أورينت في مناطق سيطرة ميليشيا أسد "طلبت عدم ذكر اسمها" أن آثار الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها السكان اليوم، تهدد الهرم الأسري والصحة النفسية والجسدية للسورين ومعدلات الأحجام، فضلاً عن آثارها بانخفاض أعداد المواليد.

الأسرة السورية في خطر

وتوضح الطبيبة أن المرض يبدأ من الأهل، مع حرمان الأم من الحصول على الغذاء المناسب والصحي حتى ما قبل مرحلة الحمل وتستمر ما بعد الولادة والرضاعة الطبيعية، فضلاً عن وضع الأب الذي يعاني من شيخوخة الجسد رغم شبابه، وبالتالي نقله أمراضاً وراثية للجنين.

وتقول أيضاً: هناك ارتفاع في معدلات الإجهاض بشكل لافت للأمهات الحوامل بسبب ضعف الجسد وعجزه عن تحمل الحمل وإمداد الجنين بالتغذية، وبالتالي فشل نموه المناسب ما يؤدي إلى وفاته.

مضيفةً: بالنسبة للمواليد الذين تكتب لهم الحياة، فهم عرضة لأمراض كثيرة ناجمة عن نقص العناصر الغذائية وارتفاع نسب الالتهابات مع ضعف حاد بالمناعة، وهي أمراض منقولة من الأم، ومع اعتماد الأهل على الرضاعة الطبيعية التي يشجعها الأطباء. تتابع: يخسر الطفل فرص تعويض النقص، خاصة وأن وضع الأم غالباً ما يستمر بالتدهور مع تخلي العائلات عن معظم العادات الغذائية للمرضعات من طعام غني بالبروتينات والكلس والكالسيوم، ما يؤدي إلى ظهور أمراض جديدة مثل فقر الدم وهشاشة العظام وضعف عضلات القلب والتقزم.

وتشير إلى أن هذه الحالات بدأت بالانتشار خلال السنوات الأربع الماضية، جراء عجز الأهالي عن توفير غذاء مناسب لأطفالهم، ما يجبر الأطباء على وصف الأرياف كخطة علاجية بديلة، حيث يوفر الريف الغذاء بشكل أكبر عن المدن، إضافة إلى التعرض لأشعة الشمس التي تعتبر مصدراً طبيعياً لفيتامين د، وما تمنحه حياة الريف من توازن الغذاء عن طريق الزراعة أو تربية الدواجن.

وكان موقع أورينت قد نشر قبل نحو عامين تقريراً عن هجرة الأسر العكسية من المدن إلى الأرياف، بحثاً عن الغذاء لأطفالهم المصابين بالمرض، ما يعني أن الأرقام والنسب قد تضاعفت بشكل كبير خلال العامين الماضيين، مع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة العجز.

ويؤكد ماسبق إلى جانب استمرار إهمال مؤسسات أسد الصحية، أن سياسات إمبراطور الكيبتاغون بشار أسد الاقتصادية، الذي يستمر برفع الأسعار الأساسية من محروقات، ودواء، وغذاء أصبحت مصدر تهديد لوجود العائلة السورية ومستقبلها وإرثها المادي واللامادي.

التعليقات (1)

    محب بلاد الشام

    ·منذ 7 أشهر ساعتين
    لا حول ولا قوة الا بالله
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات