واليوم... نادراً جدا أن تجد شارعا أو حياً أو حتى زقاقا في الشمال المحرر خاليا من الدراجات النارية باختلاف أنواعها وأشكالها، ونظراً لسهولة التنقل فيها وسعرها المقبول نسبياً مقارنةً مع دخل الفرد تجوب الدراجات النارية المحرر ويستخدمها غالبية سكانه على تفاوت أعمارهم و طبقاتهم الاجتماعية، أورينت نت تأخذكم عبر هذا التحقيق برحلة في عالم الدراجات النارية من الألف إلى الياء.
مصدر الدراجات النارية
يعتبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا المدخل الرئيسي لجميع أنواع الدراجات، قادمةً من الصين عبر سلسلة تفاهمات تجارية يحصل عليها التاجر من خلال الوساطة التجارية مع المختصين ببلد المنشأ. وحول هذا الأمر تحدث لأورينت نت (جمال الشيخ) والذي يملك صالة لبيع الدراجات النارية في مدينة إدلب قائلاً:
"تدخل الدراجات النارية إلى المناطق المحررة عبر معبر باب الهوى ترانزيت بشحنات مختلفة الحجم والعدد، وتوزّع على تجار "الموتورات" من مشرفين اثنين أساسين هما الحلبي والمعراوي، وتتركز حركة التوزيع الداخلي في مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي بشكل رئيسي ومنها إلى باقي المحرر، وتشهد حركة إستيراد الدراجات النارية انتعاشاً ملحوظاً وسلاسة التداول فيها والحصول عليها"
وهذا ما أكده (مازن علوش) مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى بقوله: "تدخل الدراجات النارية مثل أي سلعة مرخصٌ بها، بشكل روتيني وسهل عبر شاحنات تركية يتم تفريغها في ساحة المعبر ومن ثم تحميلها بسيارات سورية لنقلها إلى المحرر، بعد تسيير أوراقها من قبل المخلّص الجمركي، ولايوجد أي ضوابط للأنواع أو الكميات".
صالات البيع.. والحركة الشرائية
يقبل الناس على شراء الدراجات النارية من صالات البيع الرئيسية المنتشرة بكثرة في المناطق المحررة ولا سيما مدينتي سرمدا والدانا واللتين تعتبران الرائدتين في هذا المجال و القريبتين جغرافياً من معبر باب الهوى، حيث حدثنا (عبد الله حمادة) أحد تجار الدراجات النارية قائلا : "تصل الدراجات النارية إلى صالات البيع المعروفة "بالوكالات" عبارة عن قطع متفرقة ضمن صناديق معروفة" بالتابوت" ثم نجمعها محلياً، وتباع مباشرةً للزبائن ، ويختلف سعر الدراجة حسب نوعها وتاريخ صنعها ابتداءً من ١٥٠ إلى ١٣٠٠ دولار وبنسبة ربح محددة بين ١٠ و٢٥ دولارا للدراجة الواحدة بحسب نوع وسعر الدراجة المباعة".
وبسؤالنا عن أشهر الماركات وأكثرها مبيعاً، أجابنا (نذير الزين) صاحب وكالة لبيع الدراجات النارية بقوله
"أكثر ماركة مستخدمة هي البارت بنوعيه العقاد و اللونسون بالإضافة لماركة DDF كونها تمتاز بسرعة وصلابة واقتصاد بمصروف البنزين وعادةً مايقتني تلك الأنواع أصحاب السفر الطويل والمتكرر، وتأتي بعدها ماركتا الباتريوت والجبلي اللتان أصبحتا تستخدمان بكثرة من قبل الثوار كونهما تمتازان بما يُعرف " بالضفر العريض" للعجلات، مايجعلهما تتناسبان مع الطرق الوعرة ونقاط الرباط، إضافةً لقدرتهما على تحمّل الأوزان الثقيلة"
وأضاف (الزين) :
تُباع الدراجة الجديدة للزبون بفاتورة نظامية تحمل ختم الصالة البائعة، مُثبت فيها نوع الدراجة و موديلها ورقم المحرك والشاسيه مع ذكر كل التفاصيل والإكسسوارات المتعلقة بالدراجة، بتاريخ يوم البيع مع اسم المشتري.
بخلاف تلك الدراجات التي تُباع مستعملة في الأسواق الشعبية التي تخصص بأماكن وأيام محددة، والتي لا تخضع إلا للتراضي بين البائع والمشتري.
الحد من عمليات السرقة!
ومع كثرة أعداد الدراجات النارية والحوادث التي ترافقها، قامت حكومة الإنقاذ في الشمال السوري، بترسيم الدراجات وتزويدها بلوحات مرورية نظامية للحد من عمليات السرقة، وحول هذا الأمر حدثنا (علاء الدين حلاج) رئيس دائرة المركبات:
"تبدأ عملية تسجيل الدراجة بعد إبراز مالكها لعقد أو فاتورة الشراء لمعرفة أساسها، إضافةً لصورة إثبات شخصية، ليتم بعدها عملية الكشف الفني من قبلنا لاعتماد شكل ومواصفات الدراجة، ليتم منحها كرتا ولوحات تُثبت عليها، بعد استيفاء رسوم التسجيل المحددة بثلاثين ليرة تركية ويستمر التسجيل لغاية 2021.4.1 مبدئياً".
وأشار (الحلاج) إلى أهمية خطوة التسجيل كونها تحفظ حقوق مالك الدراجة من السرقة والضياع وتنظيم الضبط اللازم في حال حصول ذلك، وحماية المواطنين من استخدامها بطرق غير قانونية بحوادث سرقة أو خطف،حيث يسهل التعرف على عائديتها من رقم لوحتها، الأمر الذي يساهم إلى حدٍ كبير في ضبط السلوكيات العامة.
من جهته تحدث لنا (علي الباشا) صاحب محل تصليح دراجات قائلاً: غالباً مايتم بيع" المتور" المسروق بشكل جزئي بعد "فرطه" إلى قطع غيار وبيعها على حدة حتى لا يتم التعرف عليها، على اعتبار أن صورة الدراجة المسروقة تكون معممة على وسائل التواصل الاجتماعي وغرف تجارة الدراجات، وأسواق بيعها وبالتالي سهولة التعرف عليها.
ومن جهة ثانية "تُنقل الدراجة المسروقة إلى مناطق درع الفرات عبر طرق التهريب لتفادي حواجز التفتيش ويتم بيعها هناك عبر شبكة لصوص مرتبطة".
وأضاف: "يمتلك اللصوص خبرة واسعة في مجال خلع أو كسر الأقفال وحتى قص "الجنازير" بأدوات معينة، أو خبرات أخرى يتعلمونها من تطبيق اليوتيوب، وتتم عملية السرقة بوقت قصير جداً لايتعدى الدقيقة الواحدة، وتشهد مدينة إدلب لوحدها حوالي عشرين حالة سرقة بشكل شبه يومي بسبب كثرة الدراجات النارية وازدياد عدد السكان وبالتالي السعي وراء التربح السريع ولو بطرق غير مشروعة، على الرغم من محاولات الجهات المختصة والتي لاتزال متواضعة لضبط حالات السرقة".
دور الدراجات النارية وأهميتها
تأتي أهمية الدراجة النارية من كونها وسيلة نقل متاحة لدى الجميع تتمتع بميزة السرعة والرشاقة والمصروف الاقتصادي والسعر المناسب ووفرة قطع الغيار ومحلات التصليح، الأمر الذي أكده (فؤاد الرشوان) والذي يعمل صاحب محل تصليح دراجات نارية بقوله "تنتشر مئات محلات التصليح وتختلف أنواع الدراجات في المناطق المحررة وتقدم خدماتها على مدار الساعة لقاء أجر بسيط نوعاً ما، وتشهد هذه المحلات انتعاشا واضحا بسبب كثرة الدراجات والحاجة إلى تصليحها من وقت لآخر، ناهيك عن توفر فرص عمل لابأس بها من خلال تعلم مهنة التصليح والعمل بها".
بدوره قال لنا (أحمد الحلبي) أحد مستخدمي الدراجات النارية
"لم تعد الدراجة حكراً على فئة معينة أو عمر محدد لاستخدامها، بل باتت وسيلة النقل الأكثر وفرةً في المحرر، ونادراً ما يخلو بيت منها، وخاصةً في المخيمات التي تشهد بالعموم طرقا وعرة على السيارات مايجعل مرور الدراجات عليها أسهل، بالإضافة لسعرها المقبول في ظل الوضع الاقتصادي الصعب للغالبية"
والجدير بالذكر أن مدينة إدلب تشهد تضخماً سكانياً ملحوظاً وبالتالي حصول حالات الاختناقات المرورية، مايجعل ركوب الدراجة حلا أفضل لتلافي تلك الاختناقات وسهولة التنقل ولاسيما التنقل الداخلي للاستخدامات اليومية.
التعليقات (0)