هل دشنت السعودية (أفغانستان) السورية بالروس؟!

هل دشنت السعودية (أفغانستان) السورية بالروس؟!

أمس، كشفت الرياض عن قرارها بمواجهة موسكو عسكرياً في سوريا، عبر تزويد ثلاث فصائل معتدلة بأسلحة فتاكة منهان مضادات دروع، وربما مضادات طائرات. وفق تصريح نقلته بي بي سي، عن   مسؤول سعودي، رفض كشف اسمه.

كانت المواجهة بين الدولتين  قادمة لا محالة. لكن ما استعجل الإعلان عنها، هو الأداء الاستفزازي السياسي والعسكري لبوتين، سواء بإشهاره نوايا استهداف مقاتلي المُعارضة دون تمييز، بين معتدل ومتطرف. أو إحراج الدول السنُية في المنطقة، من خلال وصف رأس الكنيسة الأرثوذكسية لحرب بوتين في سوريا "بالحرب المُقدسة”. عدا اختراق الطائرات الروسية المُتعمد، للمجال الجوي التركي. وكذلك تعمدها مُضايقة طائرات التحالف الدولي في الأجواء السورية. إضافة إلى تصريحات الرئيس الروسي الاستعراضية بشأن ما حققته غارات طائراته المُفترضة، على مواقع "داعش" من نتائج باهرة، إلى درجة اضطرت معها شخصيات رفيعة، منهم الرئيس الفرنسي هولاند، لتكذيب ادعاءاته، والرد بأن بوتين معني بحماية الأسد، وغير مهتم بقتال "داعش".

هذا الأداء للرئيس بوتين، يدل على أن سياسته السورية، لا تتصف بالاستراتيجية، أو "البراغماتية" اللازمة للتعامل مع التشابك الإقليمي - الدولي القائم في سوريا، ذلك أن استعداء قوى إقليميه مثل  تركيا والسعودية، ومعهما قطر. من شأنه أن يجعل إقامة القوات الروسية على الأراضي السورية، مُكلفة أكثر من أفعانستان ذاتها. خصوصاً إذا ما قررت تلك الدول التساهل مع فتاوى "الجهاد"، التي بدأت بالصدور فعلاً. أو التغاضي عن تدفق "الجهاديين" مثلاً. أو فتح مخازن السلاح النوعي أمام فصائل مُعتدلة، بقبول أمريكي. إذ لم  يعد مُستبعداً، أن يكون الرئيس أوباما أكثر تقبلاً اليوم لغض النظر عن تسليح قوى اقليميلة مُقاتلي المُعارضة بالأسلحة المطلوبة، على أمل مواجهة  الضغوط الداخلية والخارجية عليه، بشأن التمدد الروسي، واختراقه المنطقة الخضراء "الأمريكية" ببغداد نفسها، حيث اتخذتها غرفة عمليات (حلف بوتين، إيران، الأسد والعراق ) مقراً لها،على وقع الأنباء عن استعداد حكومة بغداد للطلب رسمياً، من الطائرات الروسية، التدخل ضد "داعش".

لم يكن مُستغرباً، أن يُصعد بوتين في سوريا عسكرياً وإعلامياً. كرد على فشل لقاؤه بأوباما، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي استهلكت أزمة أوكرانيا الجزء الأكبر منه، بحسب ما تداولته وسائل إعلامية. ما يوحي بأن ثمة محاولة روسية "لللمقايضة" بين الملفين حدثت بالفعل.

لا شك، بأن تدخل بوتين بسوريا، فرض أجواءه على الاجتماع مع أوباما. كما أربك حسابات جميع اللاعبين في الساحة السورية. بيد أن دافع "التدخل" الأقوى، كان التشدد السعودي في مسألة بقاء الأسد، ودوره بمستقبل سوريا. ومعرفة موسكو بجدية تهديد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الحاسم والمُتكرر، برحيل بشار الأسد بعملية سياسية، أو بعمليات عسكرية.

الجبير، حرص على تكرار الموقف السعودي ذاته، من  منبر الجمعية العمومية. في إشارة واضحة، على أن التدخل الروسي العسكري المُباشر في سوريا، لم يؤثر بقرار المملكة من وجوب رحيل الأسد.

لعل الرياض، هي أكثر المُفاجئين "بالتدخل" الروسي، على اعتبار أن الحوار مع موسكو، وما أشاعه من أجواء تفاؤل مستمر، هو ما دفعها إلى "التهدئة" العسكرية في سوريا. بالتالي لم تتوقع من موسكو "تدخلاً" يقلب موازين القوى على الأرض. لكنها رأت بالمقابل في "تدخل موسكو" تحجيماً لنفوذ طهران. وشريكاً مقبولاً على طاولة التفاوض. الأمر الذي يُفسر برودها الإعلامي والسياسي، في التعاطي مع انقلاب الروس، على قواعد "اللعب السياسي". قبل أن يضطرها سلوك بوتين، الاستفزازي بتركيزه على فرض واقع عسكري يُكرس "بقاء الأسد". وهو ما لا تستطيع الرياض "هضمه" في سياق المواجهة مع إيران. وهو أيضاً، ما حاول "لافروف" تمريره بصيغة مُبهمة و"مطاطة"، خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والسعودي عادل الجبير بالدوحة "آب الماضي”، وما رافقه من دردشة.

يومها، سربت "أورينت نت"، أن وزير الخارجية الروسي يُركز على ضرورة بقاء بشار الأسد على رأس المرحلة الانتقالية، وربطها بأولوية "مواجهة الإرهاب"، التي لا يُمكن لأحد معرفة وتقدير، متى وكيف تنتهي؟. في حين تمسكت السعودية، ومن خلفها تركيا وقطر، بتنفيذ جنيف1 "، وما يتضمنه من نقل كامل للصلاحيات.

هذا التناقض غير القابل للتسوية، مشفوعاً بإعلان بشار عجزه العسكري، وإقرار طهران بعجزها عن إنفاذه. جميعها عوامل ساهمت بدفع موسكو إلى “التسرع” باتخاذ قرار "التدخل” المُباشر”، ليس لإنقاذ الأسد. إنما لضمان حجز حصتها من "الكعكة" مُسبقاً، بطريقة وضع اليد.

ما يُريده بوتين سياسياً يُلوح به عسكرياً، ومفاده (الإبقاء على سلطة الأسد، مع مسحة تجميلية، تُضفيها مشاركة أعضاء من  "المُعارضة المقبولة" في حكومة "وحدة وطنية"، لحين تجهيز البديل عن بشار، على المقاس الروسي طبعاً. أو سوريا مُقسمة، الواضح من معالمها ، بحسب غارات طائرات بوتين حتى اليوم، هو دويلة يرأسها الأسد في الشمال الغربي. وربما يُحالف "أكراد صالح مسلم" حظ مماثل في الشمال الشرقي، بحسب موقعهم في "تحالف بوتين") .

عملياً، ما يهم موسكو هو "دويلة الساحل"، حيث قواعدها العسكرية القديمة، والمُستحدثة، وممر خطوط الغاز الخليجي المُحتملة مستقبلاً. بينما موضوع دمشق وضمها للدويلة الموعودة، متروك أمر تأمينه لطهران، بوصفه مصلحة استراتيجية إيرانية بالدرجة الأولى.

المشكلة في "تكتيك" بوتين، اصطدامه بالأمن القومي، لجميع دول المنطقة باستثناء "إسرائيل"، وهي الوحيدة التي يلتمس بوتين خاطرها، ويُنسق معها. رغم أن التلاعب بخريطة سوريا الجغرافية والديمغرافية، يضع خرائط المنطقة برمتها على "مشرحة" التغيير". لذا تحتاج وصفة بوتين، إلى أن يقف المُحيط متفرجاً على تنفيذها. وهذا ما لا يُمكن لتركيا قبوله، أو التغاضي عنه، مهما بلغت  ضغوط  أمنها الداخلي، واقتصادها، وتحالفاتها الانتخابية. كما يُفترض أن لا يقبل العرب بتكرار  "إسرائيل" ثانية أو أكثر، تُعري  أمنهم القومي تماماً. لكن المفارقة أن بعض هؤلاء، تطوع بتأمين "غطاء عربي" لاحتلال روسي مُعلن، خلف يافطة “مواجهة الإرهاب”.   

التعليقات (6)

    سامي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    أعتقد من أن الواضح هو أن لايكون الشعب العربي السوري لقمة سائغة لا للنصيرية الفارسية .. ولا لغيرهم

    أبو محمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    لو تم دعم الثوار قبل سنتين بمضادات طيرات وأسلحة مضادة للدروع لما دخلنا في مثل هذه السناريوهات المعقدة

    احمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    على العرب الدم الفوري بالاسلحة النوعية او سيكونون عربان [ملاحظة لموقع اورينت السيستام القديم اجمل واسهل

    ابو ناصر السمير

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    الله يفرجها علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين في سوريا والدول العربية والعالم أجمع ولا بد من أن يظهر الحق ويزهق الباطل في آخر المطاف

    عدنان الكويت

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    بس للاسف ..لايوجد معارضة سنية موحدة مثل الاخرين ..لذلك الدول لاتثق بمعارضة متفرقه ومتصارعة.

    طلال السالم

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    ستكون سوريا على بوتن وحليفها المجوسي جهنم أكثر من أفغانستان لإن نهاية الإثنين ستكون معا إنشاء الله في بلاد الشام فهم يعرفون أن.أسود السنه أذا حطت رحالها بالشام للجهاد ستكون وبالا عليهم لهذا يحاولون إستعجال الحل السياسي على مقاس أبن **** أنيسه.. وإن غدا لناظره قريب
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات