لم تمرّ سوى أيام قليلة على إعلان اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران، البلدين اللذين وقفا على طرفي نقيض مما جرى في سوريا خلال السنوات الماضية، حتى بدأت التصريحات حول التطبيع بين نظام أسد والسعودية تخرج إلى العلن وعلى مستويات رسمية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن 3 مصادر إقليمية مطّلعة لم تكشف عن اسمها، قولها إن نظام أسد والسعودية اتفقا على إعادة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أكثر من عقد من الزمن.
وقال مصدر موالٍ لنظام أسد إن "الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخماً بعد اتفاق تاريخي لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران"، فيما أفاد مصدر متحالف مع النظام بأن فتح السفارتين سيكون بعد عيد الفطر.
في حين أشار أحد المصادر ودبلوماسي من الخليج إلى أن قرار استئناف الخدمات القنصلية جاء نتيجة محادثات في السعودية مع مسؤول استخباراتي رفيع بنظام أسد.
تأكيد سعودي
وأكد التلفزيون السعودي الرسمي في وقت لاحق نقلاً عن مسؤول بوزارة الخارجية السعودية، أن المحادثات جارية مع وزارة خارجية أسد لاستئناف الخدمات القنصلية.
فيديو عاجل | الخارجية لـ #الإخبارية: مباحثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية#الإخبارية pic.twitter.com/hBvqKK2toQ
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) March 23, 2023
رئيس مخابرات أسد زار السعودية
وبحسب مصادر الوكالة، فإن رئيس إدارة مخابرات أسد حسام لوقا "مكث عدة أيام" في الرياض وتم التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح السفارات "في القريب العاجل"، مشيرة إلى أن المحادثات شملت الأمن على الحدود السورية مع الأردن وتهريب الكبتاغون.
واعتبرت أن المحادثات بين نظام أسد والسعودية قد تمهّد الطريق للتصويت على رفع تعليق عضوية سوريا خلال القمة العربية المقبلة، المتوقّع عقدها في السعودية في أبريل/ نيسان المقبل.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، قد قال بوقت سابق من هذا الشهر الجاري إن التواصل مع الأسد قد يؤدي إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.
وبينما ينعم الأسد باتصالات متجددة مع الدول العربية التي نبذته ذات يوم، تظل العقوبات الأمريكية عاملاً رئيسياً معقداً للدول التي تسعى إلى توسيع العلاقات معه.
الثورة شأننا الخاص
ولاقى توجه السعودية لبدء التطبيع مع نظام أسد ردوداً متباينة من قبل نشطاء وحقوقيين وصحفيين سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المحامي عبد الناصر حوشان في منشور عبر "فيسبوك": "لا تصدقوهم.. إعادة الخدمات القنصلية لا يعني إعادة العلاقات الدبلوماسية لان الخدمات القنصلية تقتصر على توثيق الأوراق الرسمية و جوازات السفر و تأشيرات السفر.. لذا فإن الحكم على حجم التطبيع بين السعودية و نظام اسد مرهون بمستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل".
وفي منشور آخر، تساءل حوشان: "لماذا يغضب البعض من عمليات إعادة تطبيع العلاقات مع ذيل الكلب؟.. اذا كانت خلافاتهم معه لا علاقة لها بالثورة لا من قبل ولا من بعد ' وانما هي خلافات على خلفية صراع المصالح".
وذكر أن "الشعب السوري ليس في حسبان أي دولة تدخلت في سورية.. ما يجري هو تفكيك عوامل الصراع الدولي بين المتصارعين.. و تبقى الثورة شأننا الخاص الصرف ومن يحاول ربطها بالصراع الدولي ليس منها.. إياكم و الإحباط واعلان الهزيمة فالمصالح الدولية تتطلب الاستقرار والبيئة الآمنة وعدم توفرهما هو مقتل اي علاقات مع ذيل الكلب.. والفهيم يفهم".
طريق اللاأخلاق
وكتب الصحفي عقيل حسين عبر "تويتر": "رويترز تقول ان السعودية والنظام اتفقوا على فتح السفارات.. المتحدث باسم خارجية قطر يعلن ان بلاده تدعم الجهود المبذولة للحل في سوريا، وان الدوحة جزء من عدة مبادرات للسلام في سوريا.. المتحدث لم يذكر شيئاً عن مصير النظام وبشار او عن القرار 2254! يبدو ان الكل على طريق الامارات والبحرين".
أما الناشط الإعلامي ماجد عبد النور فكتب عبر حسابه في "تويتر": "يبدو أن السعودية قد اختارت طريق تركيا في الارتماء بحضن روسيا وإيران، هو طريق اللاأخلاق واللامبادئ، هو محور فيه بشار الأسد وبوتين والخامنائي وهذا كافٍ لمعرفة نهاية الطريق، اللهم عليك بكل من خذلنا وتآمر علينا".
فيما علق الصحفي جمال مامو في منشور عبر "فيسبوك" قائلاً: "شوية تفاؤل.. من كان ينتظر أن تنصره السعودية فليحزن على عودة العلاقات بين السعودية ونظام الأسد الكيماوي.. ومن كان ينتظر النصر من عند الله فلينصر الله في حياته وعمله حتى ينصره الله في مسعاه.".
وأضاف: "عم اكتبلكم هالحكي وأنا لست متفائل بأي شيء، لكن كل ما أؤمن به هو أني أفضل رمي نفسي بالبحر على أن يحكمني بشار الأسد وجماعته مرة أخرى".
بشار مجرم حرب
من جانبه، كتب القاضي خالد شهاب الدين عبر "فيسبوك" متسائلاً: "ما الذي تغير يا أخوتنا وأهلنا في السعودية وأنتم من قال لا تصدقوهم.. بشار مجرم حرب وسيبقى مجرم حرب وسيحاسب..".
وتساءل في منشور آخر أرفقه بمقطع فيديو لتصريحات مندوب السعودية في الأمم المتحدة: "ما الذي تغير يا أخوتنا وأهلنا في السعودية لنقبل بجرائم وانتهاكات بشار المجرم".
الإئتلاف يعلّق بالتلميح
ولم تعلق أي من هيئات المعارضة السورية على إعلان استئناف الخدمات القنصلية بين نظام أسد والسعودية، واكتفى الائتلاف بالتلميح إلى ذلك بشكل غير مباشر في منشور عبر "تويتر": "أن التخاذل الدولي لصالح نظام الأسد ومحاولة تطبيع بعض الحكومات معه وتجاوز جرائمه العديدة كان رصاصة ثانية توجه إليهم لقتل روح الأمل".
ردود أمريكية وغربية سابقة
ومنذ توجه بعض الدول العربية إلى التطبيع مع نظام أسد، عارضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا أي تطبيع مع النظام، مؤكدين ضرورة التوصل لحل سياسي قبل ذلك.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، في تصريح للصحفيين: "لن نطبّع العلاقات مع نظام الأسد"، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية لا تشجّع أحداً على هذا التطبيع بغياب أي تقدم حقيقي نحو حل سياسي.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إنه "لا يوجد كيان واحد فعل أكثر من النظام لتدمير الشعب السوري"، وأوضح أن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، إذ إن "السياق الوحيد الذي نشجّع فيه تطبيع العلاقات هو أن يلتزم نظام الأسد بالإرشادات السياسية، وهي خارطة الطريق السياسية التي تم توضيحها في قرار مجلس الأمن رقم 2254".
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، دعت مؤخراً إلى محاسبة بشار الأسد على ما ارتكبه من جرائم مروعة ضد المدنيين، مشيرة إلى أنها لن تقوم بتطبيع العلاقات معه أو المساعدة بإعادة الإعمار حتى يتم إحراز تقدم حقيقي في الحل السياسي بالبلاد.
التعليقات (10)