ماذا يجري في تنظيم شرقي المزة بدمشق ولماذا طرد سكان(بستان الرازي)

ماذا يجري في تنظيم شرقي المزة بدمشق ولماذا طرد سكان(بستان الرازي)
لم يستطع النظام السوري أن يخفِ الخلفية الأمنية والطائفية للمرسوم التشريعي رقم /66/ تاريخ 18/9/2012 القاضي بإحداث منطقتين تنظيميتين في مدينة دمشق الأولى في منطقة جنوب شرق المزة من المنطقتين العقاريتين مزة – كفرسوسة (وتعرف محلياً بخلف مشفى الرازي) والثانية جنوب المتحلق الجنوبي وتضم المناطق العقارية مزة – كفرسوسة – قنوات -بساتين داريا – القدم.

قطع الاتصال الجغرافي!

أما عن الخلفية الأمنية فتتجلى بخوف النظام ورعبه الشديد من الثورة التي انطلقت ضده في منتصف شهر آذار من عام 2011، والتي امتدت لتصل لدمشق وبالتحديد إلى المناطق التي ذكرها المرسوم، وخوف النظام من الاتصال الجغرافي بين بساتين داريا وكفرسوسة مع بساتين المزة ذلك الحي الدمشقي الذي ابتلاه النظام بتواجد المراكز الحكومية والسفارات ومساكن كبار المسؤولين في النظام السوري فيه.

ولعل هذا ما صرح به علناً نائب رئيس مجلس وزراء النظام حيث قال لوكالة أنباء النظام السوري (سانا) حين أشار إلى أن: "صدور المرسوم التشريعي رقم /66/ يمثل استجابة لأولويات عمل الحكومة ورؤيتها لتجاوز تداعيات الأزمة التي تمر بها سوريا وكخطوة أولى من خطوات إعادة إعمار مناطق المخالفات والسكن العشوائي ، وخاصة التي تم استهدافها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة".

ولتأكيد الخلفية الأمنية لهذا المشروع فقد تم تسخير كامل إمكانيات حكومة النظام السوري في خدمة هذا المشروع، حتى أن رأس النظام السوري بشار الأسد قد ذكر هذا المشروع في خطابين من خطاباته التي تتحدث عن تداعيات الثورة على نظامه.. وقد قامت محافظة مدينة دمشق بإنشاء صفحة خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي باسم "تنظيم شرقي المزة". والملفت للانتباه تدخل فرع الأمن العسكري الفرع /215/ وذلك من خلال توزيع محافظة دمشق لإنذارات الإخلاء لمئات العائلات القاطنة في منطقة المشروع وذلك خلال شهر حزيران الفائت، وتضمنت تلك الإنذارات ضرورة إخلاء تلك العائلات لمنازلهم خلال شهرين من تاريخ توزيع الإنذار.

فتّش عن إيران!

أما عن الخلفية الطائفية فتتجلى في تدخل إيران في موضوع تلك المناطق وعزمها بناء مشروع أبراج سكنية تدعى الأبراج الإيرانية كون تلك المنطقة ملاصقة للسفارة الإيرانية بشكل مباشر، ومن المؤكد أن تكون تلك الأبراج السكنية مخصصة لنوعية مذهبية معينة ،وذلك بهدف تغير ديموغرافي حول مدينة دمشق. وذلك كما حدث في تغيير التركيبة السكانية لقرية السيدة زينب الواقعة في ريف دمشق وهي قرية سنية بالكامل، ولكن وجود مقام السيدة زينب جعلها مستهدفة من قبل المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق، فأغدقت عليها الأموال ودفعت رجال أعمال دمشقيين ينتمون للمذهب الشيعي أن يستثمروا في هذه القرية بمئات ملايين الليرات كما فعل رجل الأعمال "صائب نحاس" حيث بنى مُجمع سفير وهو فندق أربع نجوم بالإضافة لمجمع تجاري.

وأيضاً محاولات المستشارية الثقافية الإيرانية بتطبيق خطتها التي نفذتها في منطقة السيدة زينب في منطقة داريا مستغلة وجود مقام السيدة سكينة (عند سؤال أهالي منطقة داريا أفادوا بأن المقام ليس للسيدة سكينة وهو مقام لأحد الأولياء الصالحين ولكن الإيرانيين استغلوا وجود هذا المقام وبثوا كذبة كونه للسيدة سكينة). وأيضاً في منطقة العمارة الدمشقية حيث تم استغلال مقام السيدة رقية وبناء جامع للمقام كلف مئات ملايين الدولارات دفعتها إيران ، وهناك أيضاً نفس الموضوع في منطقة باب صغير في دمشق واستغلال بعض القبور لآل البيت الموجودة في مقبرة باب صغير حيث تم بناء مجمع كبير تم تسميته مجمع آل البيت و بتكاليف مرتفعة جداً تم دفعها من قبل إيران. كل ذلك يهدف لتغيير التركيبة السكانية في تلك المناطق.وإصباغ تلك المناطق الدمشقية السنية بالمذهب الشيعي.

مُهلة ومساكن بديلة!

وبالعودة لموضوع المرسوم التشريعي رقم /66/ فإنه تم تخصيص مبلغ قدره /20/ مليار ليرة سورية لصالح المشروع سيتم تأمينها عن طريق قروض لصالح المشروع بعدما أصدر مجلس النقد والتسليف قراراُ سمح بموجبه للمصرف التجاري السوري ومصرف التوفير استئناف منح القروض لزوم تمويل الأعمال المُناطة في منطقتي المشروع.

ومن المفترض أن تكون هذه المبالغ مخصصة لتأمين القاطنين بمساكن بديلة طول فترة المشروع، ولكن بالحقيقة كانت تلك المبالغ ثمناً لمساكنهم وأراضيهم، لأنه بعد انتهاء المشروع ومن أجل عودة أهالي تلك المنطقة للسكن في مناطقهم استوجب عليهم شراء شقق سكنية في المشروع الجديد حاصلين على ميزة واحدة فقط - كونهم من سكان المنطقة - وهذه الميزة تقسيط ثمن الشقق السكنية الجديدة لمدة /25/ سنة.

هذا الأمر لم يكن متعارفا عليه في المناطق التي شهدت نهضة عمرانية في دمشق، فعلى سبيل المثال في منطقة ركن الدين (حي الأكراد) الذي شهد نهضة عمرانية في آواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي، فقد كان من المتعارف عليه بأن يقوم متعهد البناء وبعد الاتفاق بينه وبين أصحاب العقار القديم على نسبة التملك في العقار الجديد ، بدفع تكاليف إيجار مساكن بديلة لأصحاب العقار الذي سيتم هدمة لإعادة بنائه ، ليؤمنوا أنفسهم خلال فترة البناء، وهذه التكلفة تكون على حساب المتعهد الخاص وليست على حساب حصة مالك العقار.

مماطلة مقصودة!

ولكن ومع ذلك فإن قيمة عقارات المواطنين والتي من المفترض أن تغطِ قيمة استئجارهم لمساكن بديلة بدأت حكومة النظام تماطل في دفعها للمستحقين، على الرغم من اقتراب انتهاء المهلة التي تم منحها لهم بواسطة أفرع الأمن من أجل إخلاء منازلهم ، ويبدو بأن هذه المماطلة مقصودة (في حال اعتبرنا بأن المبالغ جاهزة لدى حكومة النظام) وأن حجة تأخر محافظة دمشق بدفع المستحقات المالية أن المصرف المركزي - وعلى الرغم من وجود قرار لمجلس النقد والتسليف بمنح قروض لمحافظة دمشق لصالح المشروع - لم يسمح للمصارف بمنح القروض ولا سيما للمصرف العقاري و هو البنك المسؤول عن تلك المشاريع كون المشروع مشروع عقاري بامتياز. ولكن هذه المماطلة ستفتح الباب على مصراعيه لأن تتدخل إيران لتمويل المشروع، وطبعاً بشروط تضعها هي والتي في الغالب لن تخرج عن مضمون التغيير الديموغرافي لسكان دمشق لا سيما وأن موقع المشروع يقع خلف سفارتها، وأن هناك مشروع توسيع للسفارة لتصبح أكبر سفارة إيرانية في العالم أجمع.

ولكن يبقى السؤال المشروع هل تنجح إيران خلال مساعيها الحثيثة لتغيير الطبيعة الديموغرافية لسكان دمشق؟

إن الجواب على هذا السؤال يسطره ثوار سوريا الآن بخوضهم أشرس المعارك مع النظام السوري المدعوم من إيران وذلك لإدراك هؤلاء الثوار لخلفية الصراع الذي تقوده إيران، وعلى الرغم من شدة القسوة التي يتعامل بها النظام فما زلنا نراهم صامدين في وجه هذا المخطط الإيراني.

* مهندس زراعي سوري

التعليقات (1)

    خابوري حر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    تحليل منطقي واهل دمشق يعرفون هذا الكلام
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات