روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله (طوبى لعمار تقتله الفئة الباغية). المقصود طبعاً هو الصحابي الجليل عمار بن ياسر. وحدث أن قاتل، و قُتل في صفوف جيش الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام". بسيوف جيش معاوية بن أبي سفيان، في معركة صفين . ما أثار ارتباك عمرو بن العاص آنذاك. ثم دخوله فزِعاً على معاوية، الذي أجابه (دحضت في بولك .. "أو نحن" قتلناه؟ إنما قتله علي وأصحابه، جاؤوا به حتى ألقوه بين سيوفنا). وهو ما لخصه عمرو بن العاص لاحقاً، بمقولة (قتله من أخرجه).
لا غرابة، بأن يستذكر الشيعة هذه الحادثة، أكثر من غيرهم. لكن الغريب فعلاً، أن يعتمد حسن نصر الله، الذي يدعي "النسب" إلى آل البيت ذات المنطق. عبر بيان إعلامه الحربي، في محاولة بائسة، لتبرير ارتكاب ميليشياته المذهبية مجزرة "مضايا"، وتجويع ناسها، دون شفقة بطفل، أو رحمة بشيخ. حين ادعى نفاقاً، أن من يمنع خروج نحو 40 ألف مدني من سكانها، إنما هم الثوار، من أبناء البلدة ذاتها.
حتى هذا النفاق، على افتراض صحته، لا يبرر استمرار "القتل جوعاً". إذ لو امتلك حسن نصر الله، ذرة من أخلاق، أو من فروسية المقاتلين. لكانت الذريعة "أي احتجاز المدنيين"، الذين لا ذنب لهم، على يد أبنائهم. سبباً كافياً لرفع الحصار عنهم.
الحقيقة، أن منطق نصر الله، المُستعار من منطق معاوية بن أبي سفيان، الذي طالما لعنوه علناً، وشككوا في دينه وإنسانيته. لا يتعارض فقط مع أخلاق "آل البيت"، الذي يتنكر "حسن" بعمامتهم. بل يتناقض كذلك مع مبدأ المقاومة، التي يحمل زوراً لقب "سيدها". كما مع حق المظلوم، في الخروج على الظالم.
لا شك، أن الأخذ "بفتوى" سماحة السيد، واجتهاد إعلامه الحربي. من شأنه أن يُعيد كتابة التاريخ. ويمنح كفار قريش صك براءة، من دماء شهداء بدر وأحُد والخندق، وغيرها. ليُلقي بوزر دماء هؤلاء، على الرسول محمد "حاشاه"، باعتباره من أخرجهم. بينما كان عليهم البقاء عبيداً في مكة، يُسبحون بحمد سادتها، ويعبدون أوثانها. وعلى نفس المنوال تتم تبرئة العدو "الإسرائيلي"، من مجازره بحق الفلسطينيين، والسوريين، والمصريين، والأردنيين، واللبنانيين أنفسهم. الذين ما كان عليهم الخروج لمواجهة المُحتل، والتصدي له. ذاك المُحتل الذي منحه "سيد المقاومة"، شهادة حسن سلوك سلفاً. سواء باحتلاله الاستيطاني لأجزاء من سورية. مثلما فعل في القصير، ويُحاول بالزبداني ومضايا وبقين. أو بارتكابه المجازر المذهبية المُتنقلة، على امتداد أراضيها.
لعل الأدهى، أن يُبرر نصر الله، قتل يزيد بن أبي سفيان، لسيدنا الحسين ذاته، في كربلاء. حيث لا يجوز لسيدنا أبي عبد الله، بحسب منطق "السيد حسن" إياه. أن يُشرع سيفه بوجه الخليفة الظالم. وهو تماماُ ما فعله السوريون بثورتهم على الأسد الوريث، لا أكثر. لكن لا أقل.
التعليقات (20)