مجموعة من النساء، أطلقن حملة تطوعية لخياطة الكمامات ولا سيما المقاسات المخصصة للأطفال، في بلدة كفر يحمول شمال إدلب ضمن مشغل "زمردة" للأشغال اليدوية.
مشغل زمردة.. الفكرة والغاية
يعاني القطاع الصحي شمال غرب سوريا من نقص حاد في المعدات والأجهزة والكوادر الطبية لمواجهة خطر انتشار جائحة كورونا، خاصةً أن عدد الإصابات اليومية تعدى حاجز الألف إصابة.
الأمر الذي دعا لضرورة القيام بإجراءات احترازية ووجوب ارتداء الكمامة على الأقل باعتبارها الخطوة الأولى للوقاية من الإصابة، والعمل بشكل جماعي من كل الأطراف، وتحمل المسؤولية إزاء ذلك.
حيث قامت متطوعات مشغل "زمردة" بإطلاق حملة إنتاج وتوزيع الكمامات القماشية مجاناً
أورينت نت زارت مشغل زمردة والتقت مديرته (فاطمة هلال) التي تحدثت لنا قائلة: "تأسس المشغل بشكل تطوعي، وإمكانيات خاصة، منذ سنتين تقريباً وتخرّج فيه أكثر من مئة متدربة، يجمع النساء الأرامل والنازحات اللواتي يعانين غياب المعيل بالدرجة الأولى، لتعليمهن مهن الخياطة والحياكة والتطريز وأشغال الصوف، ليتمكنّ من إعالة أنفسهن وأسرهن، وحالياً مع ازدياد الإصابة بكورونا للأسف، وبالتالي ازدياد الحاجة لاستهلاك الكمامات القماشية، قامت أسرة المشغل المكونة من خمس عشرة امرأة بخياطة الكمامات وإنتاجها بقياسات وألوان مختلفة، لاستهداف أطفال الروضات وطلاب المدارس في بلدة كفر يحمول بالمقام الأول، كون العام الدراسي الجديد على الأبواب، وينتج المشغل حالياً حوالي 1500 كمامة يومياً بشكل متقن وحرفي وبألوان مختلفة ولا سيما الألوان التي تناسب وترغّب الأطفال للالتزام بها، ويرتهن الإنتاج من حيث الزيادة أو النقصان بتأمين المواد الأولية ووجود جهة تقدم الدعم والتكلفة التشغلية للمشغل وللعاملات فيه".
مرارة النزوح.. وإثبات الذات
كخلية نحل منتظمة العمل ينتقل القماش مابين إبرة تخيط وأيادٍ تتمنى الخير لمرتديها، هي صورة النساء العاملات داخل مشغل زمردة، وبهمم تعلو الجباه كخطوة أولية لتقديم المساعدة للناس وتخطي حاجز العجز والنزوح، بقصص مختلفة التفاصيل ومتحدة النتائج.
(سميرة العلوان) مهجرة من مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي إحدى العاملات في المشغل تحدثت لأورينت نت: "نزحت إلى بلدة كفر يحمول في الشمال السوري نتيجة للقصف الهمجي، وفي بداية انتسابي للمشغل خضعت لدورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر تعلمت من خلالها مهارات كافة فنون الخياطة والحياكة ثم أصبحت متطوعة ثابتة في مشغل زمردة، أثبت ذاتي من خلاله وأعمل على تأمين احتياجات أطفالي الثلاثة بعد استشهاد والدهم قبل فترة بغارة روسية على مدينتنا " من جهتها أعربت (رنا الحصي) المهجرة من ريف حماة الشرقي عن سعادتها في إيجاد متنفس بعيد عن قساوة النزوح ومرارة العيش في المخيمات وفرصة للتعرف على زميلات عمل والفضفضة "عن الحال المعيشي لهن، إضافةً لتعلم مهارات جديدة في الخياطة والتفصيل القماشي، ومع الحملة التطوعية لخياطة الكمامات أشعر بسعادة غامرة كوني إحدى المتطوعات لمثل هذا العمل الخيري الذي يعود بالفائدة على المجتمع بأكمله".
البحث عن سبل العيش
"نحنا أمهات بالدرحة الأولى منخاف على ولادنا" جملة قالتها (فاطمة هلال) مديرة مشغل زمردة أثناء حديثها عن أهمية مبادرتهن التطوعية وتابعت: "جميعنا لديه أطفال ونعلم مقدار حب الأم لأولادها فمن كوننا أمهات نسعى لدعم الأطفال وكان لزاماً علينا ترك بصمة إيجابية في مجتمعنا من خلال ما نستطيعه ونبدع فيه، فعلى الرغم من قلة الإمكانيات المتاحة وضعف اللوجستيات نخيط وننتج الكمامات على حسابنا الخاص ولا نطلب أي مقابل سوى ترك الأثر الجميل والمفيد للجميع، ولكن أطمح لوجود جهة داعمة أو متكفلة بإيجاد مشاريع ربحية أو صيغ اتفاق معينة تعود بالنفع المادي على العاملات في مشغلنا ليكون لديهن سبيل عيش لتأمين متطلبات أسرهن والاستمرار بالعمل التطوعي على أكمل وجه ممكن".
(خالدة الشعلان) تحدثت لأورينت نت قائلة: "أعمل عدة ساعات كمتطوعة مع زميلاتي في خياطة وحياكة الكمامات لتأمين أكبر عدد منها للكبار عموماً وللأطفال خصوصاً بعد الانتهاء من عملي المأجور في تطريز الأثواب وحياكة الصوف، وسعيدة جداً كوني بين زميلاتي نقدم ما نستطيع من المساعدة جنباً إلى جنب حتى تنتهي أزمة تفشي الفايروس بإذن الله ويصبح الجميع بأمان".
الجدير بالذكر أن 22 منظمة أصدرت بياناً في السادس من سبتمبر /أيلول الجاري تحدثت فيه عن تفشي فايرس كورونا بشكل خطير ووصول عدد الإصابات به إلى أعلى معدلاتها، وأن جميع أسرّة المستشفيات ومراكز العزل في إدلب قد امتلأت تماماً.
التعليقات (0)