بالصور والأرقام والذكريات: أورينت تلاحق مواسم العنب والتين.. وتنقل آلام المزارعين

بالصور والأرقام والذكريات: أورينت تلاحق مواسم العنب والتين.. وتنقل آلام المزارعين
 حظيت فاكهتا الصيف الشهيتان العنب والتين بمكانة خاصة في نفوس السوريين عموماً، إذ ارتبط وجودهما ومواسم قطافهما بذكريات الماضي الجميل وسهرات الصيف المعروفة، كما إنها كانت "ضيافة المجلس" التي لابد منهما لكل زائر وساهر، فضلا عن أنهما كانتا مصدر رزق وعيش لشريحة واسعة جداً من المزارعين. 

وفي مدينة إدلب وريفها وبعد خسارة أعداد كبيرة من أشجار العنب والتين نتيجة للسيطرة العسكرية الأخيرة لميليشيات أسد الطائفية وحلفائها، شهد إنتاج العنب والتين تراجعاً ملحوظاً ومؤلما انعكس سلباً على الكثيرين، مثلما انعكس على إحساس الناس ببشرى الخير في مواسم الصيف وأماسي الشهر.  

التين والعنب.. مساحات وإحصائيات 

عند الحديث عن "العنب والتين" فالأمر لا يتعلق بهما كفاكهة لذيذة وحسب، بل بقدوم البشرى والقدسية بموسم النضوج والإثمار الصيفي، فالتين مذكور في القرآن الكريم، وقد أقسم الله عز وجل به،  ما يجعله مباركاً ومعتبراً  لدى من يزرعونه ومن يشتهونه. 

تراجعت زراعة التين والعنب وتضاءل إنتاجهما وتصريفهما نتيجة لضيق المساحة الزراعية وتوجه المزارعين والفلاحين إلى زراعة مواسم سنوية سريعة الإنتاج، ناهيك عن السيطرة العسكرية على ريف إدلب الجنوبي واقتراب خطوط التماس من باقي المناطق فيه.

 سألنا  عن أعداد أشجار التين وعرائش العنب المتبقية في ظل الحرب فأجاب (مصطفى الموحد) رئيس دائرة الإحصاء والتخطيط في حكومة الإنقاذ السورية لأورينت نت قائلا:

"تبلغ المساحة المزروعة بأشجار التين 1,850 هكتارا وعدد أشجارها 37,986 شجرة ومساحة أشجار العنب 449 هكتارا وعدد أشجارها 145800 ولا يكفي إنتاج العنب للاكتفاء الذاتي مما يستدعي الاستيراد تلبية لحاجة السوق المحلية على عكس التين الذي يحقق اكتفاءً بل وفائضاً وخصوصاً من التين المجفف المعد للتصدير" .

أنواع كثيرة.. بأسعار ضئيلة

تشهد أسواق محافظة إدلب تنوعاً كثيراً لفاكهتي التين والعنب، سواء من حيث الأصناف ذات الأحجام المتعددة والنكهات المختلفة والتي ذكرها لنا (الموحد) رئيس دائرة الإحصاء والتخطيط بقوله:

 "أنواع التين شهيرة وكثيرة ومنها الخضراوي والزعيبلي والسماقي وكعب الغزال و الشنشاري والسطاحي.. أما أنواع العنب فهي لا تقل تمايزا وتنوعا.. منها الزيني والشامي "الحلواني" والحفرزلي والفوعي والقرمشاني وبيض الحمام وأخيراً كوسا خليل وتتفاوت أسعارها حسب الاستهلاك والنوع المرغوب لدى الأهالي" 

وبسؤالنا أن أسعار فاكهتي التين والعنب وأكثر أنواعهما رغبةً عند الأهالي  أجاب (محمد باشا) تاجر فواكه في سوق هال إدلب: "يفضل أهل إدلب التين الخضراوي ويقبلون على شرائه بشكل كبير بينما يحتل كعب الغزال المرتبة الأولى عند أهالي حمص، والسطاحي عند أهالي ريف إدلب الجنوبي، وبالنسبة للعنب فيحتل الحلواني والفوعي مرتبة عالية لدى عوام السوريين ولا سيما مدينة إدلب،  وتتراوح أسعار التين مابين 2 إلى 4 ليرة تركية أما العنب من 4 إلى 8 ليرة تركية"

صعوبات ومواسم ضائعة 

كغيرها من المحاصيل والمزروعات تعاني من ضعف في الرعاية والاهتمام نتيجة لارتفاع تكاليفها المادية، وضيق مساحة تصريفها في زمن المعابر والحواجز والسلطات المختلفة.. ناهيك عن صعوبة تصديرها إلى الخارج والداخل كما كان في السابق وذلك بحسب المزارع الحاج (قدور معدل) الذي أضاف: 

"كنا سابقاً نصدر محصول وإنتاج التين وخاصة المجفف إلى كافة المحافظات السورية بل وإلى دول مجاورة كالعراق والأردن والسعودية ولكن حالياً مع استحالة التصدير إلى باقي المحافظات السورية وصعوبته لدول الجوار انخفضت أسعاره كثيراً، الأمر الذي أدى لعزوف عدد كبير من المزارعين عن زراعته والاعتماد عليه مثل ماكان عليه سابقاً" 

من جهته تحدث لأورينت نت (أحمد القاسم) المهجر من ريف حماة منطقه سهل الغاب "تراجع موسم التين لهذا العام بسبب النزوح من أماكن زراعته بعد سيطرة النظام عليها وقطع غالبية أشجارها أو حرقها من قبل "الشبيحة"، ومن ناحية أخرى هناك موسم ضائع آخر وهو الأشجار القريبة من خطوط التماس والتي تعتبر بحكم التالفة لعدم القدرة على رعايتها والاستفادة من إنتاجها". 

موسم التين والعنب إذا بدأ

تبقى شجرة التين ودالية العنب وعرائشه مرتبطتين بتراث الشعب السوري وحضارته ومذاق فاكهته الصيفية المفضلة، بجانب جذور الزيتون القوية، وكما يبقى المثل الشعبي القائل "إذا بدأ موسم التين والعنب.. مابيعود البطيخ طيب" سيد الموقف وعبارة يرددها القائلون على مر الأيام وذاكرة تعلق في أذهانهم تحملهم إلى أراضيهم التي هجّرتهم منها ميليشيات أسد الطائفية قسراً لتصبح أكلة " اليبرق" أو "محشي ورق العنب"  ذكرى من ماض يسترقون بعض ذكرياته وأطباقه.. أما نكهة العنب ورائحة التين المقطوف حديثاً فمازالت تشغل أحاديث السمر تحت عرائش الذاكرة، لتعقد مقارنةً مفروضة بين اليوم والأمس.. وبين حلم سوريا الحرة المعافاة في الغد. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات