حزب الله يخير اللبنانيين بين التعطيل والتفجير

حزب الله يخير اللبنانيين بين التعطيل والتفجير
حزب الله وجد في الشارع الغاضب ضالته، فحرص على سرقة عناوينه وجره إلى مجال يصبح فيه جزءا من حربه على تيار المستقبل، وعلى المكون السني.

غاب وزراء حزب الله والتيار العوني عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اللبناني على خلفية مطالبتهم بأن تكون كل القرارات التي تتخذها الحكومة خاضعة للإجماع.

كانت جماعة “طلعت ريحتكم” قد دعت إلى تظاهرة كبيرة يوم السبت تحت عناوين مطلبية، وأعلنت أن مشاركة السياسيين والقوى الحزبية غير مرحّب بها. الجنرال ميشال عون عبّر، مؤخرا، عن دعمه للحراك وعن رغبته في المشاركة فيه، وحزب الله أعلن أنه سيتبع الجنرال في مواقفه.

اللعبة تتم حاليا إذن على محورين؛ محور التعطيل ومحور التفجير. لا يبدو أن الأمور يمكنها أن تقف عند حدود التعطيل دون أن تصل إلى حدود التفجير، بل يُظهر مسار الحوادث أن التفجير قد يكون مطلبا إيرانيا في هذه الفترة، خاصة في لبنان الذي يمثل المجال الأكثر طواعية للاستثمار في التفجير.

رغبة إيران في التفجير يمكن ردها إلى عدة أسباب أهمها أن مفاعيل الاتفاق النووي يرجح أن تستثمر في الداخل الإيراني بارتفاع في أسهم التيارات المناهضة للحرس الثوري والولي الفقيه، كما تشهد الفترة الحالية بداية خروج العراق من تحت العباءة الإيرانية، والانتهاء الوشيك للأزمة اليمنية، وبروز مؤشرات توافق دولي حول إيجاد حلول للأزمة السورية بشكل يضع بشار الأسد خارج المعادلة.

كل هذه العوامل تدفع إيران إلى إعادة تفعيل لعبتها المعهودة وهي الاستثمار في التفجير، ثم التفاوض على الحلول، وقبض ثمنها سياسيا واقتصاديا. لا تملك إيران حاليا قدرات تمكنها من توسيع دائرة اللعبة بحيث تشمل عدة بلدان في الوقت نفسه، لأن وضعها الاقتصادي لا يسمح لها بذلك، لذا يبدو لبنان هو الساحة الأكثر ملاءمة لتشكيل مسرح للعبة التفجير الإيرانية بالكلفة الأقل.

وجد حزب الله في الشارع الغاضب ضالته فحرص على سرقة عناوينه وجره إلى مجال يصبح فيه جزءا من حربه على تيار المستقبل، وعلى المكون السني. ليس إعلانه عن المشاركة مع عون في تظاهرة السبت، التي انتقلت من ساحة رياض الصلح إلى ساحة الشهداء، سوى محاولة للدفع باتجاه أزمة من شأنها وضع تيار المستقبل في وضع حرج. الاصطدام المتوقع مع قوى الأمن وردة الفعل عليه والتي لن تكون سوى قمع عنيف للمتظاهرين، يسحب من رصيد تيار المستقبل قدرا كبيرا من التعاطف والشرعية، لأن وزير الداخلية نهاد المشنوق محسوب عليه. هكذا ينزل حزب الله إلى الشارع ليصطدم مع القوى الأمنية، ويتم تظهير المشهد وكأن تيار المستقبل يقمع التحركات الشعبية والتظاهرات المطلبية.

منطق تيار المستقبل الذي قضى بترحيل النفايات إلى منطقة عكار ساهم في تعميق أزمته. محاولة إقناع أهل المنطقة بقبول هذا المشروع من خلال تخصيص مبلغ 100 مليون دولار لتنفيذ مشاريع إنمائية في عكار اعتبر بمثابة رشوة، واستدعى رفضا من أهل المنطقة، وتسبب بظهور تحركات شعبية رافضة لتحويل عكار إلى مكب.

هكذا عادت المشكلة لتصب في الساحة السنية وعند تيار المستقبل الذي بات يعاني مشكلة مع جمهوره من ناحية، ومن نسبة قمع التظاهرات إليه من ناحية أخرى، ما يؤذن بإمكانية فقده القدرة على ضبط الشارع السني، سواء أكان ذلك الشارع هو الشارع العكاري الذي انتفض محتجا على منطق تعاطي التيار معه، أم ذلك الشارع الذي يحس أن تيار المستقبل غير قادر على حمايته من تغوّل حزب الله، ولا على منعه من توجيه إهانات يومية إليه ولرموزه.

المشكلة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. حزب الله نجح في نقل المعركة إلى الساحة الأخرى، ووضع تيار المستقبل في حالة مواجهة مزدوجة مع جمهوره ومع التحركات المطلبية، ما ينذر بخروج الأمور عن السيطرة وعن السيناريو الذي يحرص على تفجير أزمات لا تصل إلى حدود اندلاع حرب أهلية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات