"صور جواز سفر" ..مأساة السوريين في معرض بباريس

تصدّر معرض"صور جواز سفر" للفنان السوري ربيع كيوان، برنامج قاعة"غاليري لاب 44"الباريسية، وتكمن أهميته أنّه أول معرض بهذا التجريب، وهو لفنان سوري شاب لم يتجاوز الثلاثين من العمر، يشمل لوحات بورتريه على التقاليد السورية، المرسومة بريشة كيوان، حيث يعبر كيوان عن ذوات أصدقائه، تشكيلياً، وقد جمعت أفكار اللوحات من صور جوازات سفر أصدقائه ووثائقهم الشخصية، والذين يقطنون الآن في أماكن مختلفة من الشتات السوري.

صورة مكثفة

غالبية اللوحات لشخصيات غير شهيرة ولا يعرف الجمهور شيئاً عنها، فإن أهمية هذا المعرض في تقديمه لوحات تشكيلية رسمها فنان شاب، لم تسنح الفرصة له من قبل لتقديم أعماله في هذه الصورة المكثفة في فن البورتريه الشخصي تحديداً. يزداد يوماً بعد يوم تأثير الصورة في اللوحة، ولكن بقيت لوحة كيوان مخلصة للخط واللون والشكل، وبقيت تقنيات الصورة رغم كل المقدرات التي وفرها عصر ما بعد الحداثة، تحتل مقاماً لا يرتقي لمقام البورتريه، ولم يبقَ كيوان مخلصاً كلياً لأصول البورتريه الشخصي، ربما ينتمي البورتريه لما يمكن تسميته"فن البورتريه في الواقع السوري".

تزامن المعرض الباريسي مع حالة الهجرة السورية نحو أوربا، لذلك كانت اللوحات تمثيل وتشخيص الواقع والتعبير عنه، وتحاول اللوحات المحافظة على تقاليد الألم السوري المستمرة منذ خمس سنوات. يمثل المعرض إذاً الخط التشخيصي لقضية اللجوء السوري، ويختار كيوان إعادة إحياء فن البورتريه في زمن ينهار فيه أمام الصورة، متعقباً التاريخ الشخصي لمجموعة من الوجوه الحميمية بالنسبة له، ويمكن ملاحظة سيطرة الاتجاهات النقدية على مشروع كيوان حيث يشتغل على تقنيات مختلطة ويستعمل الفيديو لتوضيح ما يود الإفصاح عنه بعيداً عن المباشرة في اللوحة.

مركز اللوحة

الفنان السوري ربيع كيوان من مواليد محافظة السويداء سنة١٩٨٤، حبه للفن وولعه به، قاده للتخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق سنة٢٠٠٨، حيث شارك بالعديد من المعارض الجماعية حينها، وعاش شيئاً من الانفتاح على الفن التشكيلي عاشته دمشق، حيث شهدت تلك المرحلة افتتاح عدد من صالات العرض لم يكتب لكثير منها البقاء على قيد العمل. في بيروت التي قصدها باكراً سنة٢٠١١، أنجز معرضه الشخصي الأول"إيقاع" في معرض"غاليري مارك هاشم"سنة٢٠١٢.

يفند كيوان الأسئلة المكرورة والجاهزة بما يخص مشروعه التشكيلي، وفي تصريحات أدلى بها لصحيفة"أورينت نت"يقول:"ما قدم في معرضي الأخير هو الاشتغال على الصورة الشخصية الموجودة على جوازات السفر والوثائق الرسمية المختلفة، وإن كان الغالب بقصد أو دون قصد من الجمهور، اعتبارها بالغالب شكل من أشكال البورتريه"ويبدو التفوق التقني ليس الوحيد الشاهد على الانسجام في المعرض، وإنما تطور المفاهيم، أيضاً.

لا يعتبر كيوان المعرض دعوة جديدة لاحتلال الإنسان مركز الصورة واللوحة، ويعتبر أنّ الجوانب التشخيصية في مشروعه تأتي"في سياق تشخيص الراهن السوري دائم الترحال والتنقل".