مصير غامض ينتظر الطلاب السوريين في لبنان

مصير غامض ينتظر الطلاب السوريين في لبنان
سنوات كثيرة ضاعت على طلاب سوريا في ظل الحرب المشتعلة في بلادهم منذ ما يقارب الخمس سنوات. تاهوا فيها بين القصف والقذائف والدماء والنزوح وبين أحرف وكلمات ومعلومات مرت على دفاترهم وأقلامهم وخزنتها عقولهم ثم بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً ، إلا أن طلاب سوريا في لبنان في معركتهم مع الحياة مازالوا مصرين على إتمام تعليمهم ليصطدموا بحاجزجديد وحرب جديدة مع أوراقهم المفقودة ، وقرارات متعارضة بين المفوضية ووزارة التربية اللبنانية والمدارس.

الطلاب الذين لم يحضروا أوراقهم ضائعون

عشرات آلاف العائلات من حمص تركت سوريا واتجهت إلى أقرب نقطة آمنة في البلد المجاور لبنان دون أن يحضروا حتى أوراقاً تثبت شخصيتهم.

يقول "أبو محمد" ، 35 عاماً ، من حمص مقيم في بيروت " أنا وأبنائي دخلنا بطريقة غير شرعية إلى لبنان والسبب أنني لم أتمكن وقتها من إحضار وثيقة ( إخراج قيد) لأبنائي ، مؤخراً قمت بتسوية وضعي لدى الأمن العام اللبناني لكن ماذا عن وضع أبنائي الذين هم بحاجة لإكمال تعليمهم الإبتدائي ولايمتلكون أي وثيقة تثبت شخصيتهم حتى يمتلكوا أوراقاً عن دراستهم في سوريا".

لعبة القرارات ووزارة التربية اللبنانية توضح

حتى الطلاب الذين يمتلكون أوراقاً تثبت مستواهم التعليمي لم يتمكنوا السنة الفائتة من التسجيل في المدارس حتى بداية العام 2015 ، وبدوام مسائي ، بسبب قرار وزير التعليم اللبناني إلياس أبو صعب بأن تسجيل السوريين يأتي بعد تسجيل اللبنانيين في المدارس وفي حال وجود شواغر.

أما في العام الحالي يتخبط السوريون في لبنان مع أبنائهم ، فمفوضية اللاجئين أرسلت إلى جوالاتهم رسالة مفادها بأنه " يمكن للاجئين السوريين تسجيل أبنائهم في 14 من شهر أيلول والتوجه إلى أقرب مدرسة رسمية" ، إلا أن آلاف اللاجئين اشتكوا من أن مدراء المدراس لم يقبلوا بتسجيل الأبناء.

"أم نور" ، 35 عاماً من دمشق مقيمة في بيروت قالت " "ذهبت إلى إحدى المدارس القريبة من مكان سكني حتى أقوم بتسجيل ابني لكن مديرة المدرسة قالت بأنه يجب أن يكون لدى والد أو والدة الطفل إقامة في لبنان على أساس كفالة شخص لبناني ، ثم ذهبت إلى دائرة التربية للاستفسار عن الموضوع حيث نفى لي الموظفون كلام مديرة المدرسة ، فعدت إلى المدرسة لأخبر المديرة ، فما كان منها إلا أن قالت بأنها لا تريد تسجيل السوريين"".

وفي سياق متصل ردت السيدة "سونيا الخوري" ، مديرة وحدة إدارة ومتابعة برنامج التعليم الشامل في وزارة التربية اللبنانية، في حديثها لإذاعة صوت لبنان بالتأكيد على أن " 14 أيلول كان فعلاً موعد تسجيل الطلاب غير اللبنانيين (السوريين منهم) في المدارس اللبنانية في الدوام الصباحي ، والخامس من تشرين الأول موعد تسجيل الطلاب السوريين في الدوام المسائي ". وذلك لتنفي قصص وروايات وقرارات من لا يرغب بتسجيل الطلاب السوريين.

وبخصوص الأوراق المطلوبة قالت سونيا الخوري " غضينا النظر عن الكثير من الأمور كانت مطلوبة في الأحوال العادية ، واكتفينا بأي بطاقة تعريف عن الطالب كهويته أو بطاقة تعريف المفوضية أو بطاقة تعريف من المختار حيث هو موجود ، أي مستند يثبت اسم الشخص نحن نرحب به في المدارس الرسمية ووزير التعليم اللبناني يأخذ بعين الاعتبارأيضاً عدم توفر إقامات نظامية".

شهادات الحكومة المؤقتة غير معترفة في لبنان

"أم رهام" ، وهي سيدة سورية من إدلب مقيمة في الجنوب قالت " ابنتي نجحت في الثانوية العامة في فترة الشهادات التي منحها الائتلاف في إدلب لكننا لم نستفد شيء من هذه الشهادة حيث أنها غير معترف بها أبداً ، فلماذا يتم منح أبنائنا هذه الشهادات إذا لم تكن ذات قيمة؟".

محمد مندو المسؤول في مكتب التربية والتعليم الرسمي في لبنان التابع للحكومة المؤقتة يشير إلى أن " الناجحين في الثانوية العامة أو التاسع لا يستطيعون التسجيل في المدارس الرسمية اللبنانية والجامعات لأنهم بحاجة إلى معادلة شهاداتهم بالإضافة إلى أن الحكومة اللبنانية أساساً غير معترفة بالحكومة المؤقتة وبالتالي هو عقبة أمام استكمال تحصيل الطلاب لتعليمهم" مؤكداً كلام أم رهام بأن " الشهادات غير معترف بها"

ومع ذلك يوضح السيد "مندو" في حديثه لأورينت نت " وجودنا أمر واقع فرضته عدم إمكانية مدارس التعليم الرسمي في لبنان على استيعاب جميع الطلاب السوريين ليتم إنشاء التعليم البديل وفق المنهج السوري أو المنهج اللبناني المعرب".

طريق خاص يتخده اللاجئون

الناشطة الاجتماعية "نسرين الحاج" قالت " اللاجئون السوريون في لبنان متخوفون من أن تعاد تجربة السنة الفائتة حيث الوعود كثيرة لكن الأفعال كانت بأن تم تأخير تسجيل السوريين في المدارس أشهراً ، فيما عائلات سورية كثيرة باتت تدرك خطر إبقاء الأبناء من دون تعليم، متعلقين بدوامات غير مفهومة لوزارة التربية اللبنانية والمدارس ومفوضية الأمم المتحدة، وبالتالي بدؤوا يسعون لتسجيل أبنائهم في مدارس خاصة حيث ظروف التعليم أفضل".

يبقى ضياع الطلاب الجامعيين أيضاً بين زحمة الأوراق التي يحتاجونها والمنح المقدمة غير المفهومة، قضية تحتاج إلى فك شيفرات كلام مسؤولين على مستوى العالم بأن " جيلاً سورياً ضائعاً سيكون، إذا لم يستمر السوريون في تعليمهم" في حين أن العالم يساهم أيضاً في ضياع هذا الجيل.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات