هل انتصر الأسد على الشعب السوري؟

 هل انتصر الأسد على الشعب السوري؟
ما الذي تغير كي يتفق أعضاء مجلس الأمن على قرار استغرق إعداده خمس سنين ليخرجوا علينا بإجماع ما كان ليتم لولا الوضع الضاغط على الأرض وفشل النظام في قمع ثورة شعب تاق لحريتة رغم الدعم اللامحدود الذي تلقاه من العديد من الأطراف العربية والإقليمية والعالمية؟. مالذي تغير ليفاجئنا مجلس الأمن بيانه الذي حمل رقم: (2254)؟ والذي تبنى جملة بنود وافق عليها الأعضاء الخمسة عشر وبالإجماع، قرار اشتملت مقدمته على نقطتين رئيسيتين اختصرتا محتواه, حيث كانت الأولى: هي أن الحل سياسي بقيادة سورية. والثانية: تتمثل بالتأكيد على تركيز الجهود وتوحيدها في محاربة ما يسمى الإرهاب.

لقد أعادنا هذا القرار إلى الشهر السادس من العام 2012 وتحديدا مقررات جنيف 1 التي اعتبرت في حينها المرجعية الأممية للحل في سورية, حيث اشتمل القرار على ستة عشر بندا يمكن اختصارها بعدة نقاط أهمها: 

- وقف إطلاق النار مع تحديد شروطه إضافة إلى إيجاد آلية مراقبة دولية

- إطلاق عملية تفاوض يقودها نظام الأسد برعاية الأمم المتحدة.

- تشكيل حكومة انتقالية استناداً إلى مقررات مؤتمر جنيف -1.

- وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية لايشمل الجماعات المصنفة إرهابية.

- الترحيب بمساعي الأردن رفع قوائم خاصة بالجماعات الإرهابية.

- السماح للمنظمات الإغاثية بالوصول إلى المناطق التي تحتاج المساعدة.

- العمل على تسهيل عودة اللاجئين والمهجرين بشكل اختياري.

إن نظرة سريعة على بنود القرار الأممي ستكشف وبما لا يدع مجالا للشك أن هذا القرار ليس سوى تتويجاً لاجتماعات فيينا الماراثونية الثلاثة والتي توصلت لصيغة التسوية السياسية التي يجب فرضها على السوريين, والمتمثلة بفترة مفاوضات قد تمتد الى ستة أشهر بين نظام الأسد ومعارضته المنتقاة والتي تكفلت السعودية بجمعها لتتوج الاجتماعات باختيار هيئة تفاوض.

من المفارقات العجيبة التي صاحبت هذا القرار هي صدوره بالإجماع, ما يعني أن الجميع موافقون على التصور النهائي للتسوية السياسية المنوي فرضها على النظام والمعارضة بشقيها العسكري والسياسي, الذي توضحت ملامحه بشكل لا لبس فيه حيث أوكلت مهمة قيادة المفاوضات إلى الدولة السورية ممثلة بنظام الأسد مع إشراف دولي ممثلا بالأمم المتحدة, وهو ما يعني بالمحصلة نسف أي حديث عن رحيل الأسد ونظامه.

لعل النقطة الأبرز والأكثر جدلية في القرار هي تلك المتعلقة بالتنظيمات التي تم تصنيفها على انها إرهابية حيث قدمت الأردن قائمة بأكثر من 150 فصيلا مسلحا صنف أغلبها بالإرهابية, بينما تركت مسألة تصنيف عدد من الفصائل لتوافقات دولية ربما لظروف قبول هذه الفصائل بالتسوية السياسية وتجاذبات الدول الداعمة للفصائل المسلحة وربما لترك الباب مواربا أمام الراغبين بالإنضمام للتسوية السياسية, وربما لعدم كفاية المعلومات الاستخبارية عن بعض التشكيلات الصغيرة.

 القرار الأممي يؤكد أن وقف إطلاق النار المذكور أعلاه لن يطبق على الأعمال الهجومية أو الدفاعية التي تنفذ ضد الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات، كالدولة الإسلامية وجبهة النصرة وكافة الفصائل التي تتبع القاعدة أو تحمل فكرها وعلى النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي لدعم سورية الصادر في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015؛ وهو ما يترك الباب مفتوحا لإضافة أي طرف يرفض التسوية السياسية. 

إن قرار مجلس الأمن الدولي الجديد يتحدث عن ضرورة تقرير السوريين لمصيرهم لكنه ومع ذلك يفرض حلا سياسيا لا يلبي الحد الأدنى من تطلعات السوريين, ودون أن يشير إلى جرائم القتل والتهجير والتطهير العري التي مارسها نظام الأسد ولا إلى الميليشيات الشيعية التي تقاتل الى جانب الأسد, كما ان القرار قد أغفل عمدا مسألة الاحتلالين الإيراني والروسي لسورية وضرورة انسحابها قبل الشروع بأي عملية سياسية قد تنتج هيئة حكم انتقالية.

لقد تمت صياغة القرار بطريقة خبيثة كرست نظام الأسد كراعي لأي عملية تفاوضية, وحصرت المأساة السورية بمسألة محاربة الإرهاب وبالتالي فإن هذا القرار قد كبل كافة الأطراف العربية المنخرطة في الشأن السوري من خلال قائمة الفصائل الإرهابية التي قام الأردن بإعدادها, لهذا فإن مسألة دعم أي فصيل سوري مصنف على أنه إرهابي ستصبح من الصعوبة بمكان بحيث أنها قد تضع الدول الداعمة في موضع تهمة دعم الإرهاب. وبالتالي فقد تجد الدول الداعمة للثورة السورية نفسها في موقف المحارب للفصال التي كانت تدعمها قبل القرار.

كذلك فإن هذا القرار الجديد لم يشر إلى مسألة محاكمة الأسد ورموز حكمه ولا إلى تقديم مجرمي الحرب إلى المحاكم, رغم ان هكذا خطوة يجب ان تعتبر أساسية لا نقاش ولا لبس فيها لأنها ضرورة من ضرورات أي مصالحة وطنية, هذا إذا ما إعتبرنا أنهم فعلا ينشدون حلا عادلا للقضية السورية, وما يعزز هذا الشعور هو الثقة التي تحدث بها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عندما قال بعد صدور القرار الأممي: أنا  حزين لأن بعض الدول تظن أن بدء عملية سياسية في سوريا سيؤدي للإطاحة ببشار الأسد, فهل هناك أوضح من هكذا إشارة على أن الأسد ونظامه قد باتا بمأمن من المحاسبة؟. !

لقد أعادنا هذا القرار الأممي إلى نقطة الصفر وذلك من خلال تبنيه لمقررات اجتماعات جنيف 1 الذي مر عليه 3 سنين وماعاد يصلح كأرضية لأي حل أو تسوية فنظام الأسد مارس خلال هذه الفترة عمليات تدمير وقتل وتطهير عرقي ممنهج طال ملايين السوريين العزل, وهو ما سيعني رفض شريحة كبيرة من السوريين لهذه التسوية المنوي فرضها عليهم كونها لا تلبي الحد الأدنى من المطالب التي ثاروا من أجلها وكلفتهم أكثر من مليون شهيد وأكثر من نصف مليون جريح إضافة إلى أكثر من 14 مليون مهجر وأكثر من 5 ملايين وحدة سكنية مدمرة.

اليوم يمكننا القول إن القرار الأممي 2254 قد وضع حجر اﻷساس لبداية فصل جديد من فصول المأساة السورية عنوانه سفك المزيد من الدم الحرام وتدمير ما تبقى من سورية, وهذا ما يجعل القرار محزناً ويبعث على اﻷسى, لكنه وفي نفس الوقت سيسهم في الفرز النهائي بين الثائر الحقيقي والمتسلق.

إن وقاحة هذا القرار تكمن في كونه إعلانا أمميا صريحا لانتصار المجرم على شعبه, وذلك من خلال تحديه لإرادة شعب قدم الغالي والنفيس في سبيل استعادة حريته وكرامته المهدورتان, لكن ما لم يفهمه هذا العالم هو أن ثورة الشعب السوري لم تكن ثورة جياع  ولا ثورة معارضة أو أحزاب وفصائل مسلحة, هي ثورة شعب صمد خمس سنين في وجه أعتى عصابة عرفها التاريخ الحديث, وستنتصر بإذن الله لأنها ثورة حق على الباطل وثورة المظلوم على الظالم, هي ثورة لم تبخل بدم أو عرض, وسيكمل الشرفاء مسيرة من سبقهم إسقاط أسدكم وتحرير سورية منه ومنكم.

التعليقات (7)

    أبو أنس

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    يعني باختصار اقتلوا بعضكم البعض أيها المسلمون ونحن سنساعدكم في ذلك

    محمود الآغا

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    الغرب لا يريد ان يغوص في المستنقع السوري كما حدث في افغانستان والعراق ومن قبلها في فيتنام ولذلك سيكمل ما بدأه بإستنزاف الجميع في سورية وكلو كرمال عين إسرائيل.

    محب الشام

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    وسيكمل الشرفاء مسيرة من سبقهم إسقاط أسدكم وتحرير سورية منه ومنكم.

    القيسي

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    حتى لوكانت قوة الارهاب والظلم والجبروت والدماروالخراب قويه لن تكون القلبة لهم لان الحق يعلوولايعلوعليه ان الله يمهل ولايهمل النصرباذن الله للمقاومه عضدبشاروالهزيمه لبشارواعونه حزب الشيطان وايران وروسياوداعش والنصرلصوت الحق في سوريابقيادة المقاومه

    موجوع

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    اصبحت على قناعة تامة أن عائلة الاسد المجهول للجميع اصولها هي في الحقيقة صهيونية من اليهود وتم زرع سليمان تماما كما تم زرع إيلي كوهين من بعد ، لكن سليمان. نجح في حين فشل كوهين فهذا الاصرار الاسرائيلي على بقاء الاسد وانصياع الجميع وخبث اميركا ليس له اي تفسير اخر

    حسان

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    نعم لقد انتصر النظام الشعب مشرد لانه معارض الدول الداعمة للشعب السوري بقيت مرتاحة من عبء التكاليف الباهظة القوى الكبرى تريد حاكم دكتاتوري يمكن ان يُربط بالاتفاقات السريه او الغير معلنه ذكرتي بحكايه عندما تشاجرت اثنان من النساء على الولد كل واحدة تشده من طرف و عندما قارب الولد على الموت تركته انه الحقيقية الباغيه إنقاذا لحياته هذا هو الوضع المؤلم

    جليل

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    وستنتصر الثورة السورية باذن الله تعالى
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات