السوريون في النمسا رهن"اعتقال اختياري"ومشروع لإغلاق بوابة اوروبا!

السوريون في النمسا رهن"اعتقال اختياري"ومشروع لإغلاق بوابة اوروبا!
يخرج السوري صاحب الحظ والمال الوفيرين في رحلته، مستخدماً أساليب متعددة، كلٌّ حسب ما توفر لديه من مال، منطلقاً من الشرق باتجاه الغرب، عبر البحر، في قوارب مطاطية، تسمّى بلغة تهريب البشر "بلم"، أو في قوارب تدعى "سياحية"، وهي قوارب صيد متهالكة، حيث ينجو قرابة 98% ممن يخرجون في رحلتهم تلك من السواحل التركية نحو الجزر اليونانية، بمبالغ تقدر بين ألف يورو حتى ألفي يورو، في رحلة قد تستغرق بضع ساعات، ورحلة شاقة للوصول إلى الساحل التركي، بغية الصعود في القارب!

الخروج من التيه اليوناني!

بعد الوصول تبدأ مغامرة جديدة، من أجل الخروج من التيه اليوناني الذي غرق فيه الكثيرون، ولم يستطيعوا الخروج منه، وقد أنفق ما معه من مال، بسبب غلاء المعيشة في أثينا التي يصفها البعض بـ "محرقة المهاجرين"، حيث هنالك طريقان لا ثالث لهما:

- الأول: عن طريق الطيران وهو متعب جداً، ومكلف بسبب تكرار المحاولات، وقد تتعدد أحياناً، لست أو سبع محاولات دون نجاح، وحين تنجح المحاولات، تصل التكلفة إلى 7000 يورو تقريباً،

- الثاني: عن طريق البرّ عبر مقدونيا وصريبا، وصولاً إلى هنغاريا، أول دولة في الاتحاد الأوروبي. وهنا تكمن المشكلة، عندما يلقى القبض على المهاجرين، ويجبرون على تقديم اللجوء من خلال "بصمة اللجوء"، ليكون الملاذ الوحيد لهم ألمانيا، التي لا تعترف على هذا اللجوء القسري أو ربما يكون ذا حظ وفير ويمرّ دون بصمة، عندها يستطيع اختيار البلد الذي يريد، وهنا يصل إلى القسم الغربي من الاتحاد الأوروبي، الذي يبدأ بالنمسا التي اصبحت تعتبر بوابة الاتحاد الأوروبي وبداية الحلم بالحياة السعيدة..

رحلة الموت غير كافية للنجاة !

بابتسامة حزينة وتنهيدة طويلة، يقول "عصام عبد الحميد"، وهو مواطن صحفي عمل داخل سوريا لمدة ثلاث سنوات، في نقل أخبار المظاهرات والمعارك:

"اعتقدت أني باجتياز بحر إيجة، والوصول إلى الجزيرة اليونانية، سأكون قد أنهيت نصف رحلة الشقاء، وعلى الرغم من أني غرقت في الوحل اليوناني لمدة ثلاثة أشهر، إلا أنني وصلت إلى النمسا على متن الطائرة، انطلاقاً من مطار إحدى الجزر اليونانية، للمرة الثانية أعتقد أن طريق الفجيعة انتهى" ويتابع عصام حديثه عن النمسا التي دخلها في منتصف تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي "مضى على وصولي إلى هنا سبعة أشهر، إلى الآن لم أحصل على الإقامة على الرغم من خضوعي للمحاكمة الخاصة بالإقامة، وأنا في الحقيقة لست استثناء، فالعديد من المهاجرين، طالبي اللجوء، ينتظرون أشهراً عديدة للحصول على الإقامة وتقدّر أعداد هؤلاء بالآلاف"

ولعل الإشكالية الأكبر، تكمن فيما حدثنا به (وسيم) الذي ضبط في النمسا، حيث أجبر على تقديم طلب اللجوء فيها يقول: " منذ عام كامل وأنا أنتظر أن يحددوا لي موعداً للمحاكمة، ومازلت أنتظر السراب، حتى لو حددوا لي موعداً، وحضرت المحاكمة، فسأنتظر أيضاً فترة قد تكون طويلة، للحصول على الإقامة.. إنه إجرام بحقنا" ويتابع الشاب العشريني: "ما ذنبنا إن كنا هربنا من الحرب في سورية .. هل علينا أن نموت تحت البراميل أو من القهر في أوربا ؟"

مبررات غير مقنعة !

في كل مرة يحاول هؤلاء السوريين الذين تتفاوت اعمارهم بين العشرين، وصولاً إلى من دخلوا عتبة الخمسين؛ في كل مرة يحاولون السؤال عن سبب التأخير في معاملاتهم، يكون الجواب الآلي بأنّه " الضغط الكبير، بسبب أعداد طالبي اللجوء من كل الجنسيات، وأنّه ليس هنالك أولوية لأحد على الآخر، وأن نظام العمل هو من يحدد هذه المواعيد، وبالتالي على من يريد السفر الى أوربا الانتظار، لأن العمل يجب ان يكون ضمن توافق عناصر عديدة، وليس الموضوع من السهولة التي قد ترونها" ويرى أغلب السوريين أن هذا الكلام غير مقنع، إذ يعتبرون أنهم الأحقّ في تسريع الإجراءات، بسبب الحرب الدائرة في سورية، على اعتبار أن قضيتهم بشكل عام ليست بحاجة للتأكد فيا إذا كان هذا الشخص بحاجة للحماية أم لا، بالمقابل هنالك تسريبات بأن الإجراءات الطويلة التي تقوم بها الدول الأوربية، ومن بينها النمسا، غايتها التأكد من الملف الأمني لطالب اللجوء، وعن علاقته بمن يصفونهم بالمتطرفين والتنظيمات الإسلامية، حيث تخشى هذه الدول من عودتهم إلى سوريا، للقتال في صفوف هذه التنظيمات، بعد حصولهم على الإقامة، ثم العودة الى الدول الأوربية، ليشكلوا خلايا نائمة لهذه التنظيمات في بلدانهم.

قرارات أوربية واستياء للمهاجرين

في خطوة اعتبرت مفاجئة للجميع، تقدّمت وزيرة الداخلية النمساوية بمشروع قرار للبرلمان، توقف بموجبه طلبات اللجوء لكل المهاجرين الذين سيصلون إلى النمسا؛ يستمرهذا الإيقاف حتى إشعار آخر. تعقيبا ًعلى هذا المشروع يؤكد (أبو وليم) هو سوري من المهاجرين الذين حصلوا على الإقامة في النمسا، واستطاع الحصول على عقد عمل في دائرة الهجرة بصفة مترجم لطالبي اللجوء:

"هذا القرار يعتبر فردياً، ولا علاقة له بتوجه الاتحاد الأوروبي" ويعقّب قائلاً: "الهدف الحقيقي من وراء هذا المشروع المقدم للبرلمان هو جعل النمسا بلداً قليل الجاذبية بالنسبة للمهاجرين، ومن ناحية أخرى فالغاية منه هي الضغط على مجلس الاتحاد الأوربي، لإقرار خطة التوزيع العادل للمهاجرين الذين يصلون أوربا يومياً، على كافة دول الاتحاد".

كما يؤكد ابو وليم ان حزب (FPÖ )، المعارض لسياسة تقديم الحماية لطالبي اللجوء، هو من يقف وراء هذا المشروع الذي يحد من وصول المهاجرين إلى النمسا، على الرغم من تأييد حزب وزيرة الداخلية لسياسة حماية المهاجرين" ويشير أبو وليم إلى أن حزب الأزرق قد فاز في الانتخابات الأخيرة، وقد استطاع الدخول في الحكومة، حيث صدر قرار حكومي مضمونه أن من حصل على الإقامة، لن يستطيع الحصول على سكن ما لم يتقن اللغة الألمانية، وبشكل طبيعي فإن طالب اللجوء لن يستطيع الدخول الى مدرسة اللغة الألمانية حتى يحصل على الاقامة"

يؤكد عصام عبد الحميد على ما قاله أبو وليم حيث يقول : "إن السبب وراء هذه الفترة الطويلة، هو إيصال رسالة للمهاجرين، بأن لا يأتوا إلى النمسا، وبالتالي تخفيف الضغط عنها لأنها بشكل أو بآخر، تعتبر بوابة أوربا، خاصة عبر طريق البر الذي يعتبر أسهل من طريق الطيران"

انتظار بلا فائدة واعتقال إرادي

يعاني طالبو اللجوء يشكل عام من حالة من انعدام الوزن، بسبب عدم قدرتهم على تنفيذ أي شيء سوى انتظار وصول أي مغلف بريدي يحمل لهم اخباراً جديدة لموعد المقابلة، أو صدور قرار الإقامة، أو أي شيء قد يغّير روتين الحياة الذي يعيشونه؛ خاصة وأنه لا يمكن تعلّم اللغة، إلا بعد الحصول على الإقامة يقول سامي العمر، وهو طالب لجوء في النمسا، ينتظر منذ ثلاثة أشهر منحه الإقامة، منذ تاريخ المحاكمة التي خضع لها "ليس لدينا أي عمل سوى انتظار عامل البريد يومياً، فقد يأتينا بقرار الإقامة" ويضيف: "نعيش هنا في المخيم الخاص باللاجئين بشكل مريح جداً، و "الكمب" مجهز بوسائل الراحة مع ثلاث وجبات جيدة جداً، و40 يورو شهرياً، تعتبر مصروفاً شخصياً، ولكنني في الحقيقة أشعر أنني معتقل بشكل إرادي، لمجرّد كوني لا أحمل الإقامة الخاصة بهذا البلد، أنا لا أستطيع استئجار منزل، أو السفر إلى أي مكان"

محاولات للاحتجاج .. قد تثمر أحياناً

وافقت النمسا مؤخراً على استقبال لجنة تابعة للأمم المتحدة، من أجل التفتيش وتقصي أوضاع اللاجئين في مركز “ترايزكيرخن” لطالبي اللجوء، بغية التحقق من حالة الإيواء من حيث النواحي الصحية والقانونية.

جاءت هذه الموافقة بعد عدة اعتصامات شهدها المركز، احتجاجاً على الأوضاع السيئة لطالبي اللجوء، حيث أن المركز معدّ لاستقبال 1800 شخصاً، فيما يقيم فيه 4500 شخصاً في الوقت الحالي، يقيم معظمهم في العراء وفي خيام مؤقتة، ما يجعلهم عرضة للأمراض المختلفة، كما أن ظروف لجوء كهذه تساهم في انتشار والأوبئة، نظراً للاكتظاظ من ناحية، ولسوء المتابعة الصحية من ناحية أخرى.

يقول وسيم:" كنت في زيارة لصديق لي ففوجئت بأنه مقيم مع سبعة أشخاص آخرين في خيمة مؤقتة، كما أن المنتفعات التابعة للكامب في أوضاع مزرية، فهي في قمة القذارة، والمتابعة الصحية معدومة تماماً، هذه هي الظروف التي يتم فيها إيواء طالبي اللجوء مؤخراً، بعد صدور وزارة الداخلية النمساوية الأخير الذي يقضي بوقف استقبال لاجئين جدد، ووقف إجراءات لم الشمل".

ويتابع وسيم: "مضى عام كامل على وجودي هنا في لينز، حاولنا مرة الاعتصام إلا أن التجمع فض بالقوة، كما هددنا بتعقيد إجراءات لجوئنا إذا ما عاودنا الكرة، ولسوء حظي فإن أوراقي متواجدة عند القاضي الأشهر في النمسا بأسرها وهو "فيمر"، والمعروف بتطرفه وعرقلته لمعاملات اللاجئين، لماذا ألقوا القبض علي في المطار لا أعرف، لو |أنهم تركوني لكنت أكملت إلى السويد، أما أن يجبروني على تقديم طلب اللجوء في النمسا ويحرموني من حقوقي المدنية عاماً كاملاً بدعوى دراسة الطلب، فهذا ما لم أفهمه على الإطلاق"!

لعله الفردوس المفقود في كثير من الأحيان، والكثيرون يتمنون السفر إلى الغرب في أيام السلم، إلا أن تعقيدات طلبات اللجوء، ولمّ الشمل للأسرة، وتداعيات هذا اللجوء من انتظار لمدة ثلاث سنوات، ريثما يدخل هذا اللاجئ إلى سوق العمل، هو ما يعتبره السوريون موتاً بطيئاً معلناً يجب تجاوزه، فالسوري الهارب من حرب البراميل والصواريخ، لم يعد قادراً على تحمل الانتظار، بدون أفق واضح، في المستقبل القريب..

التعليقات (8)

    السوري معتر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    أقول للإخوة السوريون الذين هاجروا إلى أوروبا والله المعتقلات التي تعيشون بها عند الكفار أرحم من القرارات التي تصدر في بعض الدول المصنفة أنها عربية سنية في حق الوافدين والتي أكثر ما تضرر منها السوريون المقيمون في هذه البلدان فاليهود والكفار أرأف وأرحم منهم بعد رحمة الله فأي دين يدينون وأي مذهب يتبعون وإلى الله المشتكى،اصبروا على ما تواجهون فعسى أن يفرج الله كربتكم ،ولو سجنوكم فأنتم بخير،لضمان مستقبلكم وعيالكم

    ×× بالاسلاميين و بالاورينت

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    التعليق بذيء وخالف قواعد النشر

    لاجئ سوري

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    المعاملة السيئة في كل بلدان الاتحاد الاوربي . في هولندا هناك سوريين منذ عامين بدون اقامات لاسباب عنصرية ودينية في كامب dronten و كامب over laan . هناك احزاب عنصرية في الاتحاد الاوربي وزعماء وحركات دينية تحاول نصرنة المسلمين السوريين في هولندا والموضوع خطير للغاية وهناك ادلة على ذلك . يرجى النشر

    لا نصدق حتى نرى

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    هذا هو ما يسمى العالم الاول عالم حقوق الانسان والحرية والديمقراطية والتقدم والاخلاق . الحمد لله الذي اتضحت الامور للناس ان الثورة السورية كشفت وفضحت الدنيا باسرها حتى تزيد ثقتنا بانفسنا فنحن صناع الحرية والحضارة والمساواة وحقوق الانسان وزمن ريادتنا اصبح قريبا

    السوري

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    كلام وسيم صحيح ياشباب والمخفي اعظم كتير ناس بتفكر اوروبا فيها نظام وحرية والواقع الحرية غير موجودة والعدل لا يعرفوه

    مرتبك

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    لماذا لا يتجه الاخوة السوريين الى الخليج فهم في حالة اقتصادية جيدة بدلا من هذه البهدلة والتشرد في بلدان النصارى

    الشاهد

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    حال السوريين بالنمسا وخصوصا بمقاطعة لنز ينطبق على النمساويين المثل الاتي صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكل واشبع واهلا بك بالنمسا

    زين العمر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    اوربا هي مقبرة الكفاءات العلمية المهاجرة تصورو مهاجر يحمل شهادة جامعية يقوم مكتب العمل بتوظيفه عامل مهني اوربا قتلت الابداع العربي معظم العرب في اوربا لا يعملون عاطلون عن العمل همهم الوحيد الحصول على معونة الدولة
8

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات