الصواريخ المعدلة ..سلاح استراتيجي بمتناول الثوار

 الصواريخ المعدلة ..سلاح استراتيجي بمتناول الثوار

 أطلقت إسرائيل عام 1982 عملية “سلامة الجليل” ، و التي أعلنت فيها  عزمها على  طرد التنظيمات الفلسطينية لمسافة 40 كم من الحدود اللبنانية وصولاً إلى نهر الليطاني،  بهدف  منع اطلاق صواريخ "غراد" ضد المستوطنات في القريبة من الحدود اللبنانية .

لتأتي روسيا بعد ثلاثة عقود من الزمن لتسعى لحماية قاعدتها الجوية الهشة في مطار  حميميم،  بإنشاء نطاق آمن بعمق أربعين كيلومتراً نحو الشرق  مشابهة بذلك ما فعلته اسرائيل في لبنان، و الذي اتضح لاحقاً أنها مجرد خطوة أولى لتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان بشكل كامل .فالرغبة بتأمين قاعدتها الجوية  يفسر الزخم الكبير للضربات الجوية ، و الضغط الكبير لقوات النظام و الميليشيات المرافقة لها للسيطرة على جبلي التركمان و الأكراد .حيث تؤمن السيطرة على  ذلك الحزام حول القاعدة حماية  لطائراتهم المكشوفة في العراء في مطار حميميم ، من معظم أنواع قذائف المدفعية و المدفعية الصاروخية لدى الثوار .

حظر على السلاح النوعي :

قد يكون الحظر على وصول الأسلحة المضادة للطائرات للثوار  هو أكبر معضلة تواجههم منذ بداية الحرب السورية، لكن  أحد العوامل التي ساهمت  في زيادة قدرة القوات الجوية للنظام هو انخفاض مستوى استهداف  المطارات  الفاعلة لديه، ما سمح لطائرات النظام بالعمل بأريحية طوال فترة الحرب .

سواء من ناحية الكمية أو تكتيكات القصف، لايزال الثوار يعانون من قصور كبير على مستوى استهداف المطارات،  ومازالوا لم يستثمروا ما لديهم من أسلحة بشكل جيد لهذا الغرض.

فصواريخ  غراد 40 كم  تعتبر السلاح الأبعد مدى لديهم، و لم يُشاهد أو يُعرف عن وجود أي سلاح بمدى أبعد (حسب جيش الإسلام فقد صُنعت صواريخ محلية بمدى يقارب 40 كم  لكن لم يُسجل استخدامها إلا في حالات نادرة ).

ما يعني أن نجاح تكوين هذا الحزام و خروج القاعدة العسكرية الروسية في مطار حميميم من المدى المجدي لصواريخ غراد  سيجعل الروس يعملون بأريحية أكبر، و ربما ينشرون أعداداً أكثر  من الطائرات ضمن القاعدة،  التي تعتبر مؤمنة بشكل أفضل من جميع قواعدهم  التي ينشئونها في باقي المطارات، و بخاصة مطارات ريف حمص .

ستون كم :

 بحكم الحظر المفروض على المضادات الجوية الفعالة، و التي يكاد يكون من المستحيل وصولها للثوار، تبرز الحاجة لوجود بدائل، و التي  تتمثل في الحالة السورية بالمدفعية الصاروخية  ذات المديات التي تفوق 60 كم، و التي ستحقق خرقاً على المستوى الاستراتيجي، و التي قد يتجاوز تأثيرها تأثير مضادات الطائرات  في حال استخدمت لضرب القواعد الجوية بشكل ملائم.

فمثل هذه المنظومات و التي يملكها النظام و يشغلها بكثافة  و بخاصة خلال العام الماضي،  كفيلة باستهداف المطارات التي تقلع منها أي طائرات تقصف المدنيين. .

فقد تُحدث  عدة أنابيب إطلاق مع عدة مئات من الصواريخ خرقاً كبيراً على عدة مستويات،  خصوصاً بسبب الحجم الكبير نسبياً لرؤوس هذه الصواريخ التي تبلغ أحيانا أكثر من 100 كغ، ما يعني دائرة تأثير كبيرة ضد الأفراد و الطائرات على حد سواء .

 لكن يبدوا أن  هذه المنظومات تواجه حظراً مشابهاً لمنظومات الدفاع الجوي، بسبب قدرتها على التسبب بتأثير كبير على مجريات الحرب السورية، و تحييد قسم كبير من القوى الفاعلة لنظام الأسد، و كسر النطاق الآمن الموجود في مدن الساحل و بعض المناطق المسيطر عليها .

ما يدفع بقوة للبحث عن بديل يتمثل هذه المرة بالعودة لفكرة "الصواريخ المعدلة."

 صواريخ معدلة :

تتحدث إحدى الفرضيات التي  بنيت وعدلت على أساسها الكثير من الصواريخ خلال العقود الماضية، على وجود حالة من التناسب بين وزن رأس الصاروخ و مداه، حيث يُعمد إلى تغيير النسبة بين الوزنين  لتغيير المدى و الفاعلية زيادة و نقصاناً .

و هذا ما طبقه  النظام و الإيرانيون ثم الثوار  فعلياً خلال الحرب السورية،  مع صواريخ الفيل التي زادت فعاليتها على حساب المدى<1> .

العكس صحيح :

على الرغم من  السنوات الخمس للحرب السورية  و التي شهدت العشرات من نماذج الصواريخ سواء المصنعة محلياً أو  المعدلة التي رفعت فيها الفعالية على حساب المدى، لكن لحد هذه اللحظة لم تظهر الحالة الثانية لمعادلة "المدى x الحمولة" .

 فلحد الآن  لم تظهر حاجة ملحة  تدفع الثوار لاستخدام الشكل الثاني  من أشكال التعديلات الممكنة على الصواريخ، و لم  يظهر للعلن أي شكل من أشكال تعديلات الصواريخ القائمة على أساس "تخفيض وزن الرأس الحربي لزيادة المدى"، لكن الوضع الحالي غيّر هذا الحالة  و ظهرت الحاجة  لصواريخ بمدى أبعد .

بخاصة بسبب  السعي الروسي لإنشاء تلك المنطقة الخالية من "مطلقي الصواريخ "، و التي ستنعكس سلباً على الوضع الميداني ككل، و تحرم الثوار من أي ورقة ضغط ضد القوات الروسية التي لاتزال حذرة في الدخول برياً.

فتخفيض وزن الرأس الحربي لصاروخ غراد 40 سيتسبب بزيادة مداه بشكل متناسب مع الفرق في وزن الرأس<2>، ما يعطي القدرة على إطلاق هذه الصواريخ من مديات قد تصل حتى 60 كم ، إذا ما خفض وزن الرأس الحربي من 21 كغ إلى حوالي 5 كغ فقط <3>  .

ما يحافظ على  إمكانية الإضرار بأهداف غير محمية ، مثل الأفراد و العربات غير المدرعة، و الطائرات  المكشوفة . 

 قد تتسبب عملية تغيير  حمولة الصاروخ بتغيير  في مستوى استقراريته ، و يصبح أقل دقة  و بخاصة عند التجارب الأولى، فزيادة المدى دائماً ترتبط بانخفاض الدقة للمقذوفات غير الموجهة .

إضافة  لأهمية التصميم للرأس الحربي الجديد للصاروخ  من ناحية  الحجم، و شكل المقدمة و الصاعق ، بهدف تقليل مقاومة الهواء للحد الأدنى لكسب المزيد من المدى و الاستقرارية خلال طيران الصاروخ <4>.

ميزة هذه الصواريخ سواء المصنعة محلياً أو المعدلة محلياً هو عدم وجود منظومة  فعالة لاعتراضها لدى النظام و حلفائه ، ما يجعلها قادرة على إصابة المناطق الموجهة ضدها بشكل أكيد على الرغم من انخفاض دقتها و فاعليتها،  لكنها ستشكل ورقة ضغط مهمة ضد المطارات بشكل أساسي، و التي  تعتبر عصب القوة لجيش النظام  و القوات المرافقة له .

استخدام مثل هذه الصواريخ ستجبر روسيا و النظام على تغيير الكثير من استراتيجيتهما و تكتيكاتهما في سوريا، و ربما استدراجهما لفتح معارك  إضافية تستنزف قواتهما لتوسيع النطاق الآمن لمدى حتى 60 كم،  ما يجبرهما على دخول معارك  ضخمة  في أكثر من منطقة ستؤدي إلى استنزافهما  بشكل كبير،  و ربما  إجبار روسيا على التسريع بزج قوات برية في  سعيها لتأمين  قواعدها الجوية في سوريا، ما يعني تورطها و دخولها للمستنقع السوري بالشكل الذي كانت تتهرب منه  منذ بدأت بالهجمات في سوريا .

هوامش :

<1>الهدف من هذه العملية هي زيادة فعالية الصاروخ  للصاروخ سواء القدرة التدميرية المادية أو التأثير النفسي، حيث استخدمت أساساً خلال معارك المدن  بهدف تدمير أبنية كاملة و خصوصاً للتمهيد قبل محاولات الاقتحام، عدا عن الحاجة لسلاح ذو تأثير كبير موازي لقدرة قنابل الطائرات أو حتى الصواريخ البالستية،  بعد انخفاض قدرة الاثنين وأعدادهما و عدم قدرة طائرات النظام على تأمين العدد الكافي من الضربات الجوية التي تحتاجها قوات النظام، و بخاصة على الجبهات  و حتى عجزها عن تنفيذ ضربات ضمن خطوط القتال المتداخلة مع الثوار  .

لكن بسبب زيادة حمولة الصاروخ للحد الأعلى فقد  انخفض مدى الصواريخ إلى عدة كيلومترات كحد أقصى و في بعض الحالات عدة مئات من الأمتار فقط  .

لكن هذا لم يكن مشكلة كبيرة ، و بخاصة بسب توافر كم كبير من  الراجمات التي تستطيع تأمين تغطية نارية لمديات تصل حتى 40 إلى 90 كم بالنسبة للغراد و السميرتش .

 لم يطل الوقت حتى بدأ الثوار بتصنيع صواريخهم المعدلة الخاصة ، فقد ظهرت أولى التصميمات التي يمكن اعتبارها تجريبية،  ثم ظهرت صواريخ معدلة على مستوى تصنيعي بأعداد كبيرة نسبياً .

فأول محاولة لتصنيع "صاروخ فيل" من قبل الثوار كانت عندما أطلقت الجبهة الاسلامية ما يعتقد أنه أول صاروخ فيل على قوات النظام في مدينة عدرا قرب دمشق .

ليظهر بعدها صاروخ حمم الذي صنعته كتيبة عبد الله بن الجبير واستخدم في حلب، تلاه صاروخ الفيل الحالي الذي يستخدم من قبل الثوار ضد النظام في أكثر من منطقة .

تتشابه هذه الصواريخ في عدة أمور وتختلف في التفاصيل فهي عبارة عن صواريخ غراد يضاف إليها رأس حربي أكبر بكثير من الرأس الحربي للغراد، حيث يبلغ وزن صاروخ الجديد بين 400 إلى 800 كغ كحد أقصى أي حوالي عشرة أضعاف وزن صاروخ غراد الذي تصنع الصواريخ على أساسه.

 و هي مفيدة بسبب أثرها التدميري الكبير إضافة لأثرها النفسي الهائل، فلا يوجد لدى الثوار أي سلاح أكبر منها سوى العربات المفخخة.

قد يكون أحدث الصواريخ التي ظهرت  هي "صواريخ دوما" و التي استخدمت  في قصف تير معلة في حمص، حيث يبدو الصاروخ مصمماً بحرفية أعلى من الصواريخ السابقة و يحتوي على صاعقين في المقدمة و يظهر  أن جسم الصاروخ مصنع من  صفائح معدنية ملحومة،  و  أنه استخدمت أجزاء من تلك الصفائح لتصنيع جنيحات الذيل ، إضافة لمقدمته المخروطية .

يبدو أن الصاروخ مصنع كمثل كل أنواع الصواريخ المعدلة لدى الثوار على أساس صاروخ  غراد .

 <2>هناك عدة مديات لصواريخ غراد تبدأ من 18 كم وصولا حتى 45 كم ، و تختلف الصواريخ بوزن الرأس الحربي و نوع المحرك و حتى توجد تصميمات مختلفة منها الغراد المصري المعروف باسم "صقر" الذي استخدمه النظام و الذي يبلغ مداه حتى 45 كم .

<3>  يتراوح وزن الرأس الحربي  لصاروخ غراد بين 6 إلى 25 كغ  حسب النوع .

<4>يتكون صاروخ غراد من ثلاثة أقسام يمكن فصلها عن بعض، هي الصاعق ثم الرأس ثم المحرك.

التعليقات (6)

    احمد

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    موضوع ممل بشكل سخيف... لماذا كثر الكلام ؟؟؟

    abu arab

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    the issue is you do not have anti air rockets then use land to land missiles and rockets that can reach hameem airport and bombard the sob and destroy it, if they do not hit the fighter jets on ground at least paralyze the airport.

    kk

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    آه لو يكتم السوريون ما يفعلون

    ابو عبد الرحمن

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    ان منظومة الصواريخ المعدله حديثا بيد الثوار ان تم تعديلها فعﻻ واستخدامها سيكون معادله ولو بسيطه من حيث النوعيه ستكون مؤثره وفعاله لدى الثوار وسوف يحققون اهداف ﻻبئس بهاا ان شاء الله

    Kerim eritrea

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    Free syrian

    سليل بيت النبوة

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    تحليل منطقي و موضوعي
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات