روسيا تستهدف ضرب السعودية في سوريا

روسيا تستهدف ضرب السعودية في سوريا
لم تكتف السياسة الروسية برفض قرارات مؤتمر المعارضة السورية المعتدلة الذي تبنته السعودية سياسياً، بل تعداه إلى العدوان العسكري على قادته والفصائل المشاركة فيه، وقد جاء العدوان الروسي على مؤتمر الرياض وخطته باغتيال قادة جيش الاسلام في العاصمة السورية دمشق من بينهم الشهيد "زهران علوش" قائد جيش الاسلام، في موقف عدواني غادر للعملية السياسية التي تدعي روسيا أنها ترعاها مع أمريكا.

بينما هي تصطف إلى جانب ميليشيات الأسد، وتقاتل بالنيابة عنه في قتل الشعب السوري، بعد ان فشل الأسد في قمع إرادة الشعب في التغيير والإصلاح ورفض حكمه المستبد، لقد انعقد مؤتمر المعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض يومي 9و10/12/ 2015، وجاء العدوان الروسي بتاريخ 25/12/2015، أي بعد أسبوعين فقط من انعقاد مؤتمر الرياض.

لقد انعقد مؤتمر الرياض برعاية صريحة ومعلنة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ووزير خارجيته عادل الجبير، فقد اجتمع الجبير مع وفود المؤتمر قبل ساعة من افتتاح المؤتمر، والتقاهم الملك السعودي الملك سلمان الوفود بعد انتهاء فعاليات المؤتمر وصدور البيان الختامي، فكان ذلك إشارة صريحة بان هذا المؤتمر هو في حماية الملك السعودي أولاً، وانه يحمل وجهة نظر الشعب السوري وممثليه الحقيقيين.

ثانياً، وكان من اهم مقررات مؤتمر الرياض أن فصائل المعارضة السورية متفقة على الحل السياسي الذي ينقذ الشعب السوري من صراع خمس سنوات أولاً، وأن الفصائل التي حضرت مؤتمر الرياض هي الفصائل السورية التي تمثل الشعب السوري.

وأن تمثيلها للشعب السوري جاء من خلال تواجدها على الأرض السورية ودفاعها عن الشعب والأرض السورية ضد جيوش الاستبداد الداخلي، وضد جيوش الاحتلال الخارجي، وبالأخص الاحتلال الخارجي الأخير من الجيش الروسي، الذي جاء ليفرض حلاً عسكريا على سوريا اولاً، ثم ليفرض حلاً سياسياً ثانيا، يخدمه ويخدم الاحتلال الإيراني الذي سبقه بسنوات دون أن يحقق إلا قتل الشعب السوري وتدمير حياته.

لذا ينبغي قراءة الغارة الجوية التي وقعت مساء الجمعة 25/12/2015 والتي استهدفت اجتماعاً لقيادات «جيش الإسلام»، أحد أكبر فصائل المعارضة العسكرية لميليشيات الأسد، والتي قُتل فيها قائد هذا التنظيم زهران علوش، وخمسة من مساعديه، على أنه استهداف لكل ما يمثله مؤتمر الرياض من سياسات وقرارات وقيادات ورعاية ملكية سعودية.

 أي أن القيادة الروسية التي تخدع القيادة السعودية بالاتصالات الهاتفية بين بوتين والملك سلمان، والدعوات والزيارات ودعوات التعاون الاقتصادي وغيرها في الأشهر الأخيرة، هي سياسة تهدف إلى خداع السعوديين فقط، إن لم تكن انتقاما منهم لأنهم رفضوا صداقة الاتحاد السوفيتي وحاربوه في أفغانستان في السنوات الماضية.

فهذه السياسة البوتينية ليست إلا جزءا من سياسة المداهنة والخداع الروسية التي ينتهجها بوتين، لكسر حاجز المعارضة السعودية للهيمنة على البلاد العربية والشرق الأوسط، بحجة ان ذلك التحرك الروسي يتم بالتفاهم مع الرؤساء والملوك العرب.

فذلك ما يعبر عنه بوتين أمام الشعب الروسي ووسائل الإعلام العالمية، بينما هو جزء من سياسة الخداع التي تتبعها السياسة الإيرانية الناعمة مع الدول العربية، بينما يدها العسكرية الالصلبة من الحرس الثوري والمليشيات الطائفية العراقية والسورية واللبنانية واليمنية تمارس سياسة القتل والتدمير والتطهير العرقي في البلاد العربية والخليجية.

هذه السياسة الروسية المخادعة للعرب ينبغي كشفها، فقد فشلت في خداع القادة الأتراك، عندما دعا الرئيس الروسي بوتين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى الانضمام إلى الحلف الرباعي الذي أقامه بوتين مع خامنئي وحيدر العبادي وبشار الأسد.

 ولكن أردوغان رفض المشاركة في هذا الحلف، الذي يدعي محاربة الارهاب لأن فيه اكبر شخصية إرهابية عرفها القرن الحادي والعشرين على الإطلاق وهو بشار الأسد، وإن كان زملاءه الآخرين لا يقلون عنه إرهاباً، لأنهم شركاء معه في قتل الشعب السوري منذ خمس سنوات، وهم شركاء في محاولة تغيير هوية المنطقة الحضارية والدينية والمذهبية والثقافية والديمغرافية.

وأيضاً شركاء في مشاريع تغيير هويات الدول السياسية القائمة في المنطقة، وصناعة دول أخرى طائفية وقومية تخدم مصالحهم ووفق رؤيتهم لتقسيم خارطة البلاد العربية في المستقبل. إن هذا الاغتيال لأحد قادة المعارضة الذين شاركوا في مؤتمر الرياض هو دلالة واضحة على استهداف موسكو للسياسة السعودية.

ولعل عدم زيارة المبعوث الخاص للرئيس الروسي للرياض قبل أيام بالرغم من زيارته دول المنطقة هو مؤشر على رفض السعودية لهذا النهج الروسي المخادع في السياسة، وأن الروس كانوا مدركين أن اغتيالهم لقادة جيش الاسلام هو اغتيال للقادة الذين تراهن عليهم السعودية أن يكونا شركاء في الحل السياسي، بعد أن كانوا يرفضون الجلوس إلى طاولة مفاوضات مع حكومة بشار الأسد.

 فالسعودية لم تصنع زهران علوش ولا قادة الفصائل الخرى، وإنما استطاعت كسب بعضهم إلى الحل السياسي، الذي يخدم الحل الذي يرضي الشعب السوري، واستهداف علوش هو قرار روسي باستهداف السياسة السعودية في سوريا، وبالتالي هو استهداف للسياسة العربية من أجل السياسة الإيرانية وبشار الأسد.

فضلاً عن ان روسيا إذا تستهدف المعارضة المعتدلة فهي تقتل الشعب السوري كله، لأن المعارضة المعتدلة هي امل الشعب السوري والحل السياسي العادل، وقد قتلت روسيا اكثر من ستمائة مواطن سوري مدني منذ دخول الاحتلال الروسي إلى سوريا من تاريخ 30/9/2015 ، بحجة حربها الكاذبة ضد الارهابيين.

 إن استهداف روسيا للسعودية في سوريا لن يؤدي إلا إلى فشل الحل السياسي، الذي من المأمول أن يحفظ الدولة السورية موحدة وعربية الهوية السياسية والدينية والحضارية، وهذا يرجح ان روسيا تخادع الدول العربية في الحديث عن حل سلمي، لأن المخطط الروسي الواضح الآن هو توفير البيئة الجيوسياسية لإقامة دويلة علوية على الساحل السوري، وإقامة دويلة كردية شمال سوريا، وإنهاء أي مشروع لدولة عربية يمكن ان تكون معارضة للهيمنة الروسية في المنطقة.

وفي نفس الوقت لا تكون قادرة على مواجهة الكيان الصهيوني الإسرائيلي، وهذا هو السر في التقارب الحقيقي بين روسيا وإسرائيل بعد احتلال روسيا لسوريا، وحادثة قتل سمير القنطار دليل على ذلك التآمر الروسي مع الإسرائيليين، حيث ان إسرائيل تريد بقاء الأسد في الحكم الذي خدم امنها وأبيه لخمسين سنة، وترى انه القادر على حفظ أمنها في السنوات القادمة.

ولا تستطيع موسكو التنصل من اغتيال قادة جيش الإسلام وزهران علوش بحجة ان طائرة تابعة لبشار الأسد هي من نفذت الهجوم، لأن بشار الأسد نفسه الآن تحت الاحتلال الروسي ولا يستطيع أن يحرك طائرة ولا جنديا واحدا إلا بأمر الاحتلال الروسي، وبالتالي فإن روسيا لو كانت صادقة في التعاون مع السعودية في إيجاد حل سلمي لمنعت بشار من تنفيذ هذا الهجوم أولاً.

وإضافة لذلك فإن روسيا تصنف كل الفصائل العسكرية التي تدافع عن الشعب السوري بالقوة العسكرية بأنها منظمات إرهابية، وترفض حضورها مؤتمر فيينا أو نيورك أو جنيف الذي سيعقد بين المعارضة وحكومة بشار الأسد برعاية أممية.

 وبالتالي فإن روسيا تدمر كل محاولات نجاح الحل السلمي، الذي إن تم فإنه سوف يكون نتيجية حتمية لرحيلها من سوريا، ولذلك فإن روسيا تريد ان يكون الحل السياسي هو تثبيت بشار الأسد في الحكم، وهو ما يلتقي عليه الروس مع إسرائيل وامريكا والدول الأوروبية، دون التفات لإرادة الدول العربية بما فيها السعودية وقطر وتركيا.

ولكن إرادة الشعب السوري هي التي ستقرر ذلك، وليس الاحتلال الخارجي، ولا اللامبالاة الأمريكية، التي تمارس سياسة استنزاف لكل الأطراف التي ترغب في المشاركة العسكرية الحربية وقتل الشعوب على الأرض السورية والعراقية واليمنية واللبنانية والليبية وغيرها.

فهذه الأطراف الخارجية مستفيدة من استمرار الصراع في سوريا، وأما الدول العربية وفي مقدمتهم السعودية فعليها أن تحسن قراءة الضربة الروسية الموجهة لها بنفس القدر الموجه إلى الشعب السوري، وأن ترسم سياستها المستقبلية مع الدول التي تشاركها الرؤية الصادقة في الحرص على الشعب السوري وحماية المنطقة من الطامعين والطائفيين.

التعليقات (14)

    علي ال قطيم

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    فهمنا الحركة الروسية ولكن ماذا سيكون ردنا كسعوديين اما نفهمها وننسحب من سوريا وهذا بعيد بعد هذه الخمس سنوات الخيار الثاني تقديم اسلحة نوعية مثل ستالينجر لكن ايضا بلطجية روسيا وتهورها وردة فعلها لا نعلم كيف تكون بالفعل وضع محير

    عبد الله من ارض الله

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    طيب يا سيد علي آل قطيم اذا خلينا متحيرين وما نتحرك من ارضنا. عايشين بالاحلام وناطرين يجينا الدور واحد واحد. علمونا في الصغر قصة اكلت يوم اكل الثور الأبيض، بس يا حسرة طلع التعليم خسارة فينا.. الفصيح فينا بقول لك يا اخي مافيك تحارب كل العالم، طيب متل ما بدك خليك بأرضك وكل العالم جاي يحاربك. هزلت والله يا عرب،، ودمتم سالمين

    رووف كعبية

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    كل الانضمة العربية مسؤولة عن هذا ااخراب وخاصة بلدان الخليج من كان وراء خراب ااعرراق وتدميره وكذالك سوريا واليمن من دفع حلف الناتو لتخريب ليبيا وأصبح يعيش في ماساة، ضربتم صدام ورميتم تاعر العراق في احضان ايران من يمول ااتنضيمات الارهابية في كل من سوريا والعراق التي اصبحت تعيش في عصر ما قبل التاريخ بعدما كانت من أوائل البلدان العربية اقتصاديا وعلميا من وضع العراق وحتي سوريا هم بلدان الخليج و خاصة السعودية وقطر

    علي ال قطيم

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    اخي عبدالله انا اعطي رأيي كمواطن ولا اعرف ما هو موقف الحكومة السعودية والكل يعلم بأن رئيس سلاح الجو الروسي هدد في 2014 بضرب قطر و السعودية الصراع تعدى سوريا بمراحل

    علي ال قطيم

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الاسد بحماقته و قتله لاطفال درعا بدل التهدئة واصلاح الوضع هو السبب ولا ترمي فشل بشار الاسد على الاخرين

    عبدالله آل عبدالقادر

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الحل يتلخص في أمرين تزويد المعارضة بالأسلحة النوعية وفتح جبهة الشيشان مع تزيدها كذلك الأسلحة النوعية .

    عبد الله من ارض الله

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    بعيدا عن الإعجاب بالنفس ودس الرأس في الرمال حال النعامة أقول وباختصار هي قطعا ليست حماقة الأسد، لان هذا واحد تاريخه الاجرامي ما كان ليتركله خيار وإلا حبل المشنقة كان بانتظاره مع كل زمرته. ولكن هي حماقة مشيخات الخليج اجتمعت عليها خسة السفّاح بشار. ومخطئ من يظن ان روسيا وغيرها ستترك هؤلاء جميعا بحالهم.. يعني خايفين من روسيا اذن بعنا الشام؟ طيب الشاطر يحرز لما روسيا تنتهي من الشام بمين بدها تكمل.. اترك الإجابة لك علما انه الأمريكان بيبيعوا الخليج واهله بارخص مما باع الخليج الشام وأهل الشام،،

    جنرال الرياض

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الحل والرد المناسب هو تزويد الثوار بصواريخ مضادة للطيران .. كما تم سابقا في افقغانستان عندما زودوا الافغان العرب بصواريخ استقر المضادة للطيران فحسموا المعركة.. علما ان صواريخ تاو الضادة للدبابات ادت لتفوق الثوار بصورة كبيرة بعد تزويدهم بها

    جنرال الرياض

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    لنكن صريحين لا يستطيع احد تزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات سوى امريكا للاسف كون الروس لا يستطيعون الرد على الامريكان وقد فعلوا ذلك ابان الاتحاد السوفيتي في افغانستان . وقد طالب الثوار الامركان بتزويدهم ولكن قوبل طلبهم بالرفض كون الطائرات الامريكية والاوروبية تجوب سماء سوريا ذهابا وايابا .السبب في هذا الضعف العربي هو تفرقهم فلو توحدوا في دولة واحدة 450 مليون نسمه وجيش ضخم جرار وقوة اقتصادة كبيرة ستصبح روسيا دولة صغيرة امام الدولة العربية الكبرى لكن تفرقوا فتعرضوا للابتزاز حتى من ايران!

    عبد الله من ارض الله

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الحل كان ممكن من زمن طويل لو توفرت الإرادة وقبل الإرادة لو حتى ذرة من نخوة. مشيخات الخليج اجبن من انها تزود الثوار حتى برصاصة صوتية ولا أقول بصواريخ استنغر اذا لم يأتيها الامر من البيت الأبيض، ويبقى العتب كل العتب على من ظن فيهم غير ذلك من البداية،،

    yamen-yasser

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    هذا الكلام هو لب الحقيقه وماخفي من بوتين واعوانه أشد.ونتمنى من الدول الراعيه لمصالح الشعب السوري متل تركيا وقطر والسعوديه ان لايكونوا متأخرين في أخذ القرارات.المثل الشعبي يقول:الذئب لايأكل الا من الغنم القاصيه

    مجاهد السمعان

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    وقبل التفاوض الفاشل مسبقاَ لأن بوتين يريد تغطية إستمرار نظام الأسد على الطريقة السوفياتية يجب فرض وقف لإطلاق النار بإشراف قوة عربية إسلامية ودولية بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لفترة إنتقالية معقولة وتشكيل لجنة أممية تجمع التبرعات من دول العالم الثرية لإعادة إعمار سوريا وإحالة بشار المعتوه وكافة ضباط وصف ضباط ومحققي الأفرع الأمنية إلى القضاء الدولي ، وبدون هذه الخطوات الأساسية ستستمر الحرب إلى ما شاء الله وستستمر الفوضى والإرهاب في أوربا وروسيا وأمريكا فالعالم متواصل لا فكاك بين شعوبه ود

    بن علي

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الصراحة راحة اخواني كل ما يجري اليوم في البلاد العربية بأيدي عربية خبيثة ماذا ستصبح السعودية أو قطر من هذه الفوضى لا شيء و لكن الدور سياتي عليهما يوما ما فمن بيته من زجاج فلا يرمي ابناء جلدته غرقا و دينا بالحجارة افهموا يعرب الخليج لن تحمكم من الله لا أمريكا و اسرائيل

    محمد المظفر

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    من علامات اخر الساعة ان الغير العرب هم الذين يدافعون على وحدة الاراضي السورية وهم الفرس والروس نصرهم الله وبالطبع مستثنين سماحة سيد المقاومة الذي اربك ولاة ال سعود وال حمد الصهاينة ولا اعرف في سجلات هذا القاءد الا الانتصارات الخالدة من الثمانينات الى يومنا هذا وان شاء الله سيدخل مكة والمدينة رافعا راية الاسلام المحمدي الصحيح لا الوهابي التكفيري التقتيلي القبيح الذي اضر بمليار وسبع ماءة مليون مسلم اي ربع سكان العالم.
14

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات