بوتين والشراكة مع "جيش بشار"

بوتين والشراكة مع "جيش بشار"
تطرق الكاتب "خيرالله خيرالله" في مقاله بصحيفة "المستقبل" اللبنانية إلى التصريح الغريب الصادر عن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بعد اسقاط تركيا القاذفة الروسية، والذي رأى فيه أن "جيش بشّار الأسد" شريك في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية "داعش".

يقول الكاتب إنه ربّما كان التفسير الوحيد لمثل هذا الكلام هو اصرار الرئيس الروسي في التصعيد مع تركيا في ظل حاجته الداخلية الى ذلك، مضيفاً أنه ما يمكن أن يدعوه إلى مثل هذا التصعيد شعور بالإهانة بعد اسقاط تركيا الطائرة ورفض "رجب طيب اردوغان" تقديم اعتذار مباشر، حيث اكتفى الرئيس التركي بشبه اعتذار بقوله انّ الجهات التركية لم تكن تعرف أن الطائرة روسية، ولو تعرّفت الى هويتها، لكانت تعاملت معها بطريقة مختلفة.

ورأى الكاتب أن العلاقات التركية ـ الروسية ستشهد مزيداً من التجاذب في الأسابيع المقبلة، المهمّ أن هناك حقائق لا يمكن تجاهلها، حتّى من جانب شخص مثل فلاديمير بوتين يمتلك بلده ترسانة نووية ضخمة وكميات كبيرة من الصواريخ، بينها ما هو عابر للقارات. هل كميّة الأسلحة التي تمتلكها روسيا تغنيها عن التعامل مع الحقائق؟

ويتابع "يُفترض بالرئيس الروسي أن يستعيد شيئاً فشيئاً هدوءه، خصوصاً انّه يعرف قبل غيره أن النظام السوري سقط وأنّ بشّار الأسد صار جزءاً من الماضي، الشعب السوري قال كلمته وليس كما يدّعي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يصرّ على ان مصير الأسد الإبن "يقرّره السوريون". 

وأكد "خيرالله خيرالله" على وجود حاجة إلى "حرب برّية"، على حد قول بوتين، من أجل هزيمة "داعش" واقتلاعه من جذوره. بالطبع، الحرب البرّية ليست كافية. ثمّة حاجة بشكل خاص الى ازالة الحواضن المتوافرة لـ"داعش"، على رأسها النظام السوري.

وشدد على أنه يمكن الإستعانة بالجيش العربي السوري في الحرب على "داعش"، بعد سقوط النظام السوري وطيّ صفحته نهائياً، سيكون في الإمكان عندئذ التعاطي مع جيش تابع لدولة تحترم نفسها وليس مع جيش في خدمة نظام امتهن الإبتزاز وممارسة الإرهاب منذ اليوم الأوّل لوصول حافظ الأسد الى السلطة واحتكاره لها في العام 1970.

ولفت إلى أن قبل سقوط النظام رسميا وخروج بشّار الأسد من دمشق، لا مجال لمشاركة "جيش الأسد" في أيّ حرب من أيّ نوع كان في أيّ شكل من أشكال الإرهاب.

واعتبر الكاتب أن من مصلحة تركيا وروسيا العودة إلى لغة المنطق. يقول المنطق، المستند الى الحقائق، أن تركيا لم تلعب الدور البناء الذي كان يفترض ان تلعبه منذ اندلاع الثورة السورية، وذلك على الرغم من انّه لا يمكن الإستخفاف بتضحياتها من أجل استيعاب اللاجئين السوريين. فشلت تركيا، لاسباب مختلفة بينها الموقف الاميركي، في اقامة "منطقة آمنة" تسمح بالحد من هجرة السوريين الى اراضيها، ومنها الى دول اوروبا.

في المقابل، راهنت روسيا على النظام السوري وعلى انتصاره على شعبه. خاضت كلّ حروب النظام على الشعب السوري الى جانب ايران وميليشياتها المذهبية. لكنّ روسيا اكتشفت اخيرا انّ بقاء النظام يستدعي تدخّلها العسكري المباشر، وذلك كي يبقى بشّار الأسد في السلطة لبعض الوقت بما يسمح لها بالتفاوض على رأسه.

انّه منطق اللامنطق الروسي. ينمّ منطق اللامنطق الذي يتبعه فلاديمير بوتين عن جهل في طبيعة النظام السوري الذي باع علاقته التاريخية مع موسكو بالجملة والمفرّق كلّما دعت الحاجة الى ذلك. هذا النظام قتل كمال جنبلاط وحارب ياسر عرفات وورّطه في لبنان كي تدفن قضيّته معه وعمل كلّ شيء من أجل أن يصبح الإرهاب تجارة يمارسها بشكل يومي، خصوصا في علاقته مع الدول العربية الأخرى، على رأسها دول الخليج العربي.

اذا كان بوتين لا يريد أن يتذكّر أن أميركا سمحت بدخول الجيش السوري إلى لبنان في أواخر 1976، بعد صدور الضوء الأخضر الإسرائيلي، فقد يكون من الأسهل عليه ان يعود الى الماضي القريب. يستطيع مثلاً ان يفتح ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن. يستطيع أيضا العودة إلى ملفّ مخيّم نهر البارد، أي الى رغبة النظام السوري باقامة "إمارة إسلامية" في شمال لبنان في العام 2007، وذلك في سياق المحاولات اليائسة التي بذلها من اجل التغطية على جريمة اغتيال رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي تلتها، بما في ذلك اغتيال مجموعة من الشرفاء اللبنانيين، آخرهم الدكتور محمّد شطح. 

من هو شاكر العبسي الذي كان وراء "فتح الإسلام"، وهو تنظيم يشبه "داعش إلى حدّ كبير؟ من أين خرج شاكر العبسي الذي وصل فجأة الى مخيّم نهر البارد؟ ألم يكن في السجون السورية قبل هبوطه المفاجئ في المخيم الفلسطيني القريب من طرابلس؟

لا داعي إلى فتح عشرات الملفّات التي تربط النظام السوري بكلّ ما له علاقة بالإرهاب وصولاً إلى تعاطيه المباشر مع "داعش" في سياق حربه على الشعب السوري.

ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن أقصر الطرق للقضاء على "داعش" هو التخلّص من النظام السوري، فبشّار الأسد و"داعش" وجهان لعملة واحدة، مستدركاً بالإشارة إلى عدم وجود رغبة جدّية لدى أي طرف في القضاء نهائياً على "داعش". الخوف كلّ الخوف أن يكون الشعب السوري من يدفع ثمن بطولات وهمية لم تؤد الى أي نتائج على أرض الواقع. لا الروسي قادر على الإنتهاء من "داعش" ولا التركي قادر على اقامة "المنطقة الآمنة". للمرّة الألف: هل من يريد الخلاص من "داعش"؟

التعليقات (3)

    زاىر حر

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    يرى مختلف المراقبون والمتتبعون للشأن السياسي الدولي مدى خطورة ما آلت إليها الأمور على الصعيد الدولي بعد إندلاع الحرب السورية .. وبالطبع لكل منهم تقيمه الخاص بناء على معطيات متعددة رافقت هذا الملف الاخطر منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية ..اليوم يتفاعل هذا الامر بشكل خطير لدرجة باتت تشير فيه كل المؤشرات إلى مستوى الخطر الذي بات يمقله هذا الملف على الامن العالمي برمته وبالطبع لا يخفى على احد من هو المسبب الرئيس والمفجر الحقيقي لهذه الحرب القذرة التي أشعلها زبانية البعث وعائلة الاسد المافياوية.

    زاىر حر

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    ربما على احدهم تذكير رجل الكي جي بي هذا عن الماضي القريب وعن بعض المحطات الهامة في تاريخ علاقات مافيا البعث والإتحاد السوفييتي السابق وتحديدا في العام 1990 عندما زار رأس النظام حينها روسيا سرا فإلتقى بغورباتشوف على خلفية التطورات في حينها لكنه فوجئ بفاتورة 18 مليار $ كانت مستحقة عليه ثمنا للخردة الروسية سرعان ماعاد في حينها طالبا النجدة من ليبيا ودول الخليج لإنقاذه من تلك الورطة وتحولت فجأة وسائل إعلامه ضد السياسة الروسية فوافق فورا على التحالف مع الغرب ضد العراق ومهد للقاء كليتنون .

    زاىر حر

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    لمن لا يعلم أو لم يسمع ببعض حقائق التاريخ السياسي او الإجرامي الذي سلكه قادة البعث منذ خمسينيات القرن الماضي ليعلم هنا .. إن حقيقة زعيم مافيا البعث الاسد الاب بدأت منذ ان كان طالبا طيارا في الإتحاد السوفييتي سابقا أي منذ خمسينيات القرن الماضي بعدما قبل العمل مع مافيا الكي جي بي الروسية في حينها ولقد وعدوه بأنهم سيعملون لتأهيله لاحقا ليكون قاىدا للجيش ورئيسا للبلاد وبالفعل حصل ما تم العمل عليه الحديث عن التفاصيل هنا غير وارد بحكم المسموح بعدد الكلمات لكن ربما إستطعت من خلال هذا التذكير لا أكثر .
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات