في الذكرى العاشرة للثورة: لغز إسقاط نظام ليس لديه شيء محرّم!

في الذكرى العاشرة للثورة: لغز إسقاط نظام ليس لديه شيء محرّم!
يعتقد الكثير من السوريين وغيرهم أنّ هذا "النظام" قد استطاع أن يبقى حتّى الآن بسبب دعم خارجي إقليمي أو عالمي فقط، فقد كان آيلاً للسقوط بعد قيام الثورة بفترة وجيزة، لكنّ الإيرانيين والروس وحلفاءه ومعهم المجتمع الدولي المتواطئ أنقذوه وأبقوه، هذا صحيح بالفعل لكنّه أتى لاحقاً، فقد أنقذ النظام في البداية نفسه بنفسه، قبل أن يستدعي التدخّل الخارجي لإنقاذه "حتّى الآن". 

كانت المعادلة بسيطة للغاية، وفي نفس الوقت غير قابلة للحلّ أو الفهم، هكذا هي: افعل ما تشاء!، بتبسيط أكثر يمكن القول بكلّ وضوح وبدون حاجة لشرح أصلاً: لا شيء على الإطلاق ممنوع أو مُحرّم.  

لكن تساؤلاً من الطبيعي أن يُثار، فحتّى مع كلّ هذا الشرّ الذي ديدنه "لا شيء محرّم"، هل سيكون متاحاً ومباحاً وهكذا صراحاً أن يحدث ما حدث ويحدث في "سوريا" دون موافقة أو تواطؤ أو سكوت معتمد عليه أساساً؟، هل كان يمكن للأسد المجرم الأهبل أن يفعل ما فعله، وأن يكون لعصابته القذرة القدرة على الاستمرار في كلّ هذا الترويع للقضاء على الثورة، بدون مساعدة عسكرية أو دعم سياسي؟. 

في الحقيقة جرت الأمور على مرحلتين، مرحلة ما قبل استدعاء التدخّل الخارجي ومرحلة ما بعد ذلك، وفي المرحلتين لم تلجأ "عصابة أسد" لأساليب إجرامية جديدة في تعاملها مع السوريين، لكنّها وسّعتها وطوّرتها، وكان سكوت "المجتمع الدولي" أكبر تأثيراً من التدخّل العسكري المباشر والحماية السياسية من خلال "مجلس الأمن".  

كانت المرحلة الأولى مرحلة استعداد، ولم تكن لتتمّ لولا قيام الثورات العربية التي سبقت الثورة السورية في تونس مصر ليبيا واليمن، وقد يكون التعبير المناسب هو "لولا تأخّر الثورة السورية"!. فلطالما ألحّ هذا السؤال: ماذا لو كانت الثورة السورية هي الأولى؟، أو لماذا لم تكن؟، بل ربّما يتبادر سؤال أكثر عُمقاً وتعقيداً: هل لو كان لدينا "بو عزيزي" سوري أضرم النار في جسده أمام مبنى المحافظة في دمشق أو حلب أو الحسكة أو طرطوس، فستشتعل ثورة السوريين؟، أو إذا لم تكن ثورة أخرى في منطقتنا العربية قد قامت قبل ما جرى لـأطفال درعا، فهل سيثور السوريون؟. 

واقع الحال السوري يُشير إلى إجابة قطعية على هذا السؤال، وهي لا!، فحجم القمع الذي عاشه السوريون قبل ثلاثين.. وأربعين سنة من اندلاع ثورة تونس بسبب حرق "طارق الطيّب محمّد بو عزيزي" لنفسه، لا يمكن تصوّره حتّى!. 

كان الضبّاط السوريون يتفنّنون في الوحشية، مَن يضع شابّاً في كيس من الخيش مع قطّة وجربوع ويربطه، ثمّ يجلس مع رفاقه يشربون "الويسكي" وهم يتفرّجون على هذا المشهد بتلذّذ، والشابّ يصيح ألماً وينتحب حتّى يموت منهوشاً مختنقاً؟، من يقتل ألف معتقل في سجن خلال خمس دقائق؟، من يمكنه فعل ذلك؟. 

لذلك لم تجد عصابة أسد أيّ ضير أو إحراج حين اعتقل "حمزة الخطيب" وهو ابن الرابعة عشرة فقطع عضوه وعُذّب حتّى الموت ثمّ مثّل بجثّته، وليس مستحيلاً ولا غريباً أن تختفي تماماً "رانيا العبّاسي" مع زوجها وأطفالها الستّة، وأكبرهم في الثالثة عشرة وأصغرهم رضيع، وليس غريباً على الإطلاق أن يصوّر أحد عناصر "القوى الجوّية" ضاحكاً متباهياً هو يُفلت من الطائرة "برميلاً" على مدينة أو قرية، مع سحبة "سيجارة" قويّة وشهيّة!. 

ليس ثمّة ربط واضح أو منطقي بين الدعم الخارجي الذي تلقّاه "أسد" النكرة بشكل مباشر أو الدعم غير المباشر الذي حظي به بسبب السكوت على الأقلّ، وبلا خوض في فرضية المؤامرة، فمجرّد التفكير بالمؤامرة مغامرة، لكن من يمكن له أن يُغامر فيقول: إنّ "إمرائيل" أي أمريكا وإسرائيل لم تكونا مع كلب يهوذا الرابض في سوريا منذ العام 2000، بعدما مرّر له أبوه وهو في "قبر" المنصب الذي كان يتولّاه.. "حاخام سوريا"؟. 

كان ابن علي ومبارك والقذافي وصالح مجرّد عملاء لـ "إمرائيل"، لكنّ حافظ أسد كان شريكاً مُعتبراً، ولقد ورّث هذا "العزّ" لابنه ليس بوساطة خدّام وطلاس وعبدالله الأحمر وسليمان قدّاح، ولا بواسطة محمّد ناصيف وآصف شوكت وحسن خليل وهشام بختيار، بل بواسطة العرّافة "مادلين أولبرايت". 

لا يمكن تصوّر أنّ التدخّل الخارجي المباشر وحده من حمى "أسد" النكرة من السقوط "حتّى الآن"، إنّما النصيحة المباشرة بقتل "مشعل تمّو" وأمثاله فوراً، وإخراج "هاشم الشيخ" وأمثاله فوراً، وبقيت مسألة الدعم والتدخّل العسكري مسألة انتظار مثل الخطّة "ب" لكنّ الهدف واحد، وربّما ليس متّفقاً عليه قدر ما هو هدف بعينه: أسد شريكنا فيفعل ما نشاء ونحن شركاؤه ونفعل ما نشاء!. 

في الذكرى العاشرة للثورة، يصرخ بألم وحسرة وحزن شديد هذا السؤال: ماذا يفعل السوريون الذين لم يثوروا على "بشّار الوحش" بعد كلّ هذا الوقت وكلّ هذا الحقد والسقوط والجريمة، وكيف نُشفق عليهم؟، بل سؤال آخر فيه إهانة مباشرة: الذي يقبل بعيشة الكلاب وجوعها وذلّها خوفاً من البطش بل من الموت حتّى، ألا ينبح قليلاً؟. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات