من محاولات التوحيد إلى سحب البساط!
كثيرة هي المحاولات التي هدفت إلى توحيد صف كتائب وألوية الجيش الحر في كيانات، تستطيع توجيه وتنظيم عملها المسلح ورفده بأساب النجاح من دعم مادي وعسكري في مواجهة جيش مدرب ومسلح تسليحا ثقيلا تدعمه أفرع امنية وميليشيات مسلحة منظمة تنظيما جيدا وتخضع لأوامر وتوجيهات قيادة واحدة.
لعلها كثرة الجهات المتنفذة التي عملت على استقطاب كتائب الجيش الحر في مجالس عسكرية موجهه من الخارج هو ما أفشل العمل العفوي الذي كانت تقوم به هذه الفصائل التي حققت الكثير من النجاح رغم قلة العدد والعدة, فكانت الولاءات والدعم المشروط المقدم بالقطارة وبطريقة تضمن ولاء هذه المجالس وبالتالي الكتائب المنضوية تحت رايتها.
الفصائل ذات التوجه الإسلامي الجهادي دخلت على الخط ممثلة في (جبهة النصرة) و(أحرار الشام) ولاحقا (تنظيم الدولة الإسلامية) الذي يقاتل ضد الجميع ولا ينتمي للثورة. كانت تلك فصائل منظمة ذات إمكانيات مادية وعسكرية كبيرة، ومسلحه بعقيدة قتالية صلبة كان لها الأثر الكبير على الساحة حيث نجحت في سحب البساط من تحت فصائل الجيش الحر التي لم تكن تتمتع بنفس مستوى القيادة والتنظيم والإمكانيات والعقيدة القتالية ولا حتى التدريب.
لقد وجد الكثير من عناصر الجيش الحر غايتهم في الفصائل الجهادية التي لستقطبت المئات بل والآلاف منهم وهو ما أسهم في تشرذم بعض الفصائل الكبيرة وإختفاء أخرى لم تجد الدعم الذي يمكنها من الإستمرار, فكثيرة هي التحديات التي واجهت مقاتلي الجيش الحر الذي لم يكن يملك ترف خيار القتال ضمن فصيل بعينه وهو ما وضعه امام خيارين لا ثالث لهما الأول القبول بما هو موجود أو الإعتزال والهجرة وهو ما حدث بالفعل, ويمكن لنا هنا أن نذكر أن توقف معركة الساحل قد ادى إلى خروج أكثر من الف مقاتل من المنطقة الساحلية إلى تركيا.
النظام أجبرنا على حمل السلاح!
(أبو زياد) هو أحد اقدم مقاتلي الجيش الحر على جبهة القلمون والذي حمل السلاح في وجه نظام الأسد منذ اليوم الأول لأنطلاق الجيش الحر حيث بدأ مسيرته الثورية متظاهرا سلميا يهتف لحرية وكرامة سورية والسوريين الى أن اضطر لحمل السلاح دفاعا عن حياته وماله وعرضه, أبو زياد هذا الرجل الخمسيني الذي تنظر إليه فتجد في قسمات وجهه إنعكاسا لواقع سورية والسوريين.
يقول أبو زياد بحرقة: "خرجنا باغصان الزيتون, لم يكن هدفنا القتال وإنما الإصلاح، لكن النظام المجرم أجبرنا على حمل السلاح دفاعا عن أنفسنا وأهلنا، حيث كان عناصر المخابرات والجيش واللجان الشعبية والشبيحة يسوموننا سوء العذاب, ونحن عندما إستخدمنا السلاح استخدمناه من أجل السلام لا من اجل القتل, أستخدمناه لأن العصابة الاسدية كانت تنكل بنا, لقد ذبحوا والدي الرجل التسعيني وأخي الدكتور وأخي المخرج الذين لم يكونو قد حملو بايديهم اثقل من قلم الدراسة, حملنا السلاح ودافعنا عن انفسنا إلى أن أخرجونا من حمص, والان لازلنا نقاتل وهدفنا العودة إلى مدينتنا والعيش بسلام وامان.
رفضنا هذه العروض!
يتابع هذا الحر الخمسيني حديثه لـ(أورينت نت) متحدثاً عن محاولات حماية استقلالية فصائل الجيش الحر ومشروعها المدني:
"نحن بضع عشرات من الشباب والرجال والكهول لدينا جميع المستويات التعليمية من حملة الشهادات العليا الى صغار الكسبة, قاتلنا في باباعمرو ثم القصير ونجحنا في تحرير مطار الضبعة وإستطعنا قتل الكثير من عناصر العصابة الاسدية وحزب الشيطان وخاصة في القصير وهانحن ذا نكمل مسيرتنا في القلمون وبحدود ما تسمح به إمكانياتنا المتواضعة, فنحن لا نتلقى إلا القليل من الدعم الفردي من سوريين يعرفوننا، ونتدبر أمورنا من مالنا الخاص وما نغنمه من عدونا، وسابقا كنا نحصل على بعض الدعم من غرف العمليات التي قاتلنا ضمنها.
لقد قاتلنا وخضنا العديد من المعارك في القلمون إلى جانب (النصرة) وحافظنا على استقلاليتنا، فنحن جيش حر هدفه إقامة دولة مستقلة يتمتع فيها المواطن بالحرية والكرامة والعدالة، ولم ننخرط في أي فصائل تحمل توجهات دينية او حزبية, رغم أنه قد عرض علينا الانضمام إلى (جبهة النصرة) و(تنظيم الدولة) لكننا رفضنا هذه العروض, رغم الحالة البائسة التي وصلنا إليها وهو ما ادى إلى تسرب جزء من عناصرنا وإنضمامهم إلى كلا التنظيمين نتيجة عدم قدرتهم على إعالة أسرهم فنحن لا نقدم رواتب ونتقاسم ما يصلنا من دعم فردي بسيط أو مما نغنمه من عدونا.
فصيلنا في القلمون لم يتعرض لأي ضغوطات من اي فصيل للانضمام إليه, وحافظنا على إستقلاليتنا وعلاقاتنا الجيده مع الجميع وتفادينا الصدام معهم, لكننا لم ننضم لأي من الفصائل الإسلامية لأنك في حال إنضمامك لا تعود تملك حرية الإنفصال فالإنفصال يعني أنك مرتد وقد تقتل. لقد قاتلنا وصمدنا في أشد الظروف سوء, فكنا نقاتل شتاءً في درجات حرارة منخفضة جدا ونحلم بحذاء يقي أقدامنا من البرد رابطنا ولازلنا نرابط في الجبال ونحمي حدودنا من حزب الله وكثير منا لايملك معطفا يتدثر به، اصيب العديد منا بالمرض نتيجة الجوع وبرد القلمون القارس".
لم يعودوا يردون على اتصالاتنا!
يقول أبو زياد أخيراً وهو يلخص فحوى محاولات طويلة جرت للتواصل مع جهات يفترض أن تمثل الثورة:
" لقد تواصلنا مع العديد من الجهات التي تدعي تمثيلها للثورة والجيش الحر كالإئتلاف وهيئة الأركان لكننا لم نتلقى سوى الوعود التي تنصلوا منها لاحقا, فنحن صداع ينغص عليهم متعة الحياة الهانئة الأمنة وقد وصل الأمر بنا حد أنهم قد توقفوا عن الرد على إتصالاتنا بهم. فكيف نستطيع القتال والصمود والبقاء على الحياد والاعتدال في حين أننا نكاد نموت جوعا أو بردا.
نعم هذه هي الحقيقة وهذا هو واقع فصائل الجيش الحر التي لا ولا ء لها إلا للوطن فهل ستستطيع هذه الفصائل البقاء على نفس النهج الذي سارت عليه وإلى متى؟ إن فاتورة إتصالات أو إقامة عناصر الإئتلاف الوطني لمدة شهر قد تكفي أحد فصائل الجيش الحر للقتال والصمود سنة كاملة فإلى متى هذا الهدر والتسيب والإستهتار بثورتنا ورجالها الحقيقيين الذي دفعوا فاتورة الثورة دما طاهرا وربطا على الثغور لا في الفنادق والمنتجعات.
التعليقات (24)