حلم السوريين بالحرية: بين مشروع الدنيا.. ومشروع الآخرة!

حلم السوريين بالحرية: بين مشروع الدنيا.. ومشروع الآخرة!
منذ تشكّلت "جبهة النصرة" وغيرها من التنظيمات التي سمّيت "فصائل إسلامية" كان الوضوح دَيدَنَها، وكانت صريحةً للغاية في التعبير عن منهجها ورؤيتها وأهدافها، وبمنتهى الثقة والشفافية، ولا يُعرف ولن.

 من أنتج شعار "ما جئنا إلّا نُصرةً لأهل الشام"، أهو "أوزبكي" تُدير دولته رابع أكبر احتياطي للذهب في العالم وتقع في المراتب الأولى بمعدّلات الفساد والقمع، أم "تركمانستاني" تمتلك دولته المُغلقة تماماً رابع احتياطي للغاز في العالم ويعيّن فيها الرئيس ابنه -مبدئياً- نائباً لرئيس الوزراء، أم "سعودي" أم "قطري" أم "أردني" حكَمَتهم المَلَكية كرعيّة، فسادَ الاستفراد والاستبداد، أم "مصري" أم "ليبي" أم "تونسي" حكمهم الطغاة الرُعاع وأرهقوهم باسم العروبة والوطنية والمروءة؟. 

لا بدّ أنّ من قال: ما جئنا إلّا نُصرةً لأهل الشام"، هو سوريّ بالتأكيد، ولذلك فهو مضطّر وإن كان مغلوباً على أمره ربّما، فإن لم يكن.. فهو متفرّغ تماماً لنصرة أهل الشام بعد أن فرغ من مهمّته الأصلية الأساسية الأخلاقية والإنسانية وهي نُصرة أهله في أوزبكستان وتركمانستان وفي السعودية وقطر والأردنّ، فليس معقولاً أو منطقياً أن تشتعل النيران في البناية التي تقطن فيها، فتهرع لإطفائها في شقّة جارك وأطفالك يحترقون!. 

هذا مجرّد مثال قد يكون سطحياً، لكنّما للتعبير عن هذا المثل الذي يظنّه البعض "حديثاً شريفاً" وهو ليس كذلك، لكنّه حديث الطبيعة والمنطق والأخلاق: الأقربون أولى بالمعروف، والفهم يكفي.  

الجماعة منذ البداية قالوا: نحنُ أصحاب مشروعين: مشروع دُنيا ومشروع آخرة، مشروع للخلافة أو الإمارة أو الأمّة الإسلامية، ومشروع للجنّة وأنهار الخمر واللبن والحور العين، لم يكذبوا أو تواروا ولا تردّدوا أو تلعثموا حتّى، ومهما كان.. فإن كان صراحة بوقاحة أو بحماقة، كما قد تعتقد وتقول عزيزي الليبرالي أو العلماني أو الوسطي أو الوطني المُحترَم، أو بشجاعة وبسالة وعنفوان، كما يعتقدون أو يدّعون أنّهم يعتقدون، فلقد عبّروا وصرّحوا ومهما كان شأنهم ومنشؤهم، مصدرهم ومصيرهم، ومنذ اللحظة الأولى أنّهم ليسوا مع "الثورة السورية" التي قيل إنّها تهدف إلى إقامة دولة وطنية حرّة تعدّدية ديمقراطية مدنية، وإلخ.. من هذي المصطلحات غير المفهومة، دولة إسلامية وخلصت، لماذا كلّ هذا التعقيد؟. 

الذين ينتقدون "الفصائل الإسلامية" هم بنظر "الفصائل الإسلامية" ينتقدون "الفضائل الإسلامية" ومن أهمّها الجهاد في سبيل الله، نُصرةً لخلقه، ومن خلقه أهل الشام، وأهل الشام بحاجة إلى سند ومؤازرة، أهل الشام تحديداً، لم يستطيعوا إلى النصر سبيلاً، إذ لم ينصرهم الله، ومن لم ينصره الله سيُغلب، هكذا بمفهوم "المخالفة" في "الفقه الإسلامي" حدّثنا ذات يومٍ واحدٌ من الناس كان يوماً ما صاحب "كيف" فصار صاحب "سيف"، فقال: إن ينصركم الله فلا غالب لكم، طيّب.. وإن أتينا لنصرتكم أوَ ليس الله غالب؟، فقلنا: بلى.. الله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون!. 

الذين يرون ألّا فضائل في "الفصائل الإسلامية"، وأنّها عدوّة للشعب السوري -إن صحّ التعبير طبعاً-، وأنّها تضيّق على حرّيات الناس، تنتهك حقوقهم، وتقف بعناد و"تناحة" عن غباء أو بصراحة في وجه الثورة السورية العُظمى، أن يجيبوا على سؤال بسيط صريح متسلسل بترابُط وتكتيك، وقد يكون صادماً هذا السؤال وقد يكون طبيعياً ولطيفاً: هل الجهاد في سبيل الله يعني الجهاد ضدّ سُبِلِ الناس؟. 

بغضّ النظر عن تصوّراتها (هذي وتلك الفصائل يعني)، وعن خططها الخاصّة ومشاريعها، فلقد كان كلّ شيء زعموه وهدفوا إليه صحيحاً من وجهة نظرهم، و كان من الصحيح لديهم أيضاً التمسّك بمبدأ الولاء للذين آمنوا و البراء من الذين كفروا كما لُقِّن الشباب الذين هربوا من "إدلب" منذ 12/3/2012 فاستقرّوا في "البراري" ينتظرون الدعم والمساندة شهوراً وشهوراً وشهورا، فما تلقّوه ولا وجدوا إليه سبيلاً، حتّى زارهم القطري والسعودي والقوقازي والمرّيخي سائلين عن أموالهم وقد انصرف المقتدرون عنهم، وعن صحّتهم حين هاجر الأطبّاء إلى ألمانيا، وعن سلاحهم بعدما رحل الضبّاط إلى تركيا، وعن دينهم وقد امتنع مشايخ تسميات مظاهرات أيّام الجمعة عن الردّ على مكالماتهم. 

معظم الأغلبية أو أغلب الجميع أو معظم جميع الأغلبية أو أغلبية معظم الجميع.. استخدم هؤلاء الشباب لمحاربة النظام، و تصوّر أنّهم مجرّد أدوات تُستعمل لهذه الغاية، و"الإيديولوجيا" التي تحكمهم وتحكم كلّ تصرّفاتهم هي أمر مؤجّل ويمكن نقاشه تغييره وإقصاؤه فيما بعد، والمهمّ الآن أن يقوم هؤلاء الشباب بمهمّة قتال النظام فيُقتَلون أو يُجرحون أو يرِثون العاهات الدائمة، المهمّ أن يقاتلوا النظام نيابةً عن الوطنيين السوريين الذين يحبّون الثورة كثيراً، لكنّهم فقط ينتظرون أن تنتصر، بالدعاء بالانتظار بالتحليل بالتوجيه والإرشاد، بالاجتماعات في المؤتمرات والمفاوضات، بأيّ شيء من هذه الملاهي التي لا يمكنها إسقاط بعوضة، كلّ السُبل التي يُفضّلها النظام ولها يُصفّق طرباً!.

مثل النظام الذي استعان بروسيا وإيران وشياطين الإنس والجنّ، أراد "الثورجيون الوطنيون" استعمال الفصائل الإسلامية لكنّما بشروط، أهمّها عدم تحمّل مسؤولية الخسارة وعدم تمكينها من الاستمرار!، يعني أنت تقاتل النظام وحين تخلص من ذلك نخلص منك، ويا له من تصوّر أحمق!، كما إذا تصوّر النظام هذا من روسيا وإيران وأوباشهم، مع التنويه إلى أنّ كلّ هذه الفصائل كلّها -لشتّى الأهداف والظروف- حاربت النظام فعلاً.

السؤال الخلاصة الموجّه إلى "الثوريين الوطنيين": ماذا فعلتم -ليس من أجل إسقاط النظام- بل في سبيل دولتنا الوطنية الشعبية الديمقراطية التعدّدية المدنية التسامحية التفاعلية التشاركية "اللطيفة"؟، كم من اللطف عانيْتم؟. 

التعليقات (3)

    HOPE

    ·منذ سنتين 5 أشهر
    الجيش الحر في بدايته لم يكن فصائل اسلاميه. من ضحى بحياته في سبيل حملية المدنيين في بداية الثوره من بطش اجرام النظام لم يكن من الفصائل الاسلاميه. كل الضباط اللذين انشقوا عن الجيش ودعموا الثوره وحققوا انجازات مبهره على الارض لم يكونوا يحملون فكرا اسلاميا راديكاليا. حقيقة الداعمين الذين اسهموا في تشتيت جهد الثوار و تناحرهم وكذلك تسلق منتفعين على الهيكل السياسي اضاع الجهود الصادقه لابناء سوريا.

    HOPE 1

    ·منذ سنتين 5 أشهر
    فساد القائمين على المشروع السياسي للمعارضه اضاع جهود و تضحيات المنشقين عن جيش النظام على الارض. تعمد الداعمين لتوجيه دعمهم لاطراف مختلفه تحت مسميات اسلاميه و تجاهل احتياجات الجيش الحر اسهم في افشال ثورة السوريين. دعم سياسيين دون خبره واقصاء اصحاب الراي اسهم في افشال الثوره ووصول سوريا للكارثه الحاليه!!

    HOPE 2

    ·منذ سنتين 5 أشهر
    ما نراه اليوم من تمدد ايران والكارثه التي حدثت في سوريا هي سبب مباشر لدعم الاشقاء العرب لمن لايستاهل الدعم وبشكل متعمد. الدول الخليجيه ارادت ان تعلم الشعوب من خلال سوريا ان حال من ينادي بالتغيير سيكون كسوريا ولكنهم بقصر نظرهم (او بمعرفتهم) سمحوا لايران بالتمدد والزمن لن يعود للخلف. هذه باعتقادي غاية دعم الفصائل(الاسلاميه) التي لاتحمل من الاسلام الا الاسم.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات