لا صوت ولا صورة!
ما يثير الريبة حول مصير ماهر الأسد، القائد الفعلي للفرقة الرابعة "سرايا الدفاع أيام رفعت الأسد". هو تخلي أجهزة دعاية "النظام"، عن أسلوبها المُعتمد بدحض الشائعات المتعلقة، بمصير شخصياته الهامة. عبر إظهارها تلفزيونياً "صوت وصورة"، قياساً لما جرى فعلاً مع شخصيات أخرى طاولتها الشائعات. منها أسماء الأسد، تكذيباً لشائعة مغادرتها مع أبنائها للبلاد. وكذلك رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، الذي قيل أنه اعُتقل أو قُتل ، ليظهر بعد أيام برفقة بشار الأسد، خلال استقباله وفداً سياسياً، وغيرهم. مثل وزير عدل بشار "نجم الأحمد"، الذي ظهر على تلفزيون الأسد، لينفي "فوراً"، وعلى الهواء مباشر. ما أشيع عن اختطافه، على يد جيش الإسلام.
هذا الإجراء المُتعارف عليه. لم يُتبع لإثبات بطلان "شائعات" أخطر، وأكثر حساسية بما لا يُقارن، حيال مصير العميد ماهر الأسد. بدءاً من مقتله في تفجير خلية الأزمة تموز/ 2012، وهذا مُستبعد مع ازدياد الدلائل على تورط جماعة الأسد وإيران بالعملية، للتخلص من اللواء آصف شوكت. مروراً باستهداف موكبه على طريق الصبورة بريف دمشق، وما تناقلته الأنباء، عن بتر ساقيه. رغم سهولة نفي الأمر، من خلال تصويره مُتفقداً، أحد مواقع الفرقة الرابعة مثلاً. أو حضوره عرضاً عسكرياً. أو مناورات حربية لتشكيلات قوات الأسد، جرى بعضها بالفعل، وتم بثه إعلامياً.
النمر بديلاً من الأسد!
ما يثير الريبة أكثر، هو غياب ماهر الأسد، في أحلك الظروف العسكرية، التي تقتضي ظهوره. مثل تهديد فصائل الثوار باقتحام، بدا محتوماً في فترة سابقة لدمشق ذاتها . في حين أسندت مهام رفع معنويات "فصيل الأسد" المنهارة، إلى شخصية العقيد سهيل الحسن، وإسباغ لقب "النمر" عليه، وتصويره على أنه سوبرمان، أو المُنقذ. وإنشاء عشرات الصفحات في فيسبوك لمريديه. وهذا استثناء غير مسبوق، يندرج بخانة المحرمات، في عرف وتقاليد حكم أسرة الأسد، منذ عهد الأب. لما تُشكله من تهديد للسلطة، وتهشيم لهالة شبه "إلهية"، أُسدلت على صورة العائلة.
"أورينت نت" تكشف المستور!
ظاهرة العقيد النمر، هي بديل اضطراري، لغياب العميد ماهر الأسد القسري، على ما يبدو. بدليل ما أقدمت عليه أجهزة الدعاية الموالية، من تسريب فيديو مُلتبس، تم تصويره عن بعد، ووضعه على يوتيوب 13/8/ 2015، وتداوله بشكل واسع، على أنه للعميد ماهر الأسد مُتفقداً "جورين" بريف حماة، وهي بلدة علوية حساسة. أثار سقوطها الوشيك وقتها، بأيدي مقاتلي المعارضة، الرعب بين الموالين. لكن سرعان ما انفردت "أورينت نت" يومئذ، بالتشكيك في صحة الفيديو، من خلال تفريغها صورة للعميد ماهر الأسد، ومقارنتها بصور ثابتة مأخوذة من الفيديو، ليتضح أن الشخص الذي يظهر فيه، هو العقيد سهيل الحسن، وليس ماهر الأسد.
فضائح لستر الفضيحة!
فضيحة الفيديو تلك، التي أريد منها، تكذيب جميع الشائعات بشأن إصابة ماهر،على حساسيتها وخطورتها. لم يتم تداركها بظهور مؤكد لماهر الأسد، يُبدد الشكوك بشأن "حالته". بل على العكس، حيث اختارت أجهزة الدعاية إياها، بعد نحو أسبوعين من فضح "أورينت نت" لحقيقة الفيديو المُلتبس، إعادة "تظهير العميد ماهر"، على شكل أغنية هذه المرة. انتشرت بسرعة بين أوساط العسكر والمدنيين. ومن كلماتها " نور ونار .. يا ماهر أنت الإعصار". كما تدعو له بالعمر المديد "ربي بعمرك يزيد وبنصرك تعمر هالدار" فيما المطلوب بين أوساط عشاقه، هو ظهور "المُخلص" بشحمه ولحمه. و إثبات أنه ما يزال بحالة جيدة، جسدياً ونفسياً.
كسر "التابوهات"!
الأكثر غرابة، هو لجوء عائلة الأسد، إلى كسر "تابوهات"، كانت من المحرمات سابقاً. كما في واقعة نشر الاتحاد الرياضي العام، على موقعه الالكتروني قبل أشهر، صوراً لزوجة ماهر الأسد "منال جدعان"، وابنتيه "بشرى وشام"، أثناء ممارستهن رياضة الفروسية، تحت يافطة الاحتفاء بعيد "الجيش"، رغم انتفاء الصفة، أو المبرر الرسمي لاحتفالهن من أساسه. ما يُثير المزيد من التساؤلات، حول الدوافع الحقيقية، وما يُراد إخفاؤه، خلف نشر تلك الصور، وتداولها.
ما قبل "الفيديو الكاذب، والأغنية". تحديداً في 18/6/2014، وفي سياق محاولة تكذيب شائعة بتر ساقي العميد، أو إحداهما. جرى تسريب صورة لماهر الأسد مع الفنان جورج وسوف، بالطول الكامل. نشرها في صفحته على فيسبوك، ثم أعاد نشرها المذيع اللبناني "نيشان"، قائلاً انها التقطت قبل أربعة أيام 14/6 . ولا يُمكن بالطبع إثبات صحة التاريخ المدعى. وما ينطبق على صورة ماهر وجورج، لناحية تاريخ التقاطها. ينسحب على صورة سابقة، تم تداولها لماهر الأسد مع رفعت علي عيد، زعيم إحدى الميليشيات الطائفية اللبنانية.
كلام "العصفورة"!
عموماً، المرة الوحيدة، التي تطرق فيها بشار الأسد علناً، للأقاويل بشأن شقيقه ماهر. جاءت أوائل شهر تشرين الأول 2013. حيث صرح بأن شقيقه موجود، وعلى رأس عمله، وبصحة جيدة، في حوار مع قناة "هالك" التركية. وهو ما يصعُب الركون إلى دقته بطبيعة الحال.
كلام بشار هذا، نُشر شيء يُشبهه مع بعض "الإيضاحات". وذلك بالشهر التاسع 2013، في مجلة "الجرس" اللبنانية، لصاحبتها نضال الأحمدية. المُغرمة بأحذية أسماء الأسد، والمعروفة بقوة علاقاتها مع الأجهزة الأمنية، في جمهورية "سوا ربينا". إذ ذكرت المجلة، أن شخصية بارزة، في نظام الأسد، تزور لبنان بشكل متقطع. تؤكد أمام أصحاب الثقة لديها، بأن ماهر الأسد لم "يمت". لكنه تعرض لضربة قاسية في قدميه. وعاد إلى سورية، بعد رحلة علاج طويلة في موسكو. وأنه لم يعد بكامل قواه. لكنه يُدير العمليات من مكان إقامته الآمن. وهو من يرسم الخرائط العسكرية. كما يُدير بعض العمليات العسكرية الكبرى. لكن من على كرسيه المتحرك.
المجلة، لم تستبعد صحة خبر الإصابة . بيد أنها نسبته إلى شخصية "مخابراتية"، ربما يكون هدف "ما تهمس به" إيقاع الصحفيين بمعلومات كاذبة، ضمن خطة تسويقية دفاعية ذكية، تابعة للمدرسة الإعلامية – الإعلانية، الأشهر في أمريكا، بحسب تعبيرها.
بدورنا، لا نتبنى خبر إصابة العميد ماهر الأسد، ولا ننفيه أيضاً. لكننا نستعرض ملابسات الموضوع. ونتولى طرح السؤال الأخطر، الذي لا يجرؤ مريدو "سيادة العميد" ومحبوه، على طرحه، حول حقيقة مصير العميد. ما قبل ظهوره المُزور في جورين، وبعده؟. ولماذا لم يخلع "بيجامته" الرياضية حتى الآن؟!!!.
التعليقات (4)