يعد جان بول سارتر من أشهر من نالوا جائزة"نوبل"بالعالم، وذلك بسبب رفضه الحصول عليها قبل نحو خمسين عاماً. بالمقابل يعد أدونيس من أشهر من رشحوا لجائزة"نوبل"بالعالم، وذلك بسبب رفض أعضاء سكرتارية الجائزة حصول أدونيس عليها.
جاز التساؤل في السنوات الأخيرة، ولج التساؤل هذه السنة حول مكانة أدونيس الحقيقية عالمياً، حيث الإجماع على عدم منحه الجائزة أصبح وطيداً لا يقبل الشك، والتمحيص في رفض ترشحيه المستمر، يكشف عقم نتاجه الأدبي، ومواقفه الفكرية والسياسية إزاء"الربيع العربي"، إذاً الوعكة الإبداعية لا تقتصر على نتاجه الأدبي، وإنما تشمل أيضاً مواقفه الفكرية والسياسية.
هذه السنة كما السنوات التي سبقتها لم يحصل أدونيس على جائزة نوبل للآداب، وأدونيس في كل ترشيح يفقد شيئاً من شهرته التي فقدها، أوروبياً على وجه التعميم وفي فرنسا على وجه التخصيص، فقد شهرته التي لم تصل إلى الذروة التي وصل إليها ألبير كامو وجان بول سارتر وباتريك موديانو ونجيب محفوظ والكثير من الأسماء الأدبية التي عرفت شهرة عالمية وصلت للذروة.
وتشهد الأعمال الأخيرة لأدونيس تراجعاً بالترجمة، ومقالاته لا ترى النور سوى على صفحة جريدة"الحياة"اللندنية، وأمسياته تقتصر على منابر البترودولار، مودعاً المنابر الفرنسية وشقيقاتها الأوربيات، ومواقفه مما يجري في بلاده تشي بالكثير من عدم العقلانية والطائفية!
وإذا كان الكثير من السوريين قبل اندلاع الثورة يشكون من تجاهل أعضاء سكرتارية الجائزة لنتاج أدونيس، هم يحمدون الله اليوم على صوابية المعايير الفنية والنقدية لأعضاء سكرتارية الجائزة، على اعتبار أن السوريين يعتبرون أدونيس ذو حظوة لدى نظام البراميل، ولن يكونوا سعداء بحصول مؤيد للنظام على أسمى جائزة أدبية بالعالم، لأن أدونيس أصبح اليوم من أهم الوجوه الثقافية المؤيدة للنظام، ووصوله إلى كرسي الرئاسة السورية، أصبح أقرب إليه من وصوله إلى قمة الأدب في العالم.
طبعاً، لو فاز أدونيس بجائزة نوبل للآداب، لا قدر الله، كان سيحقق حلمه بشراء منزل بإحدى الضواحي الباريسية الفقيرة نسبياً، كان مصيره البائس اليوم في استجداء جوائز ومنابر البترودولار، ستتغير، لكن هذه الأحلام ما زالت بعيدة ولم تحقق. وهي فرصة له لمراجعة مواقفه السياسية والفكرية بشكل عام، المواقف التي حالت دون وصوله لحفل تسلم الجائزة التقليدي، وحالت دون وصوله لإلقاء خطاب في ستوكهولم، الخطاب الذي يعرف أعضاء سكرتارية الجائزة، في حاله حصوله، لن يكون خطاباً تقنياً بمقدار ما سيكون خطاباً يجسد روح المثقف التسلطي.
إذاً شبح دعمه للنظام يخيم على معايير الانتقاء الفنية والنقدية لدى أعضاء سكرتارية الجائزة، وأرشيف الجائزة، الذي سيبقى حبيس الأدراج لخمسين سنة قادمة، كما هو متعارف عليه، سيكشف أن التعليل النقدي، القيمي والأخلاقي، هو نتيجة مواقف أدونيس الفكرية والسياسية التي ترتقي لكونها عقلية فاشية! وليس عقمه الأدبي فحسب، ما يقف وراء استبعاده المتكرر.
مع حلول تشرين من كل عام يعود الحديث عن جائزة نوبل للآداب، ولكن منذ اندلاع الثورة السورية تتحدث صحف النظام وحلفائه من أمثال"الأخبار"و"السفير"، أن ترشيح شخص مؤيد للنظام بحجم أدونيس لجائزة تكتسب أهميتها من قدمها وهيبتها واعتبارها وارتباطها بجوائز أخرى، حدث تاريخي. وفي المقابل بعد صدور النتائج تعود هذه الصحف نفسها للحديث عن كون الجائزة لم تمنح عربياً سوى لنجيب محفوظ، مبررةً ذلك بدعمه للتطبيع مع اسرائيل، ناكرةً القيمة الفنية والأدبية التي لا غبار عليها لقيمة أعمال نجيب محفوظ.
إذاً ينضم أدونيس إلى نادي المرشحين الدائمين لنوبل أسوةً بالأمريكي فيليب روث، الذين لن يكونوا بالتأكيد من أعظم الكتاب الأحياء.
التعليقات (2)