من قصف الأفران إلى استهداف أكبر: أسواق شعبية سورية المغمسة بالدم!

من قصف الأفران إلى استهداف أكبر: أسواق شعبية سورية المغمسة بالدم!
في بلد لم تعد اللقمة وحدها مغمسة بالدم بل صارت الأسواق بأكملها مغمسة بالدم, قبل أن يخرج بائع البطيخ من بيته صباحاً يمازح زوجته المزحة الشهيرة, "حظي في كل شيء أسود إلا في البطيخ أبيض" دون أن يعلم أن حظ السوري بات أحمراً في كل شيء حتى في البطيخ, أحمرٌ بلون الدم.

يمد البائعون "بسطاتهم" على أرض السوق, هناك خضراوات بكل أنواعها وفاكهة, لكن السلعة الأهم والأكثر طلباً ليست موجودةً بعد على أرض السوق, السلعة التي يطلبها العالم أجمع غير موجودة..ما هي إلا ساعات وتستجيب القيادة العليا لافتقار السوق لتلك السلعة, فترسل طائرة حربية بسرعة البرق إلى موقع السوق فتقذف عملتها المجنونة الصاروخية لتضخ تلك السلعة بكميات كبيرة في السوق..

سياسة مممنهجة!

تقرير نشرته (اللجنة السورية لحقوق الإنسان) أوضح أن: "استهداف الأسواق سياسةً ممنهجةً من طرف النظام السوري"، سياسة يرى الكثير من السوريين أن سببها "انتقامي" وهدفه تحقيق أكبر قدر من القتل العشوائي في صفوف المدنيين. السنوات الخمسة المنصرمة من عمر الثورة شهدت، كما يقول تقرير اللجنة: "عدداً كبيراً من المجازر التي حصلت في استهداف للأسواق. وأبرز هذه المجازر حتى نهاية عام 2014 جاءت على النحو التالي:

في 21/8/2012 قُتل 20 شخصاً في استهداف لمخبز في حي أقيول في مدينة حلب بالبراميل المتفجرة.

في 9/11/2012 قُتل 18 شخصاً في استهداف لسوق شعبي في مدينة القورية في محافظة دير الزور.

في 23/12/2012 قُتل حوالي 300 شخص في استهداف لمخبز في بلدة حلفايا في ريف حماة، أثناء تجمّع المواطنين لشراء الخبز، لتكون هذه المجزرة واحدة من أكبر مجازر استهداف الأسواق منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 وحتى الآن.

في 2/1/2013 قُتل 80 شخصاً في استهداف لمحطة وقود في مدينة المليحة في ريف دمشق أثناء تجمّع المواطنين للحصول على الوقود منها.

في 2/1/2013 قُتل 20 شخصاً في قصف جوي لمخبز في مدينة المعضمية في ريف دمشق.

في 27/11/2013 قُتل 40 شخصاً بعد سقوط صاروخ سكود على سوق الهال في مدينة الرقة.

في 16/6/2014 قُتل 30 شخصاً على الأقل عندما سقط برميل متفجر على سوق شعبي في حي السكري في حلب.

في 6/9/2014 قُتل حوالي 50 شخصاً في استهداف لفرن في شارع تل أبيض في مدينة الرقة بالبراميل المتفجرة.

في 18/9/2014 قتل أكثر من 50 شخصاً، وجُرح ثمانون على الأقل، في سقوط لحاوية متفجّرة على تجمع شعبي أمام مخبز في مدينة الباب في ريف حلب.

2015 مخصص لاستهداف الأسواق!

ويُلاحظ تقرير (اللجنة السورية لحقوق الإنسان) أن معظم الهجمات التي استهدفت الأسواق قبل عام 2015 كانت موجّهة نحو الأفران بشكل خاص، حيث مثّلت هذه الهجمات أكثر من نصف الهجمات التي تستهدف الأسواق. في حين شهد عام 2015 تصاعداً كبيراً في عمليات استهداف الأسواق بصورة غير مسبوقة، حيث وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان (47) هجوماً على الأسواق.

وكان من بين هذه الأعمال واحداً من مسؤولية إحدى كتائب المعارضة المسلحة، عندما سقطت قذيفة هاون على سوق التلل في مدينة حلب، وأدى لجرح عدد من الأشخاص. فيما نتح استهداف آخر عن سقوط طائرة حربية على سوق شعبي في مدينة أريحا في 3/8/2015. وقد شهد شهر أيار/مايو الماضي أعلى هذه الهجمات، حيث سجّلت اللجنة (11) استهدافاً للأسواق في ذلك الشهر، وتلاه كلاً من كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير وحزيران/يونيو بواقع (7) أعمال استهداف للأسواق في كل منها، فيما تمّ تسجيل (6) أعمال استهداف للأسواق في الفترة من 1-12 آب-أغسطس الجاري.

وكان نصيب محافظة حلب وريفها هو الأكبر من هجمات الأسواق خلال هذا العام، حيث شهدت (17) استهدافاً، مقابل 12 استهدافاً في محافظة إدلب، وعشرة أعمال استهداف في ريف دمشق.

كان نصيب محافظة حلب وريفها هو الأكبر من هجمات الأسواق خلال هذا العام، حيث شهدت (17) استهدافاً

دوما أخيراً...!

نعم, الدم السوري هو السلعة الأكثر طلباً في السوق العالمية... يقول سوريون ساخرون بمرارة: "سلعة محلية ووطنية بماركة مسجلة وغير قابلة للتزوير وكان اقتصاد النظام ناجحاً سوى في ضخها" عذراً ليست أسواق الأسهم فالأسهم باتت وسيلة قديمة جداً ولم تعد قابلة للاستعمال اليوم, إنها أسواق الصواريخ العالمية أو ربما أسواق القنابل النووية العالمية.

تلك هي حال أسواقنا في المناطق المحررة, حالٌ ليست وليدة اليوم فقد بدأها النظام بقصف الأفران خلال السنوات الماضية ولم تسلم الأسواق من قصفه سابقاً حيث شهدت مدن ريف حلب الغربي مجازر عديدة في أسواقها وكذلك مدن ريف إدلب, ولكنها خلال الفترة الماضية أصبحت ممنهجة أكثر من أي وقت مضى بدأها النظام بقصف سوق المحروقات في المعارة ثم تلاها قصف سوق المواشي في سنجار وبعدها سوق الخضار في إدلب وفي اليوم التالي أسواق الغوطة في ريف دمشق, ثم ارتكب واحدة من أشنع الجرائم بحق الإنسانية بقصفه سوق دوما التي راح ضحيتها 135 شهيد في مجزرة يندى لها الجبين.

رمزية "السلعة" في أسواق الموت الجماعي!

يكاد لا يخلو يوم إلا وتخرج تحذيرات من قبل المراصد بأن تفض التجمعات في الأسواق لورود معلومات تفيد بأن النظام سيقصف الأسواق، ومع ذلك تجد الأسواق مليئة بالناس الذين لم يعد يعنيهم أن يموتوا في منزلهم أم يموتوا في السوق, بل ربما لم تعد تعنيهم الحياة التي أصبحت استثناءاً في زحمة الموت. ناشطون علقوا أن استهداف الأماكن المزدحمة بالحياة هو أكثر ما يطمح النظام لمنحه للسوريين في موتهم الجماعي"!

ستبقى مشاهد انتشار الدم في الأسواق الأكثر تعبيراً ورمزية عن تحويل النظام دماء السوريين لسلعة يتاجر بها في الأسواق, بينما الصورة الأكثر رمزية فهي لقطعة الثلج التي انقلبت على الأرض في مجزرة سوق إدلب وسالت الدماء قربها..

تلك الصورة ترمز إلى الحقيقة الأخرى بأن فاتورة الدماء التي يسجلها الشعب السوري ليست بذات قيمة لدى دول العالم "المتحضرة" التي مازالت تسجل دماء السوريين على "لوح الجليد" ذكرى للتاريخ.. ولكنه "تاريخ الصمت العالمي الفاضح" كما يقول أبناء وأشقاء الضحايا اليوم.

التعليقات (3)

    Majed

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    موضوع قصف الأفران حصراً .. يؤكد الفكرة اليهودية بنظام النفاق ( جوع كلبك يتبعك ) .. قانون يهودي معروف هذا يعتبر من باب الحرب النفسية .. ويعتبر من باب الترويب .. حتى يصل الشعب إلى مرحلة يقول فيها الشعب ( خلاص استسلمت ) وافقت على أن يكون سيدي الجحش رئيس وهاتوا ليوس إيد الكلب .. شو رأيك بهذا القانون اليهودي الممزوج بين التجويع والترويب ..

    hasson

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    من اجل تهجير السورين خارج سوريا

    اا

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    فعلا جوع بشار يتبعك
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات