من انقلب على من في سوريا (طهران أم موسكو) .. ولماذا؟

من انقلب على من في سوريا (طهران أم موسكو) .. ولماذا؟
الخلاف الروسي – الإيراني في سوريا، ليس سراً أو مُستجداً. لكن الجديد هو توقيت تظهيره إيرانياً إلى العلن أمس، عبر تصريحات القائد العام للحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري، الذي أكد عدم تطابق موقفي الدولتين اتجاه بشار الأسد، مع التمسك باعتبار شخص الأخير خطاً أحمر، ممنوع تجاوزه بالنسبة لطهران.

"كباش" روسي – إيراني!

هذا "التظهير" الإيراني للتناقض، استدعى رداً روسياً عاجلاً لكن غير مباشر، باستخدام مفردات "مثيرة" على لسان الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي رأت أن بقاء "الأسد" بالسلطة "ليس مبدئياَ" بالنسبة لموسكو، تاركة الباب موارباً، بتكرار "لازمة" أن الشعب" السوري هو الذي يقرر مصيره، و(نحن لا نحدد إذا كان على الأسد البقاء أو الرحيل).

نظرياً، لا خروج عن "النص" الذي اعتمدته موسكو منذ انطلاق الثورة السورية، لكن فعلياً لا يمكن قراءة الموقف بعيداً عن المستجدات التي أعقبت استدعاء الأسد إلى الكرملين وصولاً إلى فيينا2، الذي شارك فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وصوره الإعلام الموالي لطهران "نصراً" مؤزراً، قبل أن ينقلب عليه نائب ظريف، ورجل المرشد خامنئي في الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أول أمس، حين أعلن أن إيران لن تحضر اجتماعات فيينا مُجدداً، في حال الإصرار على مناقشة رحيل الأسد، بوصفه خطاً أحمر، مُطلقاً الضوء الأخضر لتصريحات الجنرال جعفري النارية أمس.

المأزق الإيراني!

عبارة الجنرال "بأن إيران لا ترى بديلاً لبشار" تُلخص المأزق الذي لا يمكن لطهران تجاوزه في سوريا، لأن "الأسد" هو استثمارها الوحيد، الذي لا يُمكن تعويضه، ويُشكل مع حزب الله، الذي لا تشعر موسكو بالسعادة اتجاهه بحسب الجنرال جعفري أيضاً، حجر الزاوية لمشروعها التوسعي بالمنطقة العربية. في حين أن موسكو قادرة على التكيف مع بديل بأفضل مواصفات ممكنة، يُمكن "تهيئته" من خلال مرحلة انتقالية تُريدها موسكو طويلة "فضفاضة"، لا يزال الخلاف محتدماً حول مدتها ودور "الأسد" فيها. كما تتيح المساهمة الفعالة بحل "المسألة" السورية لها، ضمان مصالحها الأساسية في سوريا، من قواعد عسكرية، ومنع مد خطوط غاز خليجية مستقبلية إلى أوروبا، إضافة لتأكيد عودتها كلاعب أساسي على المسرح الدولي.

مواجهة غير مُعلنة!

لم يكن الاحتلال الروسي المُباغت "بوضع اليد" على مصالحه في الساحل السوري، لمنع انهيار "الأسد" وفرملة التوجه "السعودي -التركي -القطري " بإسقاطه عسكرياً فقط، إنما لكسر "انفراد" إيران باحتلال سوريا، وسيطرتها المطلقة على قرار "الأسد" السياسي والعسكري، مروراً بتحجيم سلطات "الجيش" لحساب الميليشيا الطائفية، سواء التي انشأتها "جيش الدفاع الوطني"، أو المذهبية الخارجية التي استدعتها، من لبنان والعراق وأفغانستان، وغيرها. عدا الألاف من ضباط وعناصر وخبراء الحرس الثوري.

تلك الميليشيات المذهبية التابعة لإيران، تُشكل التحدي الأبرز لنفوذ روسيا ومصالحها في سوريا حاضراً ومُستقبلاً، خصوصاً إذا ما تمكنت إيران، من تكريس رؤيتها "لسوريا المُفيدة"، الممتدة من دمشق إلى الساحل، مروراً بالقلمون ومناطق في وسط سوريا، وربطها لاحقاُ بمناطق في لبنان ذات صبغة شيعية، وبالعراق عبر "تدمر – البادية". الأمر الذي يُشكل تهديداً استراتيجياً بمد خطوط نفط وغاز إيراني إلى أوروبا. لذا تتمسك روسيا بوحدة سوريا الجغرافية، وهو ما أعلنت عنه مراراً، آخرها في اجتماع فيينا2. ولعله يُفسر عودة المواجهات بين "جيش الأسد" والميليشيا الداعمة له، وبين الثوار إلى مختلف المناطق السورية، منذ التدخل العسكري الروسي المباشر، بعد انكفائها إلى مناطق "سوريا المفيدة" قبيل هذا التدخل.

من انقلب على من؟!

من الصعب تحديد من انقلب على من في سوريا (طهران أم موسكو؟) لكن المؤكد، أن إيران هي من بدأت بتقليم أظافر الروس بتهميش "الجيش " الذي ترعاه موسكو تاريخياً، لحساب ميليشياتها المذهبية، وليس مُستبعداً في هذا السياق تدبيرها ما يُعرف بتفجير "خلية الأزمة" الذي راح ضحيته اللواء آصف شوكت المُستهدف الأول بالتفجير، ووزير الدفاع العماد داوود راجحة، لضمان عدم وجود بدائل لبشار، مقبولة من موسكو، وقادرة على ضمان استمرار مصالحها.

لا شك بأن التدخل الروسي العسكري هو أقرب إلى التكتيك منه إلى الاستراتيجية طويلة الأمد، لذلك تسابق موسكو الزمن، للخروج بأقل الخسائر الممكنة، حيث لم يعد " الأسد" بالنسبة إليها أكثر من "عكاز"، للوصول إلى بديل معقول. بيد أن مشكلتها الأساسية حالياً هي مع إيران، التي تمتلك قدرة تعطيل أي حل لا يُناسبها، وهو ما سارعت إلى التلويح به من خلال استدعاء معاون وزير خارجية الأسد فيصل المقداد بشكل عاجل، إلى طهران أمس، والإيعاز له للتصريح بنسف فكرة (المرحلة الانتقالية، واعتبارها موجودة فقط في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع). واقع تقبض عليه إيران عسكرياً، ومن خلاله على رقبة بشار الأسد، المُعلقة ما بين "منافي" الولي الفقيه، وزنازين محكمة الجنايات الدولية، التي لا يزال قيصر الكرملين، مُمسكاً بمفاتيحها. 

  

 

التعليقات (3)

    إلى قُمْ قوموا

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    العلويات لا يرغبن في إرتداء العباءة الإيرانية ولا تغطية شعورهن أما العلوييون لا يُمانعون لبس العمائم وحفظ أقوال الخميني متعوّدون على البصم والتقليد و المحاكاة أبّاً عن جد

    أبو همام

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    أرجو من الله أن يمكر بهم ويكيد كيدا يقضي عليهم، أعتقد أن الروس بعد التدخل أدركوا الحقيقة المرة أن لا قوة و لا مكان للأسد فهم يريدون مصالحهم مع من لا فرق. إيران تقامر اﻵن وعليها أن تختار بين مصالحها مع روسيا أو بقاء اﻷسد وبالتأكيد فإن مصالحها هي اﻷهم فالمقامرة ﻻ طائل منها. وأعتقد أن ايران خسرت المعركة وخسرت سورية المستقبل، إلا إذا احتلت سورية عسكرياُ لأمد بعيد وهذا محال. والله غالب على أمره وﻻ معقب لحكمه

    عربي

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    مشكلتنا في الاقطار العربية ليست مع الشيعة و العلويين المخلصين للعروبة. مشاكلنا تاتي مع عملاء ايران من السنة و الشيعة و العلويين و المسيحيين. لنقهر المد المللي, على السياسيين العرب تقوية القلب العربي النابض في كل الاقطار العربية من خلال المشاريع الثقافية و الانمائية و التضامنية التي ترسخ الفخر بالعروبة.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات