قد يكون ما تقوم به المليشيات العلوية واضحاً بالاستعانة بالتاريخ وتفسيره، هناك أقلية غير وطنية مرتبطة بمشروع فارسي، يتغذى من أحقاد التاريخ، تحتل أراضي الأكثرية وتمارس ضدهم جرائم حرب وإبادة جماعية، أما احتلال المليشيات الكردية لأراضي سورية واسعة، تمتد من عفرين مروراً بريف الرقة الشرقي وصولاً للقامشلي هي رغبة في إقامة كيان مستقل يداعب المخيلة القومية الكردية، وتهجير أكثر من١٥٠ ألف نسمة على رقعة جغرافية بطول٧٥كيلو متر وعرض٤٥ كيلو متر في القامشلى لوحدها، وهي قرى عربية صرفة، تقطنها قبائل عربية مثل البكارة والجبور، مدفوعة هذه المليشيات بنزعة الانتقام الثأري بوصف كل السكان العرب والسنة تحديداً هم المسوؤلون عن المظلومية الكردية المفترضة، وحجر عثر في طريق الأحلام القومية الكبرى، وكان مقتل أكثر من نصف مليون مواطن سوري، غالبيتهم مدنيين، رد فعل انتقامي من قبل المليشيات العلوية على ثورة السوريين ضد الاحتلال العلوي-الإيراني لبلدهم، حيث تعتبر أكبر عملية إرهابية في العصر الحديث. وحرب المليشيات الكردية التي بدأت العام المنصرم أسفرت حتى الآن عن قتل المئات في جرائم وصفتها التقارير الحقوقية، أنها جرائم تطهير عرقي مكتملة الأوصاف، وأسفرت عن تهجير أكثر من١٥٠ألفن نسمة بغية إحداث تغييرات ديموغرافية تضمن للكرد أكثرية سكنية طالما كانت غير حقيقية حيث لا تتعدى نسبة الأكراد من مجموع سكان محافظة القامشلي٢٢بالمئة، وفي مدينة تل أبيض لا يتجاوز تواجد الكرد سوى في ٢٤قرية، وما زالت الحرب تشتد بضراوة ضد القرى العربية ما يؤشر على ارتفاع في وتيرة الإبادة والتهجير، ولا يوجد مؤشرات على توقفها قريباً، بل هي في تزايد مستمر، من هنا يأتي التشابه بين إرهاب المليشيات العلوية وحليفتها المليشيات الكردية، حيث الشراكة في الاحتلال والتهجير والقتل والإبادة وإحتلال الأراضي، حيث يبدأ التشابه ولا ينتهي بين الاحتلالين.
الأهداف مشتركة بين الاحتلالين العلوي والكردي، حيث الرغبة تكمن في إنشاء إقليم سني معزول منهك القوى لا يهدد مستقبل جواره الديني والقومي، ومنقوص الرأسمال البشري قدر المستطاع، فنسيج الشعب السوري العرقي والديني والجغرافي السابق غير مناسب للمستقبل القريب، كيف يمكن بناء أقاليم مستقلة كمقدمة للانفصالات، القادمة لا محالة، بين هذا التنوع الديني والعرقي والجغرافي لمصلحة الأكثرية من العرب السنة، لذلك كان التحالف الاستراتيجي لأسباب دينية وسياسية بين المحور الكردي-العلوي، مدعوماً بتوجيهات من إيران صاحبة النفوذ السياسي والديني في القرار العلوي الحاكم.
وحسب التقارير من مناطق ما يسميه الأكراد حكم الإدارة الذاتية في محافظة الحسكة السورية، هناك حرب شعواء تشنها المليشيات الكردية ضد السكان العرب، تبدأ بالتشكيك بمستندات الملكية للأراضي الزراعية والممتلكات العقارية، وصولاً إلى تهم جاهزة بملاحقة عشرات الآلاف بوصفهم متعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية، حسب زعم المليشيات الكردية، ناهيك عن حرق المحاصيل وسرقة محتويات البيوت المهجرة، ومنع القرى العربية من تعبئة المياه من الآبار حيث لا تصل هذه المناطق خطوط مياه، هذه الممارسات تشكل خطة مفصلة لإحتلال المنطقة بشكل كامل، يشرف عليها بشكل أساسي"حزب الاتحاد الديمقراطي"الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، ويشرف على تنفيذها قادة عسكريون في المليشيات الكردية، ومن أهدافها تفكيك الشخصية العربية من وعيها الثقافي والاجتماعي، وتطويعها ضمن مفاهيم الثقافة الكردية الدخيلة على الشخصية العربية للمنطقة، وإشعار السكان الأصليين أنهم مذنبون بحق الجماعة الكردية وعليهم القبول بالتغييرات الديموغرافية، وعليهم الشعور بالخزي من الشخصية العربية البعثية حيناً والداعشية حيناً آخر، والتغيير في الآلية الإدارية للمنطقة حيث يتمتع المسؤولون الكرد بما يتضمنهم من مدنيين وعسكريين بكل تمركزات القرار، ويحتفظ للوجه العربي والمسيحي بدور تمثيلي لا يتعداه للقرار الإداري، وتتمتع الشخصية الكردية العسكرية بنزعة ثأرية تخلو من الرغبة في العدالة، حسب باحثين ودراسات، بالإضافة إلى الرغبة بالسيطرة على مقادير المنطقة اقتصادياً، مما يضمن خلع أي مخالب للشخصية العربية والمسيحية، مما يفقدهما القدرة على المواجهة مع الشخصية القمعية الكردية بأي شكل من الأشكال، مع ضمان استمرار التغييرات الديموغرافية، والحديث عن الإدارة الذاتية وشعاراتها الديمقراطية ما هو سوى وسيلة لمحو سلطة العائلات العربية، والشراكة الشكلية مع عائلات مثل أقرباء أحمد الجربا، حيث لا يلعبون دور العقبة في وجه كردنة المنطقة، وهم مستعدون للعب دور المستسلم والمؤيد لسلطة الأكراد، ومن الممكن أن يلعبوا أدواراً مفيدة للمليشيات الكردية في خطة احتلالها للمنطقة.
لا جدل بين الأكراد على استثمار التحالف مع الأمريكين بما يخص الحرب ضد تنظيم الدّولة الإسلامية، شعارات الحرب ضد الإرهاب واستغلال مساندة طيران التحالف الدولي، حيث يمكن السيطرة على الأراضي المملوكة للمغمورين بالتحديد، والتي يدفع الأكراد بسردية، أن المغمورين مستوطنون للمنطقة بحكم مشروع الحزام العربي، ولا إنصات لصوت العدالة في حال صحة الإدعاءات لخيار العدالة بديلاً عن تغيير الواقع، خاصةً أن الجزيرة السورية غير متقدمة لا صناعياً ولا تكنلوجياً ولا حتى تجارياً، والزراعة هي الضمانة لإقتصاد تتحكم به أسر كردية بِعد استكمال عملية السيطرة على الحصة الأكبر من الأراضي الزراعية.
إذاً التشابه بين الاحتلال العلوي والكردي، ليس بالأهداف، فحسب، وإنما بصورة الشرق الأوسط بشكل عام بعد الثورات الأخيرة، حيث تبدو الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في محو الشخصية الحضارية والثقافية المشكلة لهوية المنطقة، لصالح هويات فكرية وثقافية تصلح أن تكون حقل تجارب للأوهام الأمريكية، التي ظهر زيف شعارات الديمقراطية التي رفعتها منذ احتلال العراق، وعدم الرغبة في تنحية الأنظمة العسكرية الحاكمة.
المليشيات العلوية حققت أهداف الولايات المتحدة وحليفتها إيران، في تدمير الدولة السورية التي يتجاوز عمرها الثمانين عاماً، حيث نجحت المليشيات العلوية في تدمير قوة الدولة السورية، بل تدمير أي إمكانية لرجوع سورية كجمهورية كبرى وقوية في الشرق الأوسط، والذي يخدم مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، وإحلال أقاليم ضعيفة بديلاً عنها، وذهبت أحلام تنصيب حكومة ديمقراطية مع الريح،
الاحتلال العلوي والاحتلال الكردي، الأثنان يتصرفان كمحتل أجنبي للمنطقة، حيث تبدو الرغبة في تدمير بنية الدولة السورية، ونشر الفوضى والعنف وتدمير المرافق العامة، والشراكة في إعطاء شكل الحراك الراغب بالتغيير، شكل طائفي، كون الأكراد والعلويين وباقي الطوائف تحارب مليشيات سنية إرهابية على حد زعمهم.
التعليقات (10)