مخيمات الشتات على الحدود السورية تغصُ بالنازحين.. الآلاف يحلمون بـ "خيمة"

مخيمات الشتات على الحدود السورية تغصُ بالنازحين.. الآلاف يحلمون بـ "خيمة"
سيكون الشتاء هذا العام هو الأسوأ على النازحين .. على هذا الأساس استعد قاطنو المخيمات التي أصبحت منتشرة في مختلف المناطق التي تعتبر شبه آمنة على الحدود السورية التركية في ريفي حلب الغربي والشمالي، والتي تعاني بالأصل من اهمال كبير.

تزايد أعداد النازحين

مع كل قرية تمتد إليها المعارك في ريف حلب الجنوبي،يزداد عدد النازحين.وعلى طول المساحات التي تشغلها الأراضي الزراعية في ريف حلب الغربي، تنتشر المخيمات التي بناها أبناء ريف حلب الجنوبي، بعد أن التهمت صواريخ الطائرات الروسية ونيران المليشيات الطائفية المساندة لقوات النظام في معاركها، مساكنهم التي أصبحت أطلال.

الطابع العشوائي لهذه المخيمات، والذي فرضه غياب المنظمات الإنسانية عن المشهد المأساوي الذي يعيشه أكثر من ألف عائلة في مخيمات هذه المنطقة، أجبر النازحين الذين أفترشو عراء مدن وبلدات (الأتارب، باتبو، الجينة، تنيب) على تكبد عناء تدبر أمورهم المعيشية، عن طريق قرع أبواب بعض الجمعيات الإغاثية المتواجدة في الريف الغربي.

مطالب متكررة

داخل جدران نصبت من الشوادر المهترئة التي استخدمها أبناء ريف حلب الجنوبي لحماية محاصيلهم من المطر، وتحت سقف من أكياس الخيش المزود بسجادة حمراء لطالما استخدمتها العائلة في تزيين أرضية غرفة الضيوف، تسكن أسرة "أبو حسين" التي ذاق مرارة النزوح مرتين خلال الأسابيع الماضية.

(هنا لاوجود إلا لرحمة الله) بهذ العبارات بدأ الحاج "أبو حسين"، النازح من بلدة العيس في الريف الجنوبي إلى مدينة الأتارب في ريف حلب حديثه ل"أورينت نت".ويضيف أبو حسين: قرعت أبواب الجمعيات الإغاثية ولم أتوقف عن مطالبتهم بتقديم المساعدات لنا عندما كنا في مخيم "زمار"، لكن دون مجيب. 

ويتاربع: "اليوم أنزح إلى هنا وأعاود تكرار مطالبي، وهي أن يرسلوا الخيام والأدوية والمساعدات الغذائية، فما وصلنا إلى المخيم الأول، وهو قليل، قد نفد أو تعرض للتلف، واليوم نعيش تحت أكياس الخيش والشوادر، ولانعلم متى تغرق أو تنسفها رياح الشتاء العاتية".

مخيمات تنصب بشكل دوري من قبل النازحين الوافدين من ريف حلب الجنوبي، ما شكل أزمة خانقة بالنسبة للجمعيات الصغيرة التي أخذت على عاتقها تأمين ضروريات المدنيين الواصلين حديثاً إلى عراء الريف الغربي، كما يصف (أبو مسلم) مدير المكتب الإغاثي لمنظمة (شباب ساعد) في ريف حلب.

ويضيف أبو مسلم: استمرار المعارك في ريف حلب الجنوبي، وتدفق النازحين إلى قرى وبلدات الريف الغربي، شكل أزمة خانقة بالنسبة لنا، خاصة وأن المنظمات الإنسانية لم تقدم أي حلول جدية في سبيل تنظيم المخيمات، أو ارسال المساعدات العاجلة، من خيام وأدوية وحليب للأطفال، لتبقى مساعداتنا مقتصرة على تأمين الأساسيات من طعام ومياه صالحة للشرب، وبعض الخيام.

 

تجدد المعاناة

ريف حلب الشمالي، الذي يضم معظم المخيمات الحدودية المعترف بها من قبل المنظمات الإنسانية، والتي بنيت نتيجة تدفق المدنيين إلى الشريط الحدودي المغلق منذ أكثر من عام، أصبحت اليوم على موعد مع كارثة انسانية، نتيجة انعدام أدنى مقومات الحياة في هذه المخيمات الجديدة، والتي لا يختلف حال قاطنيها الذين لم يجدوا بداً من المكوث في العراء، عن باقي المخيمات.

مخيم "باب السلامة" واحد من بين أحد عشر مخيماً حدودياً معترفاً به، أسسه بالأصل ناشطون في أرض زراعية غير صالحة للسكن، بغية جعله نقطة تجمع للفارين من الحرب قبل انتقالهم إلى داخل المخيمات التركية، ليشكل اليوم ملاذاً آمناً بالنسبة إلى آلاف المدنيين.

صعوبات مزمنة

وعلى الرغم من التنظيم الذي يحاول القائمون على مخيم السلامة الحدودي تحقيقه، إلا أن معاناة قاطنييه تتجدد بشكل مستمر مع قدوم كل شتاء. فغرق الخيام نتيجة الأمطار أو احتراقها، والأمراض التي تصيب النازحين نتيجة برودة الطقس أو استخدام مواد بلاستيكية في التدفئة، تعتبر مع غيرها مشاكل تتكرر بلا نهاية مع كل شتاء، وهو ما جعل نائب مدير مخيم باب السلامة (نزار النجار) مستاء خلال حديثه عن واقع المخيم داخل قرية "سجو" الحدودية.

النجار تحدث عن المصاعب التي يواجهها القائمون على إدارة المخيم في تدبر أمور النازحين، قائلاً: العام الماضي كنا قد حذرنا من أن النازحين سيواجهون معاناة قاسية بسبب الشتاء، لكن دون مجيب، إلى أن أتت العاصفة الثلجية "هدى" ودمرت الكثير من الخيام، وأودت بحياة مايقارب العشرة أطفال.

ويضيف النجار: هذا العام يتوقع أن يكون أصعب من الذي سبقه، نظراً لتزايد أعداد النازحين داخل المخيم، والذي بلغ (9000) نازح، موزعين على (1467) خيمة إضافة إلى مئة منزل نقال (كرفانة)، وقد أضيف خطر جديد هذا العام حيث بات المخيم مهدداً بالقصف أيضاً بعد أن طالت صواريخ الطائرات الروسية المعبر الفاصل بين الأراضي السورية والتركية.

ويتابع النجار حديثه عن الصعوبات التي تواجه إدارة المخيم وسكانه: لدينا انتشار البرك الطينية نتيجة الأمطار والثلوج، وضرورة ترميم للخيام التي هي بالأصل بحاجة إلى استبدال، لكن ذلك غير متوفر، وصولاً إلى مشكلة الصرف الصحي التي يعاني منها الجميع ولم نتمكن من ايجاد حل لها، خاصة بعد توقف المنظمة المعنية بهذا الخصوص عن أعمالها، كما أن نداءات الإستغاثة التي أطلقناها منذ شهرين تقريباً حول حاجتنا لمواد التدفئة وأثاث للخيام لم تلقى تجاوباً من أحد، ليبقى اعتمادنا على ما تقدمه المنظمات التي لاتزال تعمل داخل الأراضي المحررة.

خمسة أعوام من القصف والمعارك التي تشهدها الأراضي السورية، جعلت لمعاناة النازحين وجوهاً ثابتة تتكرر بعضها في كل شتاء بسبب تجاهلها، وهي معاناة تبقى في كل سنة مرشحة للتفاقم بسبب اضطرار آلاف العوائل للنزوح نتيجة توسع العمليات العسكرية كما حدث هذا الفصل في ريف حلب الجنوبي، لتبقى مشكلة النازح السوري واحدة من أكثر صور المأساة السورية قتامة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات