إما "إرهابي" أو "إرهابي" !!
أنت لاجئ سوري في عرسال إذا أنت إرهابي. لا فارق بين طفل، شاب، طبيب، مُسعف. حتى الوليد "بحاضنة" المشفى ،هو مشروع إرهابي. لذا لا مفر من محاصرة الجميع، وقتلهم. بحسب الدكتور الزين!.
محاولة الخروج، تعني اعتقالاً مؤكداً، ولا حُرمة لسيارات إسعاف الصليب الأحمر اللبناني، تمنع الاعتقال. وهو ما حدث فعلاً مع 18 جريحاً، لا تزال مصائرهم مجهولة، أحدهم توفي "مهند القاضي"، في حين تحتفظ المشفى بأضابير بقية المُعتقلين.
عرسال هذه، إما أن تُغادرها لتُعتقل، أو تبقى فيها لتموت معزولاً عربياً دولياً إنسانياً أخلاقياً. بينما تتجاهل وجودك حكومة لبنان "ضيفاً و شقيقاً " بحسب ذمتها. أو "لاجئاَ"، على ذمة المجتمع الدولي. الذي لم يُكلف خاطره عناء القدوم لتسجيل "لاجئين"، لا يستطيون الوصول إلى لجانه ومكاتبه خارج عرسال، بسبب حصار يستحيل اختراقه.
المقتلة الصامتة!!
حصار مُحكم، يُعزز طريقة مُثلى للقتل الصامت. تتولاه أمراض غير قابلة للشفاء، ليس بسبب خطورتها، إنما لندرة أدويتها رغم توفرها خارج عرسال. إضافة إلى انقطاع تام للدعم المادي والطبي اللازم، منذ نحو عام. إثر توقف "الدعم" من مؤسسة "عيد" الخيرية،. وتفاقم العوامل المُسببة للأمراض ذاتها، من سوء تغذية، غياب شبكات المياه، والصرف الصحي.
لا يستطيع كادر الهيئة الطبية "الموشوم" بتهمة "الإرهاب"، تخطي الحواجز ، سعياً لتأمين ما يحتاجه المشفى، أو لمتابعة معاملات، أو للاجتماع بالجمعيات الإغائية والخيرية. كما تصطدم الهيئة، بحائط عدم اعتراف الحكومة اللبنانية بوجودها من أصله. ما يجعل الحصول على المساعدات والمعدات الطبية أمراً مُعقداً. في حين يُسجل استلام الحولات المالية داخل عرسال بخانة المُستحيل.
المُفارقة، أن "الهيئة"، تُقدم خدماتها إلى حوالي 30 ألف مواطن لبناني، يسكنون المنطقة، إضافة إلى اللاجئين السوريين. دون أن يمنحها ذلك "صفة ما" أو شهادة حسن سلوك، من لبنان "الرسمي"، تؤهلها للحصول على تسهيلات، لا يتجاوز سقفها، التكفل بعلاج مرضى الكلى، والسرطانات.
ضحايا أطفال .. والهيئة (تستغيث وتتسول)!!
100 ألف شخص، "تتسول" الهيئة فعلاً، لتخديمهم بالحد الأدني طبياُ، وفق توصيف الدكتور قاسم الزين. ومن أصل 50 طبيباً لمُعالجة هؤلاء، كانوا متواجدين قبل عام، بقي 20 طبيباَ. ليسوا وائقين من تقاضي رواتبهم الشهرية، لتأمين لقمة عيشهم. هذا، إن لم يتنازلوا عن جزءٍ منها، للمساهمة، في سد عجز أحد الأقسام، مثلما حصل مؤخراً. إذ اضطر موظفو الهيئة، للتنازل عن نسبة ( 20 - 30% ) من راوتبهم، للمساعدة في تغطية تكاليف، قسم غسيل الكلية، حيث لا يمكن تأجيل خدمة مريض الكلى، أو توقيفها. في حين بلغ "الكسر المالي" حدود 10000 دولار، خلال الشهر الماضي.
في ذات الشهر، أودت "محدودية" الأجهزة الطبية بحياة طفلين وليدين، لعدم كفاية "الحواض" البالغ عددها 3 فقط، ولعدم قدرة الأهل، على تحمل تكلفة الحاضنة في المشافي الخاصة "200" دولار بالليلة. عدا أن نسبة رفض تلك المشافي، لإحالة مختلف الحالات الطبية إليها، أعلى بكثير من نسبة القبول. رغم تكفل الأمم المتحدة بتسديد 70% من الفاتورة. لكن لاجئ عرسال "الإرهابي"،لا يعجز عن تسديد حتى 30%، المُتبقة من فاتورته فقط. بل، وعن تأمين ثمن حليب لطفله الرضيع "مشروع الإرهابي" بنظر اللبنان الرسمي، المُنفذ لمشيئة حزب الله. ذلك أن الهيئة الطبية في عرسال، اضطرت تحت ضغط الحصار والعوز، إلى تحديد مخصاصاتها، بعلبة حليب واحدة من أصل أربع علب، يحتاجها الطفل شهرياً. كذلك للاستعانة بمخدر الكبار لحقن الأطفال عند الضرورة، في ظل اقتصار المُضادات الحيوية، على ثلاثة أنواع متوفرة. بينما يصعب الحديث عن علاج مجدٍ، لمرضى السكري، بسبب انصياع المريض إلى تناول ما يُوزع عليه من طعام "لضيق الحال". عدا الظهور المُقلق لمرض "الصرع"، وتجاوز عدد المصابين بالتهاب الكبد العام "الألف" إصابة، وهو رقم لم يصدقه، أحد وزراء "صحة" الحكومة المؤقتة.
جمعيات الإغاثة تشطب لاجئي عرسال من الحياة!!
فوق ذاك،. ثمة تجاهل تام، لوجود لاجئي عرسال. وكأن قرار "اتُخذ" بشطبهم من "الجغرافيا، والتاريخ، والحياة"، على حد تعبير الطبيب قاسم الزين.
هذه المقتلة الصامتة، لا تعني، ولا تُثير قلق، مؤسسات العمل الإغائي الخيري، على ما يبدو. بدليل أن أهمها (سانز و سيما)، تجاهلتا تماماً عشرات المراسلات، التي أرسلتها "الهيئة" طلباً للدعم. باسئناء 10 آلاف دولار، قدمتها (سيما)، إضافة إلى جهاز لتحليل الدم. و ما يُغيظ، حقاً، أن تتذرع غالبية جمعيات الإغاثة، بأولوية توجيه "دعمها" المُفترض إلى الداخل، فيما لا يزال الدكتور قاسم الزين "عاجز"، بشأن تحديد تواجد لاجئ عرسال الجغرافي (في سوريا المحروم منها أم في لبنان الممنوع عليه؟!).
نكتة "الوزير" القاتلة!!
حقيقة، يبقى "غيظ" الجمعيات أهون من "استهتار " الائتلاف الوطني. الذي تكرم "لمرة يتيمة"، منذ حوالي عامين، بتقديم آلاف الدولارات ثمناً لأدوية. بل يصف مدير الهيئة الطبية في عرسال ،العلاقة مع وزارة الصحة بالحكومة المؤقتة "بالكارثية". حيث تم الاتفاق معها، بعد معونة الأدوية، على الالتزام بتقديم 14 ألف دولار شهرياً، لتأمين الدواء. بيد أن الوزارة، لم تلتزم ولا مرة بتنفيذ التزامها. كما لم تكترث بالرد، على تقارير "الهيئة" اليومية والإسبوعية، الموجهة للوزير.
وبسخرية، يُعبر الدكتور الزين، عن المستوى المؤسف، للعلاقة مع "الوزارة". حين يبدي امتناناً "لوزير الصحة" السابق، لمجرد أنه كان يُحيل شكاوى الهيئة إلى "الله" بعبارات تعاطف. بينما أجاب السيد وزير صحة (المؤقتة) الحالي، على إعلامه بأن (الهيئة الطبية في أزمة وعلى وشك إغلاق المشفى) بنكتة مُبتكرة، قائلاً ( ونحنا مفلسين ورح نسكر كمان)، وكان السيد الوزير صادق تماماً، بإشهار "إفلاسهم".
الفتنة أشد من القتل!!
ليست نكتة الوزير وحدها المُثيرة بالموضوع. إذ تتفوق عليها بالإثارة، الفوضى المالية، أو النصب العلني. اللذان يعصفان بحكومة صحة "ثورية". وتلخصهما واقعة (قيام هيئة عرسال بتوقيع وصل استلام المعونة الشهرية، بمبلغ 14 ألف دولار، طلبته وزارة الصحة مُسبقاً. لكن المبلغ لم يُحول فعلياً، فيما ردت "الوزارة" بالتجاهل الكامل لمُطالبات الهيئة المُتكررة، بتسوية الموضوع مالياً).
الواقع أن مأساة لاجئي عرسال، بلغت حداً، عجزت فيه نسبة كبيرة منهم، عن تأمين رسم رمزي"طبابة ودواء"، مقداره 1000 ليرة لبنانية، أي 75 سنتاً أمريكياً، يدفعها المريض لصالح الهيئة الطبية.
التعليقات (6)