الحلبيون يواجهون الموت بالرياضة

الحلبيون يواجهون الموت بالرياضة
ثلاثة أعوام من الحرب المستعرة، خلفت آلاف الشهداء من المدنيين الذين قضوا نتيجة القصف المكثف على حلب، إلا أن هذه الحرب والدمار الذي غطى وجه المدينة الخارجي، لم تمنع أبناءها من مواصلة حياتهم، بل زادت من إصرارهم على المواجهة التي كان أحد وجوهها تنفيذ مشاريع رياضية لا يمكن للآخرين تصور تنفيذها ونجاحها في المناطق المحررة التي تعيش ظروفاً استثنائية صعبة جداً كما هو معروف.

 

جهود خاصة

في المدينة القديمة التي اشتهرت أحياؤها بتخريج عدد كبير من النجوم الرياضيين، وتعلق أبناؤها بالرياضة، افتتح مجموعة من اللاعبين السابقين صالة للألعاب الفردية، بهدف الترويح عن الأطفال ومنح اللاعبين فرصة مواصلة تماريناتهم، وسرعان ما لاقت هذه الصالة استحسان الكثيرين ممن وجدوا في التردد إليها فرصة للهروب وإن كان لوقت قصير من واقع الحرب المكرس."أورينت نت" تابعت العمل على افتتاح هذه الصالة منذ أيامها الأولى حتى اللحظة، والإصرار الذي أبداه الكابتن (أحمد مشلح) بطل سوريا في الملاكمة عامي (2001،2002) لإنجاح مشروعه، وعمله الدؤوب بمساعدة من أصدقائه الملاكمين للوصول إلى ماكان يطمح له.

ثلاثة أشهر من التجهيز وتمديد الكهرباء وطي جدران الصالة، وتعبئة أكياس (الكيك بوكسنغ) بمجهود فردي، مقابل الحصول على صالة صغيرة تتسع لعشرين طفلاً، يتلقون التدريب على رياضات (الملاكمة، الكيك بوكسنغ، كرة الطاولة) بإشراف أفضل المدربين المتخصصين في حلب كما قال (المشلح).

أهداف وامكانات

ويضيف الكابتن أحمد: الهدف الرئيس من انشاء الصالة هو الترويح عن الأطفال، وإخراجهم من الحالة النفسية التي أصابتهم جراء تعايشهم مع أصوات الطائرات ومشاهدتهم المناظر المروعة بلا انقطاع، لذا قررنا أن نوجه اهتمامهم نحو الرياضة، لكن وبعد أسابيع من العمل، بدأت الصالة تأخذ صدىً أوسع بين الشباب، منهم من كان ملاكماً سابقاً أو لاعب طاولة (بوينغ بونغ)، ليصبح الأمر أكبر من مجرد صالة، بعد التجاوب الكبير من قبل الأطفال والشباب، والذي نتج عنه تأهيل فريق من كافة الفئات العمرية.

وعلى الرغم من الإمكانات المتواضعة، إلا أن القائمين على المشروع قد حققوا نجاحاً لم يكن بالسهل الوصول إليه، فمجرد الإعلان عن تشكيل نادي رياضي يعتبر خطوة هامة في طريق مساعي الإعلان عن ولادة رياضة حرة في المدينة التي تشهد رغم وضعها المأساوي محاولات مشابهة من أجل حالة رياضية جديدة. 

اقبال استثنائي

الكابتن (شعبان قطان) الحائز على بطولة أسيا في الملاكمة العسكرية، يتحدث عن النجاح الذي حققه المشروع لأورينت نت، فيقول: لم يتوقف المشروع عند حدوده البسيطة التي لم تكن لتتعدى حلبة الملاكمة الصغيرة والبساط الأخضر، بل أصبح اليوم نادياً شبه متكامل تتوفر فيه أساسيات بناء النادي البسيطة، مثل تجهيزات الإعداد البدني وأكياس الكي بوكس المنتشرة ومعدات التدريب الأخرى.

ويضيف القطان: نحاول الوصول إلى أكبر عدد من الرياضيين الموجودين في المدينة وريفها، من خلال التواصل مع الاتحاد الرياضي في حلب، وبعد أن استطاع اللاعبون السوريون الأحرار رفع علم الثورة في البطولات الدولية من خلال تحقيقهم مراكز متقدمة في مشاركاتهم، نعمل على استمرارية هذه النجاحات وتزايدها ليأخذ الشباب الموجودون في المدينة فرصتهم الكاملة في المشاركات الدولية.

مؤسسات رياضية بديلة

وينقلنا حديث القطان هذا إلى استطلاع حال "الاتحاد الرياضي العام" في حلب، وهي منظمة أسسها رياضيون يعيشون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، على أمل أن تكون بديلاً بالتعاون والتشارك مع منظمات رياضية أخرى لمؤسسة النظام الرياضية.

لكن حال هذا الاتحاد ليس بأفضل من المشاريع الرياضية التي يتم تنفيذها في الداخل المحرر، فالعجز المادي يقف حجر عثرة أمام هذه المشاريع، إلى جانب القصف وغياب عامل الاستقرار الأمني، لكن ذلك لم يمنع المنخرطين في هذه المشاريع من متابعة العمل من أجل تحقيق النجاح.

بطولات مصغرة

المدرب السوري أحمد رام حمدان رئيس الاتحاد الرياضي العام، يتحدث عن أهمية وجود هذه الأندية والأهداف المرجوة منها، فيقول: من خلال إيماننا بأن الحياة يجب أن تستمر وألا تقف عند حدود الحرب، كانت فكرة إنشاء صالة رياضية للألعاب الفردية تكون حاضنة الرياضيين في المناطق المحررة، وبعد أن تم تجهيزها بدأ اللاعبون بالتوافد إليها بالشكل الذي نطمح إليه.

ويتابع رام حمدان: واكبنا عمل المشروع، وعلى الرغم من ضعف الإمكانات، إلا أننا قدمنا لهم بعض المساعدات العينية، لتجهيز الصالة التي كان لها دوراً مهماً في تحضيراتنا لإطلاق بطولة حلب للملاكمة، بهدف ابراز المهارات التي اكتسبها اللاعبون بعد أسابيع من التمارين المكثفة، كما أننا نسعى جاهدين في توجيه أنظار المهتمين بالرياضة إلى هذا المشروع الذي أضحى حقيقة يجب دعمها حتى لانخسر مواهب رياضية جديدة.

حرب أخرى لاتقل أهمية عن الحرب العسكرية يقول الرياضيون هنا في حلب أنه يجب عليهم خوضها، فهي لا تقل أهمية عن المواجهة في الجبهات وميادين السياسة، خاصة بعد محاولة نظام الأسد تدمير كل ما هو مرتبط بالحياة في أقدم مدينة في العالم.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات