ورقة بشار!
من الواضح، أن روسيا لا تعتزم، إلقاء ورقة بشار الأسد من يدها، بالقريب المنظور. أو القيام باختراق جدي لعقدة "رحيله". إذ يكفي، أن تقترح احتفاظه بمنصب القائد الأعلى للجيش، والاشراف على الأمن، والسياسة الخارجية، خلال ما أسمتها (عملية الإصلاح الدستوري). لتثير شكوك التحالف السعودي – التركي -القطري، بحقيقة نواياها، وسعيها "لتعويم" الأسد أطول فترة ممكنة. مع ملاحظة، أن الوصول إلى تلك العملية. يتطلب بحسب التسريبات، اتفاق الأطراف السورية على الخطوات، في مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة مستقبلاً. أي التهرب من تحديد "جدول زمني" لمجمل العملية السياسية، وموعد الوصول إلى نهايتها. إضافة لتمسكها بإمكانية فرض "الأسد" مُرشحاً في الانتخابات الرئاسية "المُبكرة". وهو ما يتنافى مع الواقع والمنطق، بنظر جزء كبير من "المعارضة"، ولدى نسبة لا يُستهان فيها من السوريين. عدا ألغام وفد المُعارضة "الموحد". وقائمة التنظيمات الإرهابية، التي تشمل "برأي الروس" جميع الفصائل الفاعلة، بمواجهة الأسد وإيران. في حين تبدو "أذرع" طهران من الميلشيات المذهبية الشيعية، من عظام رقبة تحالف بوتين لمكافحة "الإرهاب"، رغم عدم إعجابه "بحزب الله".
نتنياهو "مفاوضاً" في فيينا3!
عموماً، تُدرك موسكو، أن "أفكارها"، غير قابلة للتبني. لذلك تجنبت طرحها "رسمياً". فيما تأمل عبرها، من توجيه الرسالة، بأن إسقاط طائرتها فوق سيناء، لم يؤثر على صلابة موقفها في سوريا. أو يُغير من أهدافها، رغم "الانتكاسات"، التي لحقت بحملتها العسكرية هناك. وفشل طائراتها المُسيطرة على الأجواء، من تحقيق تقديم يُذكر على الأرض. بعد أكثر من شهر على انطلاق عملياتها.
لعل الرسالة الأقوى، وجهتها موسكو يوم الاثنين الماضي. لما أعلنت مجموعة الأسلحة الروسية "روستيك"، عن توقيع عقد لتسليم طهران أنظمة صواريخ "اس 300" المُحدثة والمُطورة، عما هو متفق عليه سابقاً، وكانت موسكو أوقفت تنفيذه عام 2010، قبل أن يسمح به الرئيس بوتين مُجدداً، في نيسان الفائت.
لم يكن توقيت توقيع العقد، بعيداً عن كواليس فيينا3. أو عن طاولة مساوماته. لأن تسليم موسكو لطهران صواريخ "أس 300"، يُشير إلى "تعليق" خلافاتهما بشأن مستقبل "الأسد". كما يؤكد أن "إسرائيل" رفعت الفيتو عن إتمام العملية، التي منعتها لسنوات. وأن بوتين "ربما "حصل على مباركة نتنياهو لتنفيذها، خلال زيارة الأخير لموسكو. ما يشي بتلاقي المصالح الاستراتيجية بين "إسرائيل "وإيران في المنطقة. وأن "تل أبيب"، على قناعة بأن سعي طهران لامتلاك الصواريخ "البالستية"، ليس موجهاً ضدها. بل إلى دول الخليج.
"توريد" بمثابة التهديد!
تلك الدول، وعلى رأسها "السعودية"، التي زادت من دعمها لمقاتلي المعارضة السورية بمضادات الدروع، منذ التدخل الروسي. هي المعنية برسالة بوتين "الصاروخية"، على أبواب "فيينا3". حيث ترى تلك الدول، أن إيران لن تتخلى عن محاولاتها لتقويض دولهم، وأنها ستزيد من وتيرة تلك المحاولات، بعد توقيعها الاتفاق النووي، وحصولها على الأموال المحتجزة بموجب العقوبات الدولية. ثم (استثمار الكثير من المال لتطوير تقنيات وتكتيكات تهدف إلى هزيمة الأنظمة الدفاعية الخليجية) وفقاً تصريحات، أدلى بها وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، أثناء زيارته لندن مؤخراً.
هواجس الخليج العربي، من النوايا الإيرانية. وصلت حد سعي دوله الست (السعودية، الإمارات، البحرين، عُمان، قطر، الكويت)، لامتلاك منظومة قبة حديدية، على غرار "القبة" التي تمتلكها "إسرائيل"، وتغطي كامل مساحة تلك الدول، وتُقدر كلفتها بمئات مليارات الدولارات ذلك بحسب "تقرير" بثته شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية.
هذه الهواجس، ليست خافية على الرئيس الروسي بوتين، وطاقمه التفاوضي. لذا، بإعطائه الضوء الأخضر لتسليم إيران صواريخ "اس 300 إف إم" المُطورة، يظهر وكأنه يوجه تلك الصواريخ نحو دول الخليج، خصوصاً السعودية، قبيل انعقاد جلسات فيينا3، وعلى أمل الضغط لاقتناص "تنازلات"، بما يخص دور "الأسد" ومُستقبله. فيما يبدو أن الضغوط، على شدتهاز لم تثنِ السعودية، عن قرارها بإسقاط الأسد عسكرياً إن لم يتنحَ سلمياً. وهو ما جدد تأكيده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في انتهاء مؤتمر "الدول العربية – اللاتينية" بالرياض، أمس.
التعليقات (9)