فشل سياسات أوباما تجاه سوريا

فشل سياسات أوباما تجاه سوريا
ينشغل الرئيس الأميركي باراك أوباما بصقل إرث سياسته الخارجية مع إيران وكوبا، ولكن بالنسبة إلى سوريا فإن الجهود المبذولة في خانة العلاقات العامة الخاصة بها تبدو محتومة النهاية. وتتراجع الأوضاع في سوريا في ظل فشل السياسة الخارجية طويلة الأمد.

التعاون الأميركي الروسي الأخير في الأمم المتحدة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية لن يفعل شيئاً يذكر لمحو الحقيقة القائلة إن الحرب الطاحنة تدخل عامها الخامس.

وذكر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في كتاب مذكراته أن أكثر ما يندم عليه خلال فترة رئاسته هو ليس عدم وقف مذابح رواندا. وربما اعتقد أوباما أن المؤرخين سيتساهلون معه بشأن المأساة السورية.

فشل أميركا

وعلى كل، فبحسب ما قال أوباما في خطاب له بالأمم المتحدة فإن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل كل أعباء العالم وحدها. وهناك أكثر من سبب واحد لفشل دور الولايات المتحدة في سوريا، وهذا قد يختزل إلى شكل من أشكال اللامبالاة انسجاماً مع الرأي العام الأميركي إلى حد كبير في الداخل.

وفي عام 2013، سئل أوباما خلال مقابلة له كيف يتصالح مع العنف المتواصل في سوريا، وجاء رده على شكل سؤال: «كيف أساوي بين عشرات الألوف من الأشخاص الذين قتلوا في سوريا وبين عشرات الألوف الذين يقتلون يومياً في الكونغو؟" وبدا الأمر كأنه يحاول وصف الرعب في سوريا بأنه أمر ذو صلة. وكانت هذه إشارة واضحة بشأن حدود التدخل الأميركي في المنطقة.

لطالما كانت حجة أوباما واضحة، فلم يكن هناك أي حل سهل أو واضح في سوريا. وكان من الأهمية بمكان أن لا تجر أميركا إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، وتقتضي الواقعية احتواء الأزمة السورية بدلاً من التفاعل معها. وقد يكون الجدل هذا صحيحاً جزئياً، إلا أنه بدأ بالتراجع سريعاً.

وبالنظر إلى أزمات من هذا الحجم فإن خيار الرئيس الأميركي باراك أوباما يبدو أنه يتوسط خياراً سيئاً وآخر أسوأ. ولكن أياً كان خيار أوباما فإن النتيجة كانت حتى الآن مقنعة، ولكن يبدو أن لا نهاية لهذه الحرب.

مواجهة «داعش»

وأياً كانت صعوبة محاولة الرئيس الأميركي عدم التورط في الأزمة السورية، فإنه يتم جر الولايات المتحدة مرة أخرى إلى مستنقع صراعات جديدة في الشرق الأوسط. وفي حال كانت هناك استراتيجية أميركية واضحة أكثر من أي وقت مضى تجاه الأزمة السورية، يبدو أنها قلبت رأساً على عقب الآن. وقالت الولايات المتحدة إنها ستزود مجموعة المقاتلين الذين يبلغ عددهم 60 شخصاً، الذين دربتهم في سوريا بالدعم الجوي اللازم، وأنها تأخذ في الحسبان تأسيس منطقة خالية من عناصر تنظيم «داعش».

وتمكن تنظيم «داعش» من الترويج لنفسه على أنه حامي المدنيين السنة، وذلك فيما يتواصل ذبحهم عبر البراميل المتفجرة والقوات الجوية التابعة للنظام السوري.

ولكن ألا يوجد هناك من شيء يمكن أن يتم القيام به لوقف طائرات الأسد ومنعها من إسقاط البراميل المتفجرة التي تقتل أعداداً كبيرة من المدنيين دون تمييز؟ ولا يمكن بأي حال اعتبار أن هذه الأسلحة موجهة ضد تنظيم «داعش».

وتعتبر المماطلة أسوأ سمات أوباما في هذه الأزمة، وفي ربيع عام 2012 حاول مسؤولون أميركيون بارزون ومن بينهم هيلاري كلينتون إظهار دور الدعم العسكري للمعارضة المسلحة في سوريا. وكان اعتقادهم أن بإمكانهم قلب موازين القوى ودفع الأسد نحو مفاوضات السلام، على غرار ما حدث في البوسنة عام 1995 مع سلوبودان ميلوشوفيتش.

ورفض أوباما الخيار العسكري في الوقت الذي كان من المفترض أن يأخذ هذا الخيار في الاعتبار، والنتيجة هي أن تنظيم «داعش» سيطر على أجزاء أكبر من سوريا. ويفسر ذلك التطرف لماذا دربت الولايات المتحدة خلال العام الحالي ستين مقاتلاً، بينما أمكنها فعل ما بوسعها لتقديم التعليم والتدريب المهني. وتكمن المفارقة في قتال تنظيم «داعش» في أن باقي السياسة المتمثلة في عدم حماية المدنيين تساعد في جعلها تنمو بوتيرة أسرع في ظل فشل سياسة أوباما في سوريا.

تكثيف الجهود

يشير مراقبون إلى إنه كان من المفترض على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يجري كثيراً من الاتصالات المهمة بشأن التوصل لحل في الأزمة السورية، إلا أن السبب الآخر لفشله يتعلق بالمسؤولية الأخلاقية. وهذا يفسر كيف أن الولايات المتحدة فشلت في التمسك بموقف أخلاقي يتعلق بأسوأ كارثة بشرية منذ الحرب العالمية الثانية.

ومن الصعب إيجاد أي لغة أميركية كافية لشجب الذبح الذي أقدم عليه الأسد ضد أبناء شعبه. وليس هناك من حديث عن أي محكمة دولية قد تتعامل مع هذه الجرائم. وبالطبع فإن روسيا ستعارض كل هذا، ولكن لماذا لا يتم فضح تواطؤ موسكو من خلال مساءلتها عن المذابح الكبرى؟

المصدر: صحيفة (البيان) 18/8/2015 ترجمة: لانا عفانه

التعليقات (2)

    الشاهد

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    سياسة اميركا قائمة على اطالة الحرب بسوريا لضمان دمار سوريا كليا وذاك لزيادة امان اسرائيل . على اية حال نبشر اميركا بان الثورة ستنتصر رغم انوفكم وسندخل دمشق قريبا وبعدها القدس باذنه تعالى .

    nidal domani

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    بل قولوا نجاح سياسة هذا العبد الخائن في إطالة أمد الصراع وتجنيد بهائم طهران وأجرائهم من أهل الشتم واللطم في لبنان والعراق واليمن كي يقتلوا حلم أبناء المنطقة في إقامة مجتمعات يحترم فيها الإنسان. ولا ننسى غربان البغدادي الدواعش الذين سلحهم الفاسد بائع الكلاسين المالكي المختبيء عند ذلك الحاقد الصفيوني الخامنئي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات