حتى العراق والجزائر لم يرسلا.. بشار الأسد بلا برقيات تهنئة بالعيد: ما الرسائل؟

حتى العراق والجزائر لم يرسلا.. بشار الأسد بلا برقيات تهنئة بالعيد: ما الرسائل؟

خلافاً للأعياد السابقة، لم يتلقّ بشار الأسد حتى ساعة إعداد التقرير برقيات تهنئة بمناسبة عيد الأضحى من زعماء عرب حتى من أولئك الذين يعدهم قريبين منه مثل الجزائر والعراق وعمان وتونس والأردن، كما درجت العادة، وأيضاً لم تعلن أية عاصمة عربية أنها أرسلت برقيات تهنئة، عدا عن اتصال هاتفي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جرى بينهما عشية العيد واتصال آخر مع رئيس الإمارات تم مساء أول أيام العيد وربما جاء بمبادرة من بشار الأسد.

وكان من المفترض بعد إعادة النظام للجامعة أن تزداد مثل هذه الشكليات، لا أن تتراجع بشكل لافت كما هو الحال في هذا العيد، خاصة من قبل زعماء دول درجوا على التواصل معه في مثل هكذا مناسبات، إذ يبدو أنهم ساروا على خطا زعماء آخرين لم يسجل لهم طيلة السنوات الماضية أي اتصال مع بشار الأسد، الذي عادة ما يحتفي إعلامه بأي تواصل مهما كان صغيراً أو يتعلق بمسائل شكلية وينفخ به ويجعله حدثاً بوصفه معياراً لعودة الأمور إلى مجاريها قبل العام 2011.

تساؤلات

وبالنسبة للعرب فإن عدم تبادل برقيات التهنئة مع النظام بهذا العيد يمكن وضعه في إطار التساؤلات لا أكثر، إذ إنه ليس دليلاً ذا معنى قطعي على أنهم اتخذوا موقفاً موحداً منه ويمكن البناء عليه، ولا سيما أن اندفاعتهم تجاهه لم يطرأ عليها أي تعديل بعد أن بلغت ذروتها بإعادته للجامعة العربية وحضوره القمة العربية في جدة يوم 19 من أيار مايو الماضي على الرغم من حالة الصمت غير المتناسبة مع ما كان تحدث به مسؤولون عرب عن بدء العمل في مسار عربي للحل السياسي.

أما لماذا هذا الصمت من جانب العرب على الرغم من أن النظام قابل بالتمرد "كرمهم المستهجن" الذي تم تقديمه للنظام على طبق من ذهب فإنه أيضاً يُضاف إلى تساؤل عدم تبادل البرقيات معه، إذ لم يعلن أي مسؤول عربي ولا سيما من قبل أصحاب مبادرة المسار أي موقف يوضح فيه أسباب عدم تحرك مسار القضية السورية على الرغم من مرور شهر ونصف الشهر على القمة، لا بل على العكس تلاشى زخم التحركات التي رافقت بياني جدة وعمان اللذين وضعا شروطاً لإعادة النظام للجامعة ووقع عليهما وزير خارجيته فيصل المقداد، وصادق عليها عملياً بشار الأسد من خلال حضوره القمة العربية.

ولا شك أن العرب تابعوا موقف النظام الذي أعلنه بعد أيام قليلة على قمة جدة، إذ ظهر وزير خارجيته فيصل المقداد في مقابلة تلفزيونية متجاهلاً أياً من من تلك التعهدات، بل ورافضاً بشكل غير مباشر القرار 2254 الذي استند عليه البيانان، وزاد بأن عمل لجنة المتابعة التي ضمت مصر والسعودية والأردن والعراق وشكلتها الجامعة العربية يندرج في إطار تشكيل "خط عربي لدعم سوريا وليس لتنفيذ التعهدات!"، كما سخر من اللجنة الدستورية والانتخابات، وعدّ بأن النظام تقدم مئات الخطوات ولم يلق مقابلها أية خطوة من الأطراف الأخرى التي عليها بحسب المقداد أن "تُبدي حسن نوايا، وأن تتوقف عن دعم الإرهاب وتجويع الشعب السوري وأطفال سوريا، وتساهم في نهضة الشعب السوري الجديدة...!".

ولم يصدر موقف عربي إزاء تصريحات المقداد التي بدت أكثر من انقلاب على التعهدات وهجوم على العرب، ويمكن وصفها بأنها وضعت العرب أمام خديعة من النظام لما تضمنته من رفض لمبدأ الخطوة بخطوة التي ترجمها النظام بأن على العرب أن يتقدموا خطوة تلو الأخرى إزاءه، في مقابل إعادته للجامعة العربية، وهو الخطأ الذي ارتكبه العرب بأن وضعوا الحصان أمام العربة كما يقال، وأيضاً لم يجب العرب لماذا لم يحدث أي شيء ملموس بالنسبة للاجئين أو الأوضاع الإنسانية للأهالي، أو المعتقلين وحتى في ملف تهريب الكبتاغون الذي أغرق سوق الخليج به. 

وأيضاً صمت العرب إزاء لجنة المتابعة على الرغم من أن النظام وضعها في إطار داعم له، وأوحى بأن وظيفتها هي إقناع المجتمع الدولي بشرعنته، في حين كان الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط أعلن قبل نحو شهر ونصف أنه سيكون هناك اجتماع "عاجل" للجنة المتابعة من أجل التسوية التدريجية للوضع السوري بحسب تعبيره، ولم يأت هذا العاجل بل مضى عليه أكثر من شهر ولم يعقد اجتماع للجنة وتبدد الزخم الذي رافق القمة وقبلها بيانا عمان وجدة. 

وقد لا يكون من باب الصدفة أن تنشر مجلة "المجلة" السعودية عشية عيد الأضحى نص "المبادرة الأردنية" حول القضية السورية تحت عنوان لافت: "المجلة" تنشر "المبادرة الأردنية" لسوريا... ثلاث مراحل تنتهي بخروج إيران و"حزب الله" .. تلك المبادرة التي قال عنها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بأنها دمجت في إطار بيان جدة وأصبح هناك مسار سياسي واحد للحل السياسي على أساس الخطوة بخطوة، والهدف الشامل هو الوصول إلى حل سياسي على أساس القرار 2254. 

عزلة بروتوكولية

ولكن نشر هذا الملف لا يعد موقفاً عربياً حتى لو ركز على إيران وتبعية النظام لقرارها وبأنهم لن يتخلوا عن موقفهم بإنهاء الوجود الإيراني والميليشياوي التابع في سوريا، كما إن شبه العزلة البروتوكولية التي أحيط النظام بها عربياً خلال عيد الأضحى لا يعد فاعلاً ولا يمكن أن يشكل ضغطاً عليه حتى لو أدى إلى تثبيط حديث النظام عن نشوة النصر التي يروج لها، وبأن العرب هم من عادوا إليه وليس العكس.

تطرح علاقة العرب بالنظام والمسار الذي صاغوه للبدء بالحل السياسي تساؤلات عن الخطوة اللاحقة بعد الخديعة التي واجهتهم من النظام والتي كان من المفترض أن يتوقعوها، فهم لا شك يدركون بأنهم أمام نظام لا يختلف زعيمه عن أي زعيم ميليشياوي في مناطق النفوذ، يدين ببقائه لقوى خارجية ويستمد مشروعيته منها، وعليهم الإعلان صراحة وبعيداً عن التلميحات أو الإشارات والرسائل السياسية أن النظام رفض مبادرتهم، وأن ما أقدموا عليه بإعادته للجامعة هو خطأ إستراتيجي، فما زالت دماء السوريين تسفك على يد آلة النظام وقوى الاحتلال الروسية والإيرانية صاحبة القرار الرئيس في مناطق النظام.

التعليقات (3)

    مؤيد غازي طه

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    لولا سفاهة وعهر الانظمة العربية لما تجرأ هذا المجرم على فعل كل هذه الجرائم بحق أهل السنة في سوريا فماذا ينتظرون من نظام لا يفهم سوى لغة القتل والتشريد

    Lula Savana

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    لأن رؤساء الدول اصبحت تعرف بأن بشار يهودي وأن كلمة اضحى سعيد ليس في محلها، وعلى رؤساء هذه الدول معايدته بكلمات تخص أعياده كأن يقولوا له كيبور سعيد، أو يوم الغفران سعيد، أو بوريم سعيد، أو خريان سعيد وهكذا

    لطيزكن

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    رجع غصب عن العرب ومبر راسو اكتر
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات