دير الزور.. قصيدةُ الخُزامى

دير الزور.. قصيدةُ الخُزامى

بيني وبينك يا دير الزور.. يا دير البلابل الباحثة عن روض رضا في صحراء العدم.. بيني وبينك سكة الحديد.. فرات لا ينام ولا يموت.. بيني وبينك سَفّاح لا يتقن أبجديةَ الشِّعر في أسواقِ مَجْدِكِ العريق.. ولا يدرك كُنْهَ الأشياء.. فالمدينة.. الواحة.. نَبِيَّةُ الزئير التي ظلّت تواصل على امتداد تاريخها البعيد والقريب رفض أي محتلٍّ لعنفوانها البدويّ الأصيل.. لا تقبل الدنية.. وتؤثر عليها الموت في ساح الوغى.. 

هناك.. قُرْبَ صفصافِ الوقت.. وتوثُّبِ زهرِ الرمّان لربيع سوف يجيء.. يتمسك أبناؤك الذين قال عنهم أحد الرحّالة إنهم أقوياءُ البُنْيَةِ، مهذبوا الأخلاق، يتمسكون بحقهم في حياة لا عبودية فيها.. بنداء الحرية الذي طلع ذات صبح من حناجر أطفال تعربشوا حيطان المدى في درعا.. ينسجون مع فروة الشتاء.. علم ثورة الناس والشرف والكرامة.. بيضاء قلوبهم بلون قطنهم.. حنطاوية ملامحهم بلون قمحهم.. يواصلون إعمال الذهن في أحجار رقعة الشطرنج.. وصولاً إلى نصرٍ يهتف المنتصرون فيه: كِش.... 

يشدُّني الشوق إلى شِيحِك المتجذر في المكان.. القابض على جمر البقاء رغم الريح السموم.. ورمال الموجة العابرة.. يندهني الخزامى كأنه قصيدةٌ طالعةٌ من قَصَبِ الأرض ونسورِ سمائك الزرقاء كَصَفْحَةِ بحرٍ بعيد..

يااا دير العتابا والميجنا والتكايا والناي والربابة والوعد والمجد والثريد.. يااا براري النقشبنديين العابدين الحاملين شعلة المعرفة التي لا تنطفئ.. في عيون أبنائك يا دير العصافير والرمان والشعراء، جمرة غضب، كشعلة النقشبنديين، لا تنطفئ.. فيها تَوَقُّدُ أَمَلٍ لا يغيب.. فيها نداء تسامح ليس مع من سرقوا الوطن من أبنائه.. بل مع مكونات المكان والزمان.. من أرمن وأكراد وعِباد تقطّعت بهم سبل الرجوع..

خذنا يا دير الجزيرة الوارفة الظلال بجولة نقية المقاصد.. روحية الضراعة، إلى مزار الشيخ محمد السائح (أبو عابد) حبيب الناس.. وملاذ الصبايا.. علّني أهمس في أذنه: يقتلنا يا شيخنا مغول الأزمان جميعها.. كان الدير ملاذك قبل سبعة قرون من همجية مغول بغداد.. ولكنه اليوم.. وكل جهات الوطن الكبير.. يواجهون عدواً أكثر همجية من الهمجية نفسها..  

ينتظرنا الأقحوان في ممرات الطريق إليك.. تنتظرنا خمس وأربعون حديقة تنتشي بالجلنار.. تنتظرنا كنيسة مريم العذراء.. وباقي الكنائس.. ينتظرنا المسجد الحميدي وباقي المساجد.. حديقة طليطلة.. أسواق العطارين والخشابين والحدادين والحبوب.. لنحتفل بيوم النصر.. يوم انتهاء زمن البراميل العمياء التي لا ترى حتمية التاريخ.. ومنطق الأشياء.. سيكون احتفالاً تاريخياً مضاء بقناديل الطريق إلى بغداد.. وكل جهات الكون.. سنأكل من أيدي الأمهات تحلاية الكليجة المشبعة بالدقيق الرقيق وسمن الخير وسُكَّر الأيام الحلوة.. سنحتفل يا دير الزور.. ونزأرُ انتصاراً على مسوخ الأسود...

التعليقات (6)

    فرات الخير

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    بوركت وبوركت حروف..

    بجاري والفرات موطني

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    طفت أخي الكريم على الدير الحزين لتمسح عن جبينها خزي أمة جبانة أقعدتها جيفة وما زادت عن قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( الدنيا جيفة وطلابها كلابها ) .. لم تغلق بابها بوجه قادم ولم تخفر ذمة للاجئ وقدمت راحة الغريب على راحة أبنائها ... لم تشاركهم الزاد والمسكن بل آثرتهم على نفسها وأهل بيتها , إسألوا إن شئتم من لجأ إليها ومن قدم ليدرس أو يعمل بها وغيرهم , إسألوهم هل كنتم غرباء بدير الخير والحب والعطاء ؟ أتجوع يادير ؟ أيموت أهلك وهم أهل الجود والكرم !! ربمافما بقي في العرب رجال

    نمر شعيطي

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    ايا دير قد تعلقنا فيك وزاد في تعلنا الهوى فنحن ولدنا على ارضك ارض الطيبة والوفى نخاف ونغضب اذ حل بك الاسى فاءنت خير ارض وهبت من رب السما فيك كرم الضيف عنوان اذ حط رحله مبتسما لك الله من عدو بربري مغولي رافضيا مجوسين شيوعي لدماء ابناءك اهرقى لك الله لا غيره من مجيب يفرج الكرب اذا ضاقى

    نمر شعيطي

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    ايا دير قد تعلقنا فيك وزاد في تعلنا الهوى فنحن ولدنا على ارضك ارض الطيبة والوفى نخاف ونغضب اذ حل بك الاسى فاءنت خير ارض وهبت من رب السما فيك كرم الضيف عنوان اذ حط رحله مبتسما لك الله من عدو بربري مغولي رافضيا مجوسين شيوعي لدماء ابناءك اهرقى لك الله لا غيره من مجيب يفرج الكرب اذا ضاقى

    ريم الفرات

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    واسا مولاقيلهم باب يلجؤون الو غير باب الله سكرو الكل بوابهم بوجهم ياحيف ياحيف

    مصطفى عبد الكريم الابراهيم

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    هم يا قلب باليجي وحن يا قلب على الراح واسبح بشط الحزن ظهر و مسي و مصباح حبيبتي ديرالزور
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات