وسط واقع معيشي متدهور وتدنٍّ في الأجور خلّفته حرب أسد على الشعب السوري، كشفت مصادر إعلام موالية عن استقالات بالجملة شهدتها بعض الدوائر الحكومية التابعة لنظام أسد مؤخراً، مشيرة إلى أن أعداد الذين تركوا وظائفهم باتت بالمئات، وشملت عدة قطاعات ومحافظات وخاصة اللاذقية.
وجاءت هذه التصريحات بعد تدهور جديد وكبير للليرة السورية أمام القطع الأجنبي، حيث سجل الدولار الأمريكي سعر صرف مؤخراً بلغ 4710 ليرات سورية لكل دولار واحد، وهو ما خلق موجة جديدة من الغلاء الموجود أصلاً في مناطق سيطرة أسد.
ونقل موقع (هاشتاغ سوريا) الموالي عن رئيس نقابة عمال الدولة والبلديات بمحافظة اللاذقية (فواز الكنج) قوله، إن نحو 500 عامل في مدينة اللاذذقية تقدموا باستقالاتهم خلال الفترة الأخيرة من الدوائر الرسمية التي يعملون بها، وقد شملت موجة الاستقالات قطاعات الغزل والنسيج، والتبغ، والموارد المائية، والبلديات، والصحة والزراعة.
وأضاف أنه لم يقتصر الأمر على الأشخاص الـ 500 الذين استقالوا فقط، بل كانت هناك دفعة أخرى تقدمت أيضاً بطلبات استقالة ولكن تم رفضها بسبب هبوط نسبة العاملين في قطاعات الدولة إلى مرحلة الخطر، مشيراً إلى أن محافظة اللاذقية على سبيل المثال بحاجة إلى 2500 عامل نظافة، ولكن في الوضع الراهن لم يتبق منهم سوى 400 فقط".
النظام خارج قفص الاتهام
ورغم حديثه عن انخفاض الأجور والواقع المعيشي السيء، تجاهل الأخير الحديث عن المسبّب الحقيقي لما وصلت إليه أحوال البلاد، حيث ألقى (الكنج) لوم الاستقالات الحاصلة على تدني الأجور وموجات الغلاء الكبيرة في البلاد، مشيراً إلى أن الموظفين الذين تقدّموا باستقالتهم، يتقاضون أجوراً تتراوح ضمن الحد الأدنى بين 80 - 120 ألف شهرياً (ما يعادل 25 دولاراً أمريكياً) في أحسن الحالات، وقد كشفت دراسات حول المعيشة في مناطق سيطرة أسد، أن كلفة المعيشة لأسرة مكونة من 5 أشخاص لا تقل عن 700 ألف ليرة سورية بالحد الأدنى شهرياً.
استقالات في حلب
وكشف أحد المعلمين في حلب لـ أورينت نت، أنّ نحو 90 معلماً (بعضهم من زملائه) استقالوا من عملهم خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، وذلك بسبب الرواتب الضئيلة جداً وعدم توجه القطاع التعليمي لدعم المعلمين، وأن المعلم كان يحصل مطلع العام الجاري على نحو 125 ألف ليرة سورية شهرياً، والآن وبعد جملة مما يسمى (عطاءات) أصبح راتبه نحو 140 ألف ليرة سورية (ما يعادل 30 دولاراً أمريكياً)، مشيراً إلى أن الغالبية ممن يعرفهم لم يتركوا المهنة فحسب بل تركوا البلاد بأسرها وغادروها باحثين عن مستقبل أفضل.
استقالات بالجملة والنظام يعترف
ومطلع العام الجاري، أقرّ مصدر طبي في حكومة ميليشيا أسد باستمرار هجرة الأطباء من مناطق سيطرتها إلى خارج سوريا، وذلك هرباً من الواقع الاقتصادي المتردي والأزمات الحياتية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، وقد ذكر موقع "صاحبة الجلالة" الموالي حينها، أن مصادر طبية عاملة في المراكز الصحية والمستشفيات التابعة لحكومة ميليشيا أسد، أفادت بهجرة 573 طبيباً وطبيبة من محافظة حماة، في رقم وُصف بـ "الصادم" لكثير من القاطنين في مناطق سيطرة الميليشيا.
ولعل الشريط المصور الذي أظهر المعلمة (ترياق صقر) وهي ترمي بنفسها من مبنى شاهق، خير دليل على ما وصل له السوريون في مناطق سيطرة أسد، حيث قررت المعلمة والأم الخمسينية الانتحار، معلنة من خلاله التمرد على القهر والظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الموالون في ظل نظام الأسد، الذي أغرق البلاد بعشر سنين حرب أشعلها بين السوريين تحت شعار الأسد أو نحرق البلد.
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، قدّر في تشرين الأول الماضي أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 بالمئة من إجمالي السكان، فيما صنّف تقرير نشرته مجلة الأيكونوميست البريطانية مؤخراً العاصمة دمشق، كأسوأ مدينة للعيش بالشرق الأوسط وأفريقيا.
التعليقات (4)