فرضيات سقوط الطائرة الروسية الأربع

فرضيات سقوط الطائرة الروسية الأربع
تضاربت التصريحات حول أسباب تحطم الطائرة الروسية من طراز إيرباص 321 التابعة لشركة "كوغاليم آفيا" وتشغلها شركة "متروجت" منذ العام 2012 والتي تحطمت أثناء رحلتها من شرم الشيخ إلى مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، وعلى متنها 224 شخص، 217 راكب بالإضافة إلى أفراد طاقم الطائرة المؤلف من 7 أشخاص حيث لقي الجميع مصرعهم في الحادثة.

لم نتعود الصدق من إعلام معظم حكومات العرب، حتى في صغائر الأمور، فكيف سنصدق إعلاماً مضللاً كالإعلام الرسمي المصري الذي صنع وأيد إنقلاب العسكر على الشرعية، فأنتج حكومة لم تكن قادرة حتى على إصدار بيان أولي يفيد بسقوط الطائرة إلا بعد أكثر من أربع ساعات على الحادثة التي تبنتها ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

إن عدم مصداقية الحكومة المصرية سيدفع إلى التشكيك في كل ما قدمته من معطيات ومعلومات فنية عن الطائرة لحظة الحادثة !

تبني تنظيم الدولة لعملية إسقاط الطائرة دفع بالمصريين والروس للمسارعة إلى نفي الخبر جملة وتفصيلاً، حتى قبل أن يتم العثور على مكان سقوط الطائرة التي انشطرت وتناثرت أشلاؤها في السماء قبل أن تسقط على الأرض لتتوزع على مساحة قدرت بحوالي 20 كم مربع كما أظهرت صور حديثة للأقمار الصناعية نشرتها وكالات الأنباء الروسية والعالمية، وهو ما يطرح سؤالا هاما حول أسباب هذا النفي الذي أضاف المزيد من التعقيد والغموض على الأسباب الحقيقية لسقوط أو إسقاط الطائرة الروسية المنكوبة.

حتى اللحظة هناك ثلاث فرضيات محتملة لتحطم الطائرة ويتم تداولها من قبل المهتمين بهذا الشأن

الفرضية الأولى:

وهي التي صرح بها الروس والمصريون حتى اللحظة وتقول بأن عطلاً فنياً ربما يكون السبب وراء تحطم الطائرة، وهو ما تنفيه الوقائع كافة حيث تبدو هذه الفرضية ضعيفة يدحضها تصريحات خبراء الطيران والأهم شهادة بعض سكان سيناء الذين أفادوا بأنهم شاهدوا الطائرة وهي تحترق في السماء أثناء سقوطها وكذلك تصوير مسجل بثه تنظيم الدولة الإسلامية يظهر الطائرة وهي تتعرض لإنفجار نجم عنه سحابة بيضاء لفت الطائرة للحظات قبل أن تهوي إلى الأرض بسرعة 1800 م في الدقيقة بحسب موقع فلايت رادار 24،  وهي تجر خلفها ذيلا طويلا من الدخان الأسود الناجم عن الإحتراق

بالعودة إلى السجل الفني للطائرة الروسية المنكوبة فإن ريتشارد كويست محلل شؤون الملاحة الجوية في شبكة "سي إن إن" يقول: هذه الطائرة بالتحديد تعرضت لما يُعرف "بـضربة الذيل" حيث ارتطم ذيل الطائرة بأرض المطار خلال رحلتها من بيروت إلى القاهرة في العام 2001 أثناء عملية الهبوط الأمر الذي تطلب ِإجراء صيانة لها، حيث أن هذا الأمر هو أكثر ما يخشاه طيارو هذا الطراز من الطائرات بسبب طولها.

احتمال تعرض الطائرة لخلل فني أدى لتحطمها كانفجار أحد خزانات الوقود يبقى وارداً. 

الفرضية الثانية:

وتفيد بأن سبب تحطم الطائرة هو عمل إرهابي أو ناجم عن اختراق أمني في مطار العريش أدى لزرع عبوات ناسفة تم تفجيرها من خلال مؤقت زمني يراعي ساعة الإقلاع، وبحيث تنفجر بعد وصولها إلى ارتفاع شاهق يأخذ بالحسبان عامل الضغط الجوي الذي سيساعد على انشطار وتشظي الطائرة في الجو، وهكذا فرضية واردة بغض النظر عن الجهة المنفذة والمطار الذي تم فيه زرع العبوة الناسفة كما سنعرف لاحقا.

الفرضية الثالثة:

وتقول بأن الطائرة قد أُسقطت بواسطة صاروخ أرض جو موجّه من قبل أحد التنظيمات المسلحة، وهو إحتمال وارد جدا خاصة في حال كذبت الرواية التي تقول بأن الطائرة كانت تحلق على ارتفاع أكثر من 30000 قدم وهو الارتفاع الذي لا تستطيع مثل هذه الصواريخ المحمولة على الكتف أن تصل إليه، لكن ماذا لو أن الصاروخ لم يكن من طراز "إيغلا 1" الذي لا يتعدى مداه 5 كم (16000 قدم) بل كان من طراز "إيغلا 2" الذي يصل مداه لكثر من 9 كم (30000 قدم)؟ أو صاروخ سام 24 الذي يبلغ مداه أكثر من 12 كلم (39000 قدم) وكان القذافي يملك المئات من هذا النوع الذي اختفت أعداد كبيرة منه، قيل إن عددها قد بلغ 500 صاروخ تم تهريب جزء كبير منها إلى إيران وسورية وحزب الله.

هذا سؤال لا يمكن الإجابة عليه لكن وفي نفس الوقت لا يمكن نفيه، خاصة في ظل الفوضى العارمة التي تضرب المنطقة وانهيار الحدود بين دولها كما هو حاصل في الحالة العراقية – السورية، والحالة المصرية – الليبية إلى حد ما، فتركة نظام القذافي من السلاح كبيرة والراغبين باقتنائها أيضا كثر.

بعد انهيار نظام معمر القذافي خرجت حمولات ضخمة من الأسلحة وصل بعضها إلى سورية وإيران وحماس وحزب الله. 

الفرضية الرابعة: 

وهي الفرضية التي لم يتطرق إليها أحد من قريب او بعيد، رغم أنها مرجحة وبقوة، فمن يعرف تاريخ الديكتاتور بوتين والطريقة التي أحكم بها قبضته على الحكم في روسيا وماحولها من دول، سيعلم أنه ماهر في صنع السناريوهات الدموية وإسقاط الطائرات وتصفية المعارضين وهو بكل تاكيد مستعد للتضحية بعدة مئات، بل حتى بعدة آلاف من الروس في سبيل تنفيذ ما يطمح إليه، فسفينة تدخله في سورية جاءت بما لا تشتهي رياح الثوار السوريين، وهو ما وضع بوتين في مأزق حقيقي يهدد بخسارته للشعبية التي عمل لها بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة، فروسيا ومهما على شأنها وعظمت قوتها تبقى دولة فقيرة لا تستطيع تحمل الغوص في مستنقع جديد على نمط المستنقع الأفغاني، فهل هناك طريقة أفضل من التهديد الإرهابي الذي يتقن بوتين العزف على أوتاره وسيلة تجمع الروس حوله كما فعل منذ الحرب الشيشانية وحتى اليوم؟

 

فهل بوتين هو من أسقط الطائرة الروسية وقتل مواطنيه، لا شيء مستبعد فالطائرة تحطمت بعد 23 دقيقة من إقلاعها حيث تخطت مخاطر الإقلاع ووصلت مرحلة الأمان وتشغيل الطيار الآلي، وعلى وشك أن تصل أقصى ارتفاع لها كما يقول خبير الملاحة ريتشارد كويست.

بناء على الفرضيات الأربع آنفة الذكر يمكن لنا أن نخرج بفرضيتان، نستطيع من خلالهما الوصول إلى الفرضية الوحيدة وهي أن يكون الروس أنفسهم هم من فجر الطائرة وبواسطة عبوات متفجرة زرعت في الطائرة، وهذا هو الاحتمال الأرجح فهكذا عمل يحتاج إلى جهد وخبرة لا يتوفران إلا لأجهزة الأستخبارات الكبرى أو جهات تستطيع وضع المتفجرات بكل حرية ودون إثارة أي شكوك، ومن يدري فربما قد وصلت الطائرة من روسيا وهي تحمل العبوات الناسفة التي أسقطتها، ومن يدري فقد تخرج علينا التحقيقات بنتيجة مفادها ان عملا إرهابيا قد إستهدف الطائرة المنكوبة، لم لا فحتى تنظيم الدولة الإسلامية لم يذكر في بيانه الطريقة التي أسقط بها الطائرة.

جميع الإحتمالات واردة فبوتين هو المستفيد الأكبر من هكذا حادث، ومع ذلك فلايجب إستبعاد أي من الفرضيات حتى تلك التي تقول بأن تنظيم الدولة الإسلامية هو من أسقط الطائرة، وفي هذه الحالة فإن الصراع في المنطقة سيكون قد إنتقل إلى مراحل متقدمة تاخذ المنطقة باتجاه مزيد من التصعيد الذي قد يتحول إلى فوضى عارمة وحرب لا تستثني أحدا.

بالعودة إلى الطائرة المنكوبة فإن ثلاثة دول تشارك في عملية البحث والتحقيق وهي روسيا ومصر وفرنسا البلد المصنع للطائرة الذي يهمه نفي تهمة العطل الفني عن الطائرة التي إنشطرت في الجو قبل أن تسقط ناثرة حطامها على مساحة قدرت بعشرين كلم مربع وهو مادفع لتوسيع دائرة البحث عن الحطام لتصل إلى 50 كلم مربع ليتم بعدها العثور على جثة طفل على بعد 8 كلم من مكان سقوط القسم الرئيسي من جسم الطائرة لكن إسرائيل كانت اول من أرسل طائرات إستطلاع للبحث عن حطام الطائرة حتى قبل ان يتم افعلان عن سقوطها رسميا.

ختاماً لا يسعنا إلا أن نأخذ بنصيحة السيسي الذي طالبنا بعدم الحديث عن أسباب تحطم الطائرة، وإنتظار نتيجة التحقيقات التي قد تستمر لمدة ستة أشهركما قال، لكننا سنشكر الجامعة العربية على برقية المواساة التي أرسلتها لبوتين الذي قتل أكثر من 200 مدني سوري قبل يوم واحد فقط من إسقاطه لطائرة بلاده.

التعليقات (2)

    احمد

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    كلام منطقي و معقول

    محمد الحريري ابو سفيان

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    تاريخ المخابرات الغربية بشكل عام مليء بهكذا امور لتبرير امور يريردون القيام بها و ليس الروس فقط مما يدعم نظرية ان الروس هم من اسقطها و نظامها يجني فوائد جمة من هكذا عمل و خاصة في الظروف الراهنة
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات