هل قصد أنطون سعادة أهل الزبداني بيهود الداخل أيضاً؟

يبدو أن انحدار الحياة السياسية والحزبية في سوريا سيبقى على قَدمٍ وساق، لطالما أن الأحزاب السياسية العريقة كالشيوعي والقومي والناصري قد آثروا الدفاع عن الديكتاتورية أينما حلت، باسم الشعارات الزائفة والمائعة التي تحملها السلطات الديكتاتورية لجلو عارها ودمها.

قدم الحزب القومي السوري الاجتماعي الذي يعد من أكبر أحزاب سوريا والتي تتجاوز قدراته حزب البعث الحاكم في سوريا على مستوى التنظيم والإدارة، بسبب دعم آل مخلوف للحزب . يقدم أحد أكبر النماذج العنفية اتجاه الشعب السوري الذي يدعي الحزب حماية ووحدة أراضيه، وهذا بالتزامن مع ما قام به النظام أثناء تشكيل كتائب الدفاع الوطني ومرتزقته.

حمل الحزب الاجتماعي القومي السلاح منذ عام 2013 وبشكل علني وبالتنسيق مع الأمن العسكري وفروعه بالمحافظات، ويؤكد في الساحل إرسال الحزب القومي شبابه لضرب المتظاهرين في شوارع المدينة منذ عام 2011. وإصدارات الحزب الإعلامية تُشكل أكبر دعم للنظام ولحربه التي افتتحها على الشعب السوري. تفاعل القومي السوري مع الأزمة، حتى اعتنق الارتزاق مع النظام بشكل كُلي، وفتح عياراته النارية الممنوحة من النظام السوري ومن دولة إيران بالتخصص، فحزب الله الأمن العسكري السوري هو المزود بالسلاح للحزب القومي، وفتح الحزب القومي النار على المقاومين السوريين، وتبنى شعار (قِتال يهود الداخل) أي كُل من حمل سلاحاً ضد النظام السوري، الذي بشكلٍ أو بآخر عاون هذا الحزب ليتشكل وليُضخم أعداده، ويُشكل ذراعاً عسكرياً كان يستعدُ لقتال إسرائيل على حد تعبير الحزب لسنين، رغم أن حزب الله اللبناني يمنعه في لبنان من وضع خيمة على الحدود، ويمنع النظام السوري الحزب القومي من الاقتراب من الجولان أيضاً، وتبقى مُحاربة إسرائيل (اليهود بالأحرى ككيان) حُلماً ووهماً على أوراق الحزب وكراساته.

في مدينة اللاذقية معقل الحزب الأكبر حيث تتضخم أعداد موالي الحزب، لانحسار نشاطه على الساحل، والمناطق التي يتواجد العلويون والمسيحيون بكثرة في عموم سوريا . تُعلق لافتة وسط مدينة اللاذقية لصورة ضحية من الحزب القومي قضى نحبه في القتال مع النظام السوري ومليشياته التابعة له في منطقة الزبداني، المدينة التي يدافع عنها أهلها منذ سنين، ضد مليشيات النظام التي اجتاحت المدينة منذ أيام الاحتجاجات السلمية عام 2011، ونفذت فيها أولى عمليات التصفية المدنية والعسكرية للمدنيين، ووضعت الدبابات على أطرافها. الحوب القومي كتب على لافتة الضحية الذي يرتقي إلى مستوى شبيح لأنه يقتل أبناء المدينة وشبابها، " لقد استشهد في منطقة الزبداني أثناء قتاله ليهود الداخل" ، أي أن أهالي الزبداني هم أعداء الحزب القومي، وأعداء الأمة السورية. وعلى نفس منوال حزب الله الإرهابي يستخدم الحزب القومي منهجية تحرير فلسطين بقتل أبرياء سوريا، وأهلها الشرفاء المقاومين الذين يدافعون عن أرضهم ضد الاحتلال الإيراني. واستخدام مصطلح الاحتلال الإيراني مُجدي ومنطقي، لطالما تقوم إيران بمفاوضة أهالي الزبداني، وممثليهم الشعبيين.

استفزاز الحزب القومي للشارع كان واضحاً، حتى طريقة التعزية أمام مقر الحزب في منطقة الثامن من آذار وسط المدينة كان فجة، وتستعير مراسم التعزية التي تُطبق على الشبيحة، فتم جمع كُل مقاتلي الحزب القومي بأسلحتهم وسياراتهم، وانتشروا حول مقر الحزب بمظهر تشبيحي مخيف للمدنيين، وتم قطع الطرقات تأميناً لزيارة رؤساء الأفرع الأمنية، وضباط رفيعي المستوى من الجيش.

أهالي الزبداني يهود الداخل، وأبناء سوريا في الحزب القومي مُلزمين بقتلهم، حرب الإبادة باتت تتبناها أحزاب قوية دعمها النظام ومال مخلوف. الأكثر خطراً مقدرة الحزب على تجييش الشباب البسطاء من المجذوبين لشعارات الحزب وأفكاره وإرسالهم للحرب إرضاءً لآل مخلوف والأسد، تحت شعار تحرير فلسطين، فأدبيات الحزب تبنت هذا الشعار، وتروجه وتطبقه لكن باسم يهود الداخل. ولم يخفي قادة الحزب في اللاذقية فرحهم الكبير بموت الضحية (ثائر أحمد بلة) وجلسوا مع كبار القادة الأمنيين في المقاهي القريبة من مقر الحزب لاستقبال ضيوفهم من القتلة والشبيحة ، وأقاموا مراسم الضيافة على أكمل وجه، فهم بذلك قد قدموا لآل الأسد خدمة كبيرة ، وينتظرون بلا شك جائزة ترضية منه. ليس البعث ولا الإيرانيين ولا الشيعة ه من يرى في أبناء الزبداني يهوداً وإسرائيليين بل أكبر حزب في سوريا يتبنى أيضاً هذا الطرح ويعممه.

الزبداني بانتظار الرحمة من الله فقط، هذا ما كتبه أبنائها في بيانهم الأخير ضد الطرح الإيراني. تفضيلهم الموت على الركوع لعدو خارجي هو شرفهم الكبير وهو كافٍ ليكونوا أصل الداخل لا يهوده.