يسلك معظمهم 3 طرق.. سوريون يروون لأورينت مصاعب رحلة لجوئهم من تركيا إلى أوروبا

يسلك معظمهم 3 طرق.. سوريون يروون لأورينت مصاعب رحلة لجوئهم من تركيا إلى أوروبا

وسط استمرار مأساة اللجوء لدى السوريين وانعدام مستقبلهم في مناطق المعارضة وفي بلدان اللجوء وبالتزامن مع انعدام آفاق أي حل سياسي للملف السوري، بات الحديث عن هجرة السوريين إلى أوروبا خاصة من تركيا الشغل الشاغل للسوريين، وذلك بسبب مجموعة من العوامل من أبرزها تدهور الوضع المعيشي وتنامي حدة العنصرية وخطاب الكراهية، فضلاً عن خطط الحكومة التركية لإعادتهم إلى بلادهم دون وجود أي خارطة طريق واضحة وسط حديث عن تقارب محتمل بين أنقرة وأسد.

وأصبح الحديث عن ازدياد حركة هجرة السوريين إلى أوروبا روتيناً يومياً في أوساط السوريين المقيمين في تركيا، في حين أطلق ناشطون دعوات لإعداد قوافل كبيرة من اللاجئين للسفر إلى أوروبا تحت مسمى "قافلة النور" و"قافلة الأمل"، وفق ما رصدت أورينت.

الترتيب للرحلة

ويتبع المهاجرون في رحلة طويلة لا تخلو من المخاطر والصعوبات 3 طرق رئيسية من أجل الوصول إلى أوروبا وفق ما قال إبراهيم الرشاد وهو أحد اللاجئين السوريين الذين أسعفهم الحظ بالوصول إلى أوروبا من تركيا بعد عدة محاولات باءت بالفشل.

وقال الرشاد لأورينت نت إن أفضل الطرق للهجرة من تركيا حاليا هي عبر بلغاريا إذ تعد رحلة اللجوء منها أقل خطورة قياساً باليونان وذلك لعاملين اثنين أولها أن تعامل حرس الحدود البلغاري بالرغم من وحشيته إلا أنه لا يصل إلى وحشية نظيره اليوناني والعامل الثاني هو طبيعة البلاد وتضاريسها المساعدة.

وعن كيفية تنظيم الرحلة أشار الرشاد إلى أنه في البداية يتم التواصل مع أحد السماسرة من أجل ترتيب الرحلة ومن ثم يرسل السمسار اللاجئ إلى أحد المهربين الذي يأمن له سكناً مؤقتاً غالبا ما يكون في إسطنبول حيث نقطة الانطلاق.

بعد ذلك يتم تجميع اللاجئين عند اكتمال العدد ونقلهم إلى الحدود إلى بلغاريا عبر ولاية أدرنة في أقصى شمال غربي تركيا بواسطة سيارات خاصة بالمهربين وهناك يقوم مرشد الطريق "الريبري" بقص الشريط الحدودي وفي بعض الأحيان يتم استخدام السلالم ومن ثم يدخل اللاجئون إلى بلغاريا ويتابعون طريقهم عبر الاستعانة بنظام تحديد المواقع لنقطة معينة داخل الحدود وبعد ذلك ينقلون باتجاه العاصمة البلغارية صوفيا.

3 طرق رئيسية للهجرة إلى أوروبا الغربية

وأضاف الرشاد أن اللاجئين ينامون هناك في سكن تابع للمهرب نفسه الذي قدموا معه ثم ينتقلون عقب ذلك إلى حدود صربيا بنفس الطريقة من خلال نظام تحديد المواقع وبعد النجاح بدخول الحدود يتم نقلهم أيضاً بسيارات إلى بلغراد، ثم يتم يبقون لفترة قصيرة داخل كامبات أو أوتيلات حسب الاستطاعة لديهم ريثما يتم التحضير لنقلهم إلى المجر (هنغاريا).

وبعد تمكنهم من دخول المجر يختار اللاجئون بعد ذلك أي دولة في أوروبا الغربية يرغبون في تقديم ملف اللجوء فيها، إذْ يُفضّل بعضهم ألمانيا فيما يفضل آخرون هولندا أو السويد في شمال القارة.

أما الطريقة الثانية، فقال الرشاد إنها تتم عبر الانتقال من تركيا إلى اليونان براً والتوجه إلى منطقة سالونيك ثم التوجه إلى ألبانيا أو مقدونيا ومنهما إلى صربيا ومتابعة الوجهة من صربيا بنفس الطريقة.

أما الطريقة الثالثة فتتم بحراً من شواطئ تركيا الغربية وغالباً ما يتم التوجه إلى جزيرة رودوس اليونانية ومنها الانتقال إلى أثينا ثم التوجه منها مباشرة عبر جواز سفر مزور إلى أحد دول أوروبا الغربية أو إلى سالونيك ومن ثم متابعة الرحلة كما باقي المخطط.

التكلفة

وحول تكلفة الرحلة، قال أبو صقر وهو أحد المهربين الذين يعملون على نقل اللاجئين من تركيا إلى الحدود اليونانية، إن تكلفة الرحلة تختلف حسب "شطارة المهرب أو السمسار"، وإذا ما كان اللاجئ مقتدر مادياً أم لا فضلاً عن الظروف المحيطة بطريق الرحلة.

وأضاف أبو صقر وهو اسم مستعار لأورينت نت، أن بعض اللاجئين يُفضّلون الاختباء في الشاحنات فوق "الدنغل" وذلك إما يكون بعلم السائق أو بدون علمه خاصة في اليونان وبلغاريا وهو ما يوفر عليهم تكلفة مادية كبيرة أثناء الرحلة.

وأوضح أن بعض اللاجئين أيضاً يفضّل الذهاب بنفسه عن طريق “الجي بي اس” أو مع غروبات، حيث يتبقى عليهم مصاريفهم الشخصية وتكلفة التنقل وهي تختلف من شخص لآخر لكنها قد تصل إلى 3500 آلاف يورو.

أما بالنسبة لتكلفة الرحلة عبر المهربين؛ فقال أبو صقر إنها تتراوح بين 8-9 آلاف يورو في المتوسط تتوزع على مراحل من التشييك إذ إنها تبلغ حوالي 4500 يورو من إسطنبول إلى صربيا، وما بين 1500-3000 يورو من صربيا إلى إحدى دول أوروبا الغربية حسب الوجهة.

الحاصلون على الجنسية التركية

وإضافة إلى اللاجئين السوريين من حملة هوية الحماية المؤقتة في تركيا والآخرين الذين لا يملكون وثائق لجوء أو سفر رسمية، تشير تقارير إلى أن عدداً لا بأس به من السوريين الحاصلين على الجنسية التركية قد سافروا إلى أوروبا من تركيا لنفس الأسباب التي يعاني منها نظراؤهم من اللاجئين.

وقال (أ. ب) لأورينت، إن الجنسية التركية وفّرت عليه قسماً عسيراً من رحلة اللجوء، حيث تمكن من الذهاب بكل سهولة إلى صربيا بالطائرة عبر حجز تذكرة ذهاب وعودة ومن ثم متابعة الطريق ذاته إلى باقي دول أوروبا الغربية بنفس الطريقة، موضحاً أنه لا يتم اكتشاف هويتهم في أوروبا لأن تركيا خارج اتفاقية شينغن.

شهادات على الحدود 

وبعد 4 محاولات فاشلة للوصول إلى أوروبا، تمكّن الشاب السوري مصعب من العبور نحو الأراضي الصربية بنجاح، مشيراً إلى أن الهجرة باتت الأمل الوحيد لمعظم الشباب السوريين في التخلص من الظلم على حد تعبيره.

إلا أن مصعب واجه تحديات كبيرة خلال الرحلة، إذ روى لأورينت نت كيف تمّت معاملته بقسوة من قبل حرس الحدود اليوناني، مضيفاً أنه تعرّض للضرب والاعتقال التعسفي لساعات دون طعام أو شراب.

وأوضح مصعب أنه سعيد الآن بعدما وصل إلى النمسا قبل 3 شهور بعد رحلة اللجوء الشاقة، قائلاً إنها صالحة للعيش وتحفظ كرامة الإنسان، حيث تم استقباله لدى وصوله بطريقة لائقة وتم إجراء فحوص طبية له وتقديم طعام ولباس وسكن.

وتابع: "تم استقبالي بطريقة إنسانية، وأنا الآن أنتظر حتى يتم عرض ملفي على المحكمة لتبتّ به ولأحصل لاحقاً على الإقامة لأتمكن من التجول في أوروبا والعيش بحرية.. في هذه الأثناء سأعمل على تعلم قوانين ولغة البلد".

إسماعيل العبد الله كان له تجربة أخرى أقل ما يقال عنها أنها مروعة، حيث روى هو الآخر لأورينت نت كيف تم تعذيبه من قبل حرس الحدود البلغاري الذي قال إنه وضعه بغرفة للكلاب تعرض فيها للترهيب النفسي قبل أن يطلق سراحه لاحقاً ويُنقل إلى الحدود التركية مجدداً.

وأضاف العبد الله الذي رجع إلى اسطنبول ليرتب أموره مجدداً لإجراء محاولة أخرى: "رأيت العديد من الجثث على الطريق.. شاهدت جثتين في الغابة بينما كنّا في خوف دائم من أن يُلقى القبض علينا فضلاً عن تيقّظنا من الأفاعي والخنازير والكلاب والعقارب في الطريق".

وواصل: "استغرقت أول محاولة 9 أيام قضيت 3 أيام منها وأنا أشرب مياهاً ملوثة فيما استغرقت المحاولة الثانية 6 أيام وكلاهما باءتا بالفشل، حيث تعرضت فيهما ورفاقي إلى الضرب وسرقة الجوالات والنقود التي كانت بحوزتنا".

صعوبات في الاندماج لأسباب قاهرة

وحول دوافع الهجرة قال أحمد ح. أحد الحاصلين على الجنسية التركية والذي كان قد تخرّج من جامعة إسطنبول قبل عامين، إنه لم يستطع الاندماج مع المجتمع التركي بسبب رفض الأخير فكرة تقبّله، موضحاً أنه وجد نفسه دون أصدقاء أو أي أدنى تواصل مع الأتراك بعد التخرج.

ولفت أحمد في حديث مع أورينت نت إلى أن مسألة عودته إلى سوريا غير واردة أبداً، أما بالنسبة للهجرة إلى أوروبا فقال إنه ينتظر الفرصة المناسبة للقيام بذلك، متمنيا لو أنه قام بهذه الخطوة عام 2015 عندما هاجر السوريون.

ورأى أحمد أن العنصرية المتفشية جعلته منعزلاً عن المجتمع التركي خاصة أنه تعب بعد 9 سنوات من شرح الحالة السورية للأتراك ولماذا هو يقيم في تركيا، لافتاً إلى أنه حاول ذلك مراراً مع العديد من الأتراك إلا أنه لمس تأثّرهم بالخطاب العنصري الذي يحمّل اللاجئين مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا.

وتابع: "كوني حاصل على الجنسية التركية فإن هذا لا يعني أنني تركي حقيقي لا من ناحية نظرة المجتمع ولا حتى من ناحية باقي الدول في السفارات أو من ناحية موظفي الدولة الحكوميين، خاصة عند سؤالي المتكرر عمّا إذا كنت تركياً أصلياً أم لا؟ وبالتالي يُطلب مني اتباع إجراءات أنا بغنى عنها وتعزز لدي فكرة أنني مواطن درجة ثانية أو عاشرة إن صح القول".

فيما يقول علي وهو لاجئ سوري مقيم بهاتاي، إنه يفكر ليل نهار بالهجرة إلى أوروبا لعدة عوامل أولها عدم الاستقرار المادي والأوضاع الاقتصادية الصعبة ومستقبل عائلته، خاصة في ظل تفشي الخطاب العنصري من قبل بعض الأتراك ضد السوريين.

ولفت أنه يتعرض بشكل شبه يومي لمواقف مباشرة أو غير مباشرة يستذكر فيها عبارة "سان سوريلي" (أنت سوري) أي أنه لا يملك حقوق ويعتبر إنساناً درجة أخيرة وفق تعبيره.

 

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات