مكتب المتحدث باسم جيش الإسلام بدوره سارع إلى إصدار بيان تم نشره في العديد من المواقع ولاقى إستياء من شريحة واسعة من السوريين الذين إعتبروا أن هكذا بيان يصب في خانة مهادنة الروس والنأي بالنفس عن مجمل الأحداث في سورية ولا يتطرق للعدوان الروسي على الشعب السوري من خلال التدخل المباشر إلى جانب نظام الأسد برا وبحرا وجوا، حيث أدى لإستشهاد العشرات وجرح المئات من المدنيين العزل في أكثر من مدينة كحلب وإدلب وحماة واللاذقية وريف دمشق وصولا إلى مدينة نوى في درعا.
بالعودة إلى البيان الصحفي الغير مبرر الذي أصدره مكتب المتحدث، فيمكننا قراءة عدد من الرسائل التي حاولت قيادة الجيش إبصالها للروس رغم أن موسكو لم تتهم جيش الإسلام صراحة بهذا الهجوم وإكتفت بتحميله مسؤولية معظم الهجمات الصاروخية السابقة على مدينة دمشق والتي تبناها جيش الإسلام نفسه كرد على قصف النظام لمدينة دوما.
رسائل مبطنة
الرسالة الأولى: يمكننا القول إن البيان المذيل بتوقيع النقيب إسلام علوش قد كان بيانا تصالحيا بإمتياز حيث تفادى التطرق للإحتلال الروسي لسورية وإدانة ما إرتكبه الروس من جرائم بحق السوريين لابل إن البيان قد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أكد ضمنيا ومن خلال نفيه إستهداف السفارة الروسية على مسألة انه لم ولن يستهدف المصالح الروسية في سورية أيا كانت لابل وتحذيره المبطن لأي جهة قد تحاول إستهداف المصالح الروسية في سورية، حجته في ذلك الأخلاقيات التي يستند إليها جيش الإسلام في عمله.
الرسالة الثانية: ومؤداها أننا وإياكم في خندق واحد نحارب الإرهاب والتطرف وقد قمنا بتطهر الغوطة الشرقية من المجموعات التابعة لتنظيم الدولة، مع العلم انه لم يكن هناك أي مجموعات تتبع تنظيم الدولة بل فصائل جيش حر أخرى كجيش الأمة الذي تم حله وقتل قادته وإعدام بعض عناصره وإعتقال أكثر من 3000 من عناصره، لازال المئات منهم في سجون جيش الإسلام الذي يمتلك أكثر من أربعة سجون تتبع فرع التوبة الأمني.
الرسالة الثالثة: التي حملها البيان كانت التأكيد على أن جيش الإسلام طرف فاعل وقوي يمكن الإعتماد عليه من قبل الجميع بما فيهم الروس وذلك لجهة الدخول في تفاهمات مفاوضات او حتى في تقديم خدمات كمنع إستهداف مصالح روسيا في المناطق التي يسيطر عليها جيش الإسلام. متناسيا أن روسيا عدو يحتل أرضنا ويقتل شعبنا بشكل مباشر من خلال قواته وغير مباشر من خلال الترسانة العسكرية التي يمد النظام المجرم بها.
الرسالة الرابعة: جيش الإسلام ومن خلال هذا البيان مارس سياسة النأي بالنفس عما يحدث في سورية، لابل ونأى بنفسه عن بقية الفصائل كجبهة النصرة وأحرار الشام، والجيش الحر، وبالتالي فهو قدم نفسه كفصيل غير معادٍ للروس وليس في وارد قتالهم ولا حتى مد يد العون للفصائل التي تقاتل الروس كجيش الفتح وباقي فصائل الجيش الحر.
حلف الشر
شبكة فوكس نيوز بثت اليوم خبر وصول خبراء عسكريين كوبيين إلى سورية وذلك لتعويض النقص الحاصل لدى نظام الأسد حيث ذكرت أنهم ستولون قيادة الدبابات الروسية الحديثة إضافة إلى تدريب عناصر من جيش الأسد على السلاح والعتاد الروسي الواصل إلى سورية، وبهذا تكون كوبا قد إنضمت إلى قائمة طويلة من الدول والأحزاب والميليشيات التي تقاتل السوريين في وطنهم وتمنعهم من إسقاط عصابة حكم لم يعرف التاريخ مثيلا لإجرامها.
كوبا لن تكون الأخيرة التي تتدخل لحماية عصابة الأسد وبالتالي فإن ما آلت إليه الأمور في سورية تحتم على الجميع أن يتحلى بروح المسؤولية وتوحيد الجهود والرؤى تجاه أعدائنا وعدم ترك المجال لهم للإستفراد بالمدن والمناطق الثائرة ولا حتى بالفصائل المقاتلة على إختلاف أنواعها وعلى الجميع أن يعلم وأولهم قادة جيش الإسلام أن ثورة الشام المباركة هي الثورة الفاضحة التي لا ينفع معها تقية ولا معسول الكلام وتزييف الحقائق والأحداث التي بات الجميع مدركا لها ويعلم بها وقت حدوثها ودون وسيط.
المآل
إن من مآخذ السوريين على جيش الإسلام وقبل معاركه الأخيرة التي أبلى فيها بلاء حسنا, هو انه يقاتل بالجماعات التي تتبع له خارج ريف دمشق كحلب وريف اللاذقية ومعظم معاركه كانت ضد تنظيم الدولة بينما يوفر قواته في ريف دمشق لمرحلة مقبلة من التفاهمات الدولية التي قد تقتضي تشارك السلطة مع نظام الأسد, إضافة إلى أن معظم بياناته مبالغ فيها وتجانب الحقيقة في كثير من الأوقات، بل وتستند في جانب منها إلى معارك الفصائل الأخرى كفيلق الرحمن وأجناد الشام التي تخوض غمار المعارك الشرسة في غوطة الشام كجوبر وداريا، بينما يستمر جيش الإسلام في محاولة إبتلاع الفصائل المسلحة وممارسة سياسة تكميم الأفواه بحق معارضيه وكل من يتجرأ على إنتقاد تجاوزاته.
لقد آن لقيادة هذا الجيش أن تتوقف عن سياسة النأي بالنفس عما يحدث في سورية وأن تنخرط وبشكل حقيقي في معارك الكرامة والشرف التي يخوضها الشعب السوري الذي ثار على الظلم والإستبداد ودفاعا عن العقيدة، فبات يخوض غمار حرب مفتوحة ضد حثالة خلق الله من إنسٍ وجن.
التعليقات (26)