اجتماع فيينا .. لا حل إلا بإسقاط الأسد عسكرياً!

اجتماع فيينا  .. لا حل إلا بإسقاط الأسد عسكرياً!
يعتمد الرئيس بوتين تكتيكاً سياسياً، يقوم على إحداث "صدمة" مُترافقة مع "بروباغندا" إعلامية مُبالغ فيها، تُلحق الإرباك بخصومه السياسيين، في محاولة لتمرير سياساته بسوريا.

هذا ما اتبعه سواء بتدخله العسكري المُباشر غير المتوقع، أو باستقباله المُفاجئ لبشار الأسد في الكرملين.

لا شك أن الرجل، نجح من خلال "وضع اليد" عسكرياً، بفرملة إسقاط "وشيك" للأسد، وبحجز مقعده على رأس طاولة التفاوض بشأن "سوريا"، وعلى مصالحه المتركزة في ساحلها من "قواعد عسكرية وخطوط غاز مُستقبلية". لكنه يُدرك أن "نجاحه" مؤقت. لذا يحاول "التعجيل" باستثمار اللحظة سياسياً. قبل أن يتمكن الثوار، من استيعاب الضربات الجوية، ثم الانتقال إلى هجمات مُعاكسة.  أو أن يُقرر خصومه الإقليميون إغراقه، في مُستنقع استنزاف اقتصادي وعسكري، لا يمكن أن يحتمله طويلاً. وهو ما يُدركه هؤلاء الخصوم، بل لوحوا به فعلاً، عبر تمرير كميات مُعتبرة من صواريخ "تاو" المُضادة للدروع لمقاتلي المُعارضة، الذين يأملون بتلقي مُضادات طائرات، لا تزال رهن "فيتو" أمريكي، يمنع الافراج عنها حتى اللحظة. وتُقلق "بوتين "، إلى درجة الإفصاح علناً عن مخاوفه بشأنها، أمس الأول.

استقبال "الأسد" بطريقة "الاستدعاء"، وجلوسه وحيداً صاغراً في حضرة "المُعلم" بوتين، أُريد منه الإيحاء بأن الأخير هو صاحب الكلمة الوحيدة. فضلاً عن الأخيرة بالملف السوري، وهذا ليس دقيقاً. حيث تتفوق طهران على موسكو بالنفوذ على الأرض، وتحتفظ "بإمكانية" اجهاض أي حل سياسي، لا يُلائم مشروعها الإمبراطوري الفارسي في المنطقة. وتتمثل ركيزته الأساسية باستمرار سيطرتها على دمشق. وهو ما يُرجح أن الحل في سوريا، لن يكون إلا عسكرياً بالنهاية. في سياق المواجهة الإقليمية مع محور السعودية – تركيا – قطر.

هذه الحقيقة التي يعرفها بوتين، ليست الوحيدة التي تمنع الحل السياسي وفق جنيف1 روسي المنشأ أصلاً، إنما يُضاف إليها عدم وجود بديل عن بشار الأسد، بالمواصفات المطلوبة روسياً وإيرانياً بآن واحد، والذي يحتاج "توضيبه" إلى فترة زمنية طويلة، لا يُمكن تحديد مدتها مُسبقاً. كما يستحيل أن يحظى "البديل" المأمول، بقبول الرياض وطهران معاً، نظراً للتناقض والصراع الاستراتيجي المُحتدم بينهما.

عملياً، لا جديد في الجعبة السياسية الروسية. وما سعى "لافروف" لتسويقه في اجتماع فيينا الرباعي أمس، هو ذاته ما حاول تمريره على هامش اجتماع الدوحة مع وزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والأمريكي جون كيري "آب الماضي"، وانفردت 

"أورينت نت" بكشفه آنذاك. ومفاده ضرورة بقاء "الأسد" خلال مرحلة انتقالية "مفتوحة " المدة وبصلاحيات كاملة. استناداً إلى أولوية "مكافحة الإرهاب" المُدعاة، والتي تشمل بنظر بوتين جميع مُعارضي الأسد المُسلحين، بحسب تصريحات أعاد إطلاقها من منتجع"سوتشي" قبل يومين.

المُثير، أن "تذاكي" بوتين، على دول الإقليم بدعوتهم للتحالف معه، في إنقاذ بشار الأسد "مستمر"، إنما بصيغة مُبهمة جديدة، تتحدث عن انتخابات على أسس "ديمقراطية" راسخة، دون تحديد من يُرسخها، وكيف، ومتى تبدأ، أو تنتهي. عدا أنها لا تستبعد بشار الأسد من "لوائحها".

المُثير أكثر، أن يعتبر بوتين استعداد "الأسد" للبحث بالحل السياسي، وبدء حوار مع "المعارضة قبل القضاء على "الإرهاب"، بمثابة "المرونة" الكافية، والأكثر واقعية من طرح رحيل "الأسد" مع انطلاق المرحلة الانتقالية، في ظل خسارة سوريا لأراضيها، وتهديد وحدتها، على حد تعبير الخارجية الروسية.

بالتزامن، تُحاول موسكو إرباك المشهد الإقليمي المُحيط بتحالف (الرياض – أنقرة – الدوحة)، واللعب على التناقضات بين أولويات دوله. إذ شدد وزير الخارجية الروسي لافروف أول أمس على ضرورة اشراك إيران ومصر والإمارات والأردن، في المباحثات حول سوريا، قبل أن يتعمد توقيت الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين روسيا والأردن للتنسيق العسكري، مع انطلاق اجتماع فيينا الرباعي أمس. مشيراً إلى أن دولاً آخرى لم يُسميها، ربما تنضم إلى ما أسماه "ألية عمان". فيما سجل الموقف المصري مفاجأة غير متوقعة، عندما أعلن وزير الخارجية سامح شكري، في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" نشرته أمس، أن السعودية تُمثل في فيينا (الإجماع العربي" للحفاظ على سوريا والخروج من الأزمة، مُنتقداً التدخلات الإيرانية بالشأن الداخلي للدول العربية، ومساسها بالأمن القومي العربي)، وهو تحول من شأنه احباط المسعى الروسي، بحال (ثباته) المشكوك فيه، وما يزيد الشكوك بموقف "المصري"، هو إصرار لافروف في نهاية اجتماع فيينا أمس، على مشاركة طهران و(القاهرة) خصوصاً، في مباحثات موسعة قادمة.

أساساً، ما شجع موسكو، وأتاح لها فرصة التدخل العسكري في سوريا، هو التردد "السعودي – التركي" بإسقاط بشار الأسد عسكرياً في دمشق. وتفضيلهما الخيار السياسي على العسكري، لأسباب منها ما يتعلق بظروف بلادهما الداخلية الأمنية والعسكرية، أو تشابك المصالح الاقتصادية، أو لحسابات دولية، زادتها تعقيداً سياسات أوباما المُريبة، اتجاه ما يحصل في سوريا، ونواياه لمستقبل المنطقة بعد توقيع النووي. لكنه (تردد) لن يستمر طويلاً على ما يبدو، رغم ما فرضه "الاحتلال الروسي" المُباغت، من إعادة جميع اللاعبين على الساحة السورية لحساباتهم السياسية والعسكرية.

تلك الحسابات، لم تعد "أسيرة" صدمات بوتين، و"أناه" المتورمة. وهذا ما عكسته التصريحات غير المسبوقة لوزير خارجية قطر خالد العطية قبل أيام، حول استعداد بلاده بالتحالف مع السعودية وتركيا، للتدخل العسكري المُباشر "إنقاذاً" للشعب السوري. وهذا ما ينسجم تماماً مع التصريحات المُتكررة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بحتمية رحيل الأسد، إن بعملية سياسية، أو جراء عمليات عسكرية، وآخرها "أن دور الأسد هو الخروج من سوريا".

لا يعني ذلك، أن عمليات "التسليح والتخطيط النوعيين" لمقاتلي المعارضة ستبدأ غداً، بقدر ما هي مؤجلة لما بعد الانتخابات التركية. لكن التمهيد لها بدأ فعلاً، مع زيارة رئيس هيئة الأركان السعودي الفريق عبد الرحمن الصالح الموجود حالياً في أنقرة. ولن تكون، الأدق لا يجب أن تكون رهينة، لسلسلة اجتماعات مُخادعة لا تنتهي، على شاكلة اجتماع "فيينا" الفاشل. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات