صور مذهلة.. سوري يحوّل بيته إلى متحف لشهداء الثورة ويبهر الأبصار

صور مذهلة.. سوري يحوّل بيته إلى متحف لشهداء الثورة ويبهر الأبصار
حين تدخل بيته، تظن أنك دخلت متحفاً. تعيدك الصور إلى سجلّ حافل من وجوه من رحلوا أو غابوا في مسيرة الثورة السورية. تستشعر فجأة النبض الحي للثورة التي نكّلوا بها، وتآمروا عليها، وشرّدوا أبناءها، وعادَوا قيمها في السعي نحو  إحقاق العدالة ونيل الحرية وصون الكرامة. 

وجوهٌ من كل المدن والقرى، من كل المكونات والطوائف والأديان، تفنّن صاحبها في طباعتها وابتكار أجمل الأطر لها، وجعلها مصابيح البيت، وعنوان الشرف في ذلك الزمان الذي هتف فيه السوريون للحرية... فوقف هذا الإنسان الحر النبيل حياته وصرف الكثير من الوقت والمال كي "يحرس ورد الشهداء" في الذاكرة والوجدان.   

أورينت نت زارت بيت الشهداء.. وكان التحقيق المصوّر التالي: 

بيت الشهيد.. الفكرة والانطلاقة

بعد أن أصبحت مدينة إدلب أيقونة الثورة السورية وحضنها الأخير، اجتمع فيها الأحرار من كافة المحافظات السورية، ولا تكاد تخلو مظاهراتها من المطالبة بالمعتقلين في سجون الأسد والوفاء لشهداء الثورة المباركة، ومن هنا لمعت فكرة إنشاء مرجع معتمد لتوثيق اعداد الشهداء وتخليد تضحياتهم، حيث قام الناشط الثوري "إبراهيم الزير" ابن مدينة إدلب بإطلاق فكرة "بيت الشهيد" والتي تحدث عنها قائلاً: "بعد سنوات عشر في الثورة لا يزال المعتقلون والشهداء والمغيّبون في سجون الأسد في صُلب قضيتنا، والذين للأسف باتوا يُنسون حتى من أقاربهم بسبب ارتفاع عدد الشهداء والمجازر والنزوح والتهجير، فكان لابد من تذكُّرهم وحفظ أسمائهم ولمحة عن حياتهم فكانت هذه شرارة الانطلاقة، وبعدها قمت بالاتفاق مع عدد من الناشطين والمَعنيين بتخصيص غرفة ضمن مكان عملي".

أورينت نت زارت "بيت الشهيد" واطلعت على العمل فيه وتابعت الحديث مع (الزير) الذي قال: "المشروع كبير وضخم ويحتاج للتكاتف من قبل الجميع، وحظي بقبول واسع عند الناشطين والأهالي وخاصةً من ذوي الشهداء الذين يأتون لبيت الشهيد تباعاً يحكون قصص شهدائهم مع إحضار الصور الشخصية لهم، ليتم فيما بعد حفظها وأرشفتها وتدوينها ضمن سجلات خاصة".

الزير: مشروعنا مرجع شامل لا يُغفل أحداً! 

كخلية نحل منتظمة، يعمل القائمون على "بيت الشهيد" لاستقبال الأهالي وتدوين معلومات شهدائهم ضمن رؤية مناسبة وآلية عمل وضّحها (الزير) بقوله: "نشرنا عدة روابط إلكترونية لتزويدنا بأسماء الشهداء ومعلومات عنهم خاصة لمن لا يستطيع المجيء إلى مدينة إدلب، لتوسيع دائرة العمل وعدم اقتصاره على مدينة معينة أو محافظة خاصة، وقمنا بعدة تشبيكات داخلية وخارجية تغطي تقريباً كل سوريا وبالتدريج، من أجل إحصاء وتدوين شهدائها منذ بداية الثورة حتى الآن، وما يميز المشروع أنه مرجع أساسي للاطلاع ومعرفة أعداد الشهداء ضمن مصنفات مرتبة من الحي للقرية وبعدها المدينة ثم المحافظة، وعدم الاقتصار على شهداء الصف الأول بل تدوين كل شهيد من أي مكان في سوريا الحبيبة، ويكون المشروع مزوِّداً معتمداً للمنظمات أو الأشخاص وحتى الأهالي لمعرفة شهداء مكان معين أو محافظة معينة، يزوره من يشاء في أي وقت لاستذكار شهدائنا عرفاناً بجميلهم، ومتابعة أي اسم والبحث عنه وتوثيقه بشكل صحيح وعدم ادخار أي جهد لذلك".

بلال الغاوي: مبادرة علمية على أساس واضح

بعد عقد كامل على الثورة، تبدو الصورة بمراحلها المختلفة متكاملة في بلورة الهدف ذاته. 

لم تعد الثورة السورية مقتصرة على التظاهر ولا على العمل المسلح وتشكيل الفصائل، ولم تنحصر في محاولة الدفاع عن المدنيين وتحرير الأرض وحسب..  بل باتت تشمل جميع المسارات.. فما بين مقاتل على الجبهات يدافع وحناجر تصدح، وأقلام تخطّ، تستمر ثورة السوريين حتى إسقاط نظام الإجرام الذي قتل وهجّر وشرد، ليأتي مشروع (بيت الشهداء) خطوة استثنائية نبيلة ومثيرة للفخر والإعجاب، لاقت القبول الواسع نظراً لأهميتها، وفي هذا السياق يقول (بلال الغاوي) -ناشط إعلامي- معبّراً عن دعمه لتلك الخطوة قائلاً: 

"نحن مع أي عمل يخدم ثورة السوريين ويمجّد تضحياتهم، ومشروع (بيت الشهيد) هو جهد المُقِلّ عرفاناً بجميل من بذل دمه وروحه رخيصة في سبيل حرية وطنه. والمشروع في الوقت نفسه، هو مبادرة علمية رائعة قائمة على أساس واضح من التوثيق والتدوين والأرشفة، فلا بد من يوم ينتصر فيه الحق وتكون مثل تلك المبادرات والسجلات مرتكَزاً أساسياً لتدوين صفحات المجد المشرق الذي خطّه السوريون بدماء أبنائهم وتضحيات أبطالهم" .

والد شهيد: لم تذهب دماء ولدي سُدى

  

من جهته حدثنا الحاج (عبد الرزاق أبو حسين) النازح من ريف إدلب الجنوبي عن سعادته بتلك الخطوة قائلاً: "الحمد الله لم تذهب دماء ولدي سدى، وهناك دائماً من يتذكرها. عندما أدخل بيت الشهداء وأرى صورة ولدي الشهيد معلقة وموجودة ضمن سجلات ريف إدلب الجنوبي أشعر بالسعادة والافتخار، خاصة أن كثيرين من الناس يطّلعون على عدد الشهداء وسيرهم ويستشعرون عظيم ماقدموا لهذا البلد الغالي وكل الشكر للقائمين على العمل الرائع وأي عمل آخر من شأنه دعم الثورة وتعجيل النصر".

ويبقى بيت الشهداء فكرة خلّاقة عن ثورة لم تزَل تعيش في وجدان أبنائها رغم كل ما حاق بها من تآمر وتنكيل.. إنه منارة شامخة تضيء الدرب للسالكين في طريق الحرية والكرامة بأن الثورة لا تنسى أبناءها، ودماؤهم ليست خبَراً يُبَث ثم يطويه النسيان، لتستمر المسيرة، وتقوى العزائم بلسان حالٍ واضح يقول لكل العابرين في الكلمات العابرة، ما قاله الشاعر محمود درويش:

وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء 

وعلينا نحن، أن نحيا كما نحن نشاء

آن أن تنصرفوا. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات