أسرار صناعته بالصور: (البيرين) وقود الفقراء لمواجهة كابوس الشتاء

أسرار صناعته بالصور: (البيرين) وقود الفقراء لمواجهة كابوس الشتاء
مع قدوم فصل الشتاء المعروف ببرودته الشديدة في مناطق شمال غرب سوريا تحديداً، حيث تكثر مخيمات النزوح، ويزداد عدد الأسر التي تقطعت بها السبل،  يزداد الطلب على مواد التدفئة المختلفة، على حسب القدرة الشرائية لكل عائلة، والتي تعاني غالبيتها أوضاعاً معيشية صعبة ومادية متردية، الأمر الذي يدفعهم للبحث عن أرخص مادة تمنحهم شيئاً من الدفء لمواجهة البرد القادم، فكان للبيرين (تفل عصير الزيتون المجفف)، دور مهم لدى المستهلكين نظراً لجودته وتدني سعره قياساً مع غيره من مواد التدفئة والطاقة. 

صناعة دخيلة ووقود بديل

 

تعدّ صناعة البيرين من الصناعات الدخيلة على حياة الشعب السوري، إذ إنها لم تكن تحظى بالاهتمام أو الشهرة كما هو الحال اليوم، على اعتبار أن السوريين بالعموم يلجؤون للمازوت للتدفئة كونه المصدر الأول والوحيد لغالبيتهم آنذاك، وحول صناعة البيرين تحدث لأورينت نت (شادي حاج عيسى) صاحب أحد معامل البيرين في إدلب قائلاً "تعود صناعة البيرين لأوائل العام 2014 على وجه التحديد، بعد أن توقف استجرار المازوت أو تحصيله من المناطق السورية الشرقية بسبب الأحداث العسكرية وخطورة ذلك، بالتزامن مع منع الاحتطاب واستحالته في جبال اللاذقية المصدر الأبرز لحطب التدفئة في السوق المحلية، فكان لا بد من بديل مناسب وجده الناس في مادة البيرين التي تحظى بقبول واسع واستهلاك كبير وإنتاج لا بأس به يغطي حاجة السوق المحررة"

مراحل العمل والتصنيع

في (إدلب) مدينة الزيتون الأشهر تاريخيا في سوريا، تنتشر عشرات المعاصر التي باتت أغلبها تعمل في صناعة البيرين كون المادة الأولية لصناعته متوفرة بكثرة في موسم عصر حبات الزيتون، وعن تلك الصناعة ومراحلها حدثنا (عبد الرحمن المحمد)  أحد أصحاب معامل البيرين قائلاً: "أساس البيرين هو مخلفات عصر حب الزيتون المعروف (بالتفل) والتي تتوافر بكميات كبيرة جداً بالأطنان أثناء موسم العصر المقدر بثلاثة أشهر تقريباً، فكان من الطبيعي أن تقوم المعاصر بشراء معدات صناعة البيرين للاستفادة من مخلافات العصر "التفل" وإعادة تدويره خاصةً مع الطلب المتزايد عليه وعدم ارتفاع تكلفة صناعته قياساً مع مردوده المادي، وأيضاً تنتشر في إدلب عشرة معامل خاصة بالبيرين غير ورشات المعاصر و التي تقوم بشراء التفل من معاصر الزيتون التي يزيد التفل عن احتياجات ورشها، وأيضاً استيرادها من مناطق عفرين التي تتنشر فيها أشجار الزيتون".

وأضاف (المحمد) متحدثا عن احتياجات هذه الصناعة: "كل مايحتاجه صناعة البيرين هو مكبس بقوة 20 حصانا مع قالب ضيق يعمل على مبدأ الضغط الكبير لإنتاج قطع متماسكة، خاصة إذا كان التفل حديث المنشأ ويحتوي على نسبة رطوبة 50% وما فوق، حيث يتراوح قطر قطعة البيرين  8 أو 12 سم بقياسات موحده على حسب القالب المطلوب، ويبدأ موسم التصنيع من الشهر السادس وحتى الشهر الحادي عشر، بعد أن يكون قد تعرض لقدر كافي من التجفيف، ولا يدخل في صناعة البيرين أي مواد أخرى إطلاقاً فقط التفل المضغوط، ويؤمن كل معمل أو ورشة عشرات فرص العمل للأهالي ويحتاح المعمل حوالي 60 عاملا وعشرات السيارات للنقل وتركس، وقد يتفاوت عدد العاملين مابين معمل وورشة بحسب الحجم والاستطاعة والإنتاج".

من موسم خير إلى موسم قهر! 

نظرا للارتفاع الباهظ بأسعار مواد التدفئة وزيادة العبء على محدودي الدخل في تأمينها، بات فصل الشتاء يشكل كابوسا مخيفا على غالبية شرائح المجتمع على اختلاف طبقاتهم ومكان سكناهم، وليس فقط سكان الخيام.  (أحمد ابو سمير) أحد مهجري ريف حماه الشرقي إلى منطقة أطمة الحدودية تحدث لأورينت نت بحرقة كبيرة قائلاً: "وين كنا ووين صرنا" كان الشتاء موسم الخير ولكنه حالياً موسم القهر ولا بد من التدفئة فيه إن لم يكن لنا فلأطفالنا، كوننا في الخيام فالتدفئة مهمة جداً، وحالياً يبلغ سعر برميل المازوت حوالي 200 $ والحطب 160 $، ويبقى البيرين أرحم من غيره من ناحية السعر وخيارنا الوحيد والأفضل بعيداً عن حرق أكياس النايلون والأحذية المضرة جدا بالصحة والبيئة".

من جهته تحدث (عبد الحميد العبدو) أحد العاملين في صناعة البيرين لأورينت نت عن ميزات البيرين قائلاً: "يبدأ موسم بيع البيرين من الشهر الحادي عشر وحتى الشهر الثالث بسعر يتراوح مابين 100 _ 130 دولارا، بحسب الجودة والنشافة، ويتميز بسرعة الاشتعال والطاقة المتزايدة كونه يحتوي على نسبه كبيرة من الزيت القابل للاشتعال، ولا يحتاج إلى مدفأة خاصة كما هو الحال عند غير مواد التدفئة الأخرى بل يمكن استعمال قطع البيرين ضمن مدافئ المازوت والقشر أيضاً، وتعدّ مادة البيرين اقتصادية مديدة الاشتعال ونظيفة، وتأتي ضمن أكياس سعة 25 كغ يمكن شراؤها أولاً بأول وتكون سهلة التخزين والاحتفاظ" 

وأضاف (العبدو) "يباع البيرين أيضاً على شكل كبسولات "فراطة" للمداجن والمنشآت وحتى مراكز الإيواء، لكنها تحتاج لمدافئ كبيرة الحجم تساعد على اشتعال أسرع لحبوب البيرين، ولم يعد الاستهلاك حكراً على أهالي الخيام بل على عموم سكان المحرر كون الوضع المادي صعب على الجميع" وتبقى المعانات مستمرة تتغير بتغير فصول العام، ويبقى الخاسر الأكبر هو السوري الذي هجرته آلة الإجرام الأسدية الطائفية وكانت السبب الأول في ازدياد المعاناة وتكرارها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات