صدر قرار مجلس الأمن “2254" المتعلق بسورية، منسجماً مع ظروفه. إذ لم يكن أكثر من حفلة“علاقات عامة” فرضتها هجمات باريس وكاليفورنيا الإرهابية، على المجتمع الدولي. لذا جاء القرار “حمال أوجه” ، لا يُلزم أحداً بشيء، طالما لم يُدرج تحت الفصل السابع. كما أنه لا يُرضي أياً من المُعسكرين المتواجهين، أو يستفزهما للأقصى. بيد أنه يُريح بشار الأسد، حيث يُمدد إقامته
“الوظيفية” في معادلة المواجهة المُحتدمة
المثير بالقرار، أنه يجمع المُتناقضات، ما بين “جنيف1" ومخرجات اجتماعي فيينا. أي بين هيئة الحكم كاملة الصلاحيات ، وبين الحكومة الإنتقالية. ثم يربط تنفيذ كامل بيان جنيف، بحصول موافقة مُتبادلة بين النظام والمُعارضة. وهذا ما يستحيل حصوله ، في الظروف الحالية. عدا أن عدم التطرق لمصير “الأسد” يجعله مؤهلاً من وجهة نظر موسكو وطهران، “لقيادة” عملية الإنتقال، بغض النظر عن تسميتها “هيئة أم حكومة”،حيث تتحول تلقائياً إلى “تحصيل حاصل
خلطة الالتباسات هذه، تنسحب على كل تفصيل، من وفد المعارضة إلى قائمة الفصائل "الإرهابية ولا تفخخه “بالفيتو الروسي ، الإيراني” فقط، إنما بالفيتو “السعودي، التركي، القطري” المضاد أيضاً، في حين أن مناشدات وطلبات التوقف عن استهداف المدنيين، وتمرير المساعدات الإغاثية الواردة بالقرار،لا تتجاوز “بروتكول” رفع العتب. فيما لا يحتاج تمديد المدد الزمنية المحددة بالقرار، لأكثر من تأشير روتيني في مجلس الأمن
عموماً، لا يساوي القرار “أقله حالياً”، قيمة الورق الذي طبع عليه، في سوق القوى الفاعلة على الأرض. وهي اقليمية بدون منازع، إضافة إلى روسيا، التي تحتل سماء سورية، وأجزءاً من أراضيها. و الصراع بين تلك القوى، الذي تعبر عنه التحالفات بشقيها السياسي والعسكري، ينزلق إلى أبعاد خطيرة، تُهدد بانفجار حرب شاملة. ذلك أنه يُمثل بالنسبة للسعودية ومن خلفها معظم دول الخليج تحدياً وجودياً، في مواجهة مشروع قومي إيراني مُعلن. وتتقاطع بالمصالح مع تركيا المهددة بدورها، في أمنها القومي ووحدة أراضيها، وفوقها بالشلل الاقتصادي، وأوضح تجلياته انقطاع أو عرقلة واردتها من النفط والغاز. وهما في الواقع “الغاز والنفط” السبب الحقيقي، الذي دفع موسكو للمغامرة عسكرياً في سورية،بوصفها معبراً لخطوط نقل مستقبلية، إما للغاز القطري، أو للغاز الإيراني، أو لكليهما نحو أوروبا. والسبب ذاته، يفسر الموقف الروسي المتشنج إزاء تركيا، الموجودة في قلب عدة مشاريع مشابهة لنقل الغاز، من أسيا الوسطى، والشرق الأوسط، منها مشروع “نابوكو” و “الأناضول” ومشرع “البحر الأدرياتيكي”، والتي يُصيب تنفيذها الاقتصاد الروسي في مقتل. خاصة مع ما يُعانيه أصلاً من انخفاض أسعار النفط عالمياً، ومن عقوبات اقتصادية أوروبية على خلفية أزمة أوكرانيا، التي لا تزال موصدة الأبواب أمام المساومات
تلك المساومات، أو مبدأها. يبدو أكثر تعقيداً في الملف السوري. لكن التدقيق في حثيثيات قرار مجلس الأمن و“اعتماد جنيف1”،. وما رافقه من تسريبات، بشأن ليونة روسية وإيرانية، لتسهيل تنحي “الأسد”. يكشف أن رأس الأخير، طُرح فعلاً بالبازار الدولي، لكن بثمن لا يساويه، ولا يبدو التحالف الذي تقوده السعودية مستعد لدفعه. بينما كلفة اسقاطه عسكرياً أقل بكثير
لا شك، أن عقدة الأسد، ليست في شخصه، ولا ببقايا جيشه وشبيحته. بقدر ما هي بانتهاء وظيفته، كممثل لاحتلاليين روسي وإيراني، ليسا بأفضل الأوضاع عسكرياً واقتصادياً
التعليقات (2)