اجتماع الدوحة ورسم خارطة سياسية جديدة!

اجتماع الدوحة ورسم خارطة سياسية جديدة!
"لماذا لم تتوجه أنظار السوريين إلى الانتخابات الأخيرة لائتلاف قوى المعارضة والثورة السورية؟". سؤالٌ طرحه السوريون على شبكات التواصل الاجتماعي. فجمهور الثورة السورية لم يهتم بنتائج الإنتخابات ولا بالانتخابات نفسها على حد سواء، في خامس انتخابات يشهدها الائتلاف منذ تأسيسه، جمهور الثورة لم يهتم بمن سيمثله في هذه المؤسسة، المفترض أنها الحامل الشرعي سياسياً للحراك الثوري.

ولم تعتبر هذه الانتخابات مفترق طرق في تاريخ المؤسسة الوليدة، باعتبارها الأولى من نوعها التي جرتْ في أجواء هادئة لم يعكر صفوها الدعاية والدعاية المضادة، سواء من قبل وسائل الإعلام المحسوبة على الحراك الثوريِّ، أو تلك العربية المناصرة للثورة السورية، كذلك لم ينبثق عنها تراشقات سياسية من الكتل الأساسية المشكلة للائتلاف، وتحديداً الإخوان المسلمين والمجلس الوطني الذي يضم الكتلة اليسارية، ولا حتى إعلان دمشق بوصفه إحدى الكتل السياسية الجامعة للفرقاء المتأدلجين، وكل ذلك كان يدلل على انعدام الرغبة لدى الدول الصديقة للثورة لرسم سياسات مقبلة بالتعاون مع الائتلاف.

الانتخابات جرتْ في ظرفٍ كَثُرَ فيه الحديث عن مشاريع للحل السياسي، بين ما يسمى مجموعة أصدقاء سورية وحلفاء نظام بشار الأسد، وليس هنالك من وعود أو ضمانات للائتلاف ليكون حاضراً في المشاريع التي تناقش مستقبل سوريا، مما يظهر قلقاً ملحوظاً على مصير ودور السوريين والذين يمثلونهم، بما يخص مصير المرحلة المقبلة، والإجراءات التي اُتخِذت من قبل قيادة الائتلاف عقب اجتماع (الدوحة) الذي درس ما لا يجب أن يُدرس، في ظل غياب أصحاب القضية، تجلى في تقديم الرئيس المنتخب للمرة الثانية خالد الخوجة استقالته، وكأنَّها ورقة مسحوبة من رصيده السياسي- حكماً سيتراجع عنها بحكم المهزلة التي أعتادها أعضاء الائتلاف وقياداته- معتقداً بذلك أنه سيمحي الشك حول مأزق الائتلاف سياسياً كطرف مقصي تماماً من حسابات العملية السياسية، وبنفس الوقت يجنب نفسه الاعتراضات والانتقادات على قيادته للائتلاف. كما يرى مراقبون أن تهيئة أجواء الإنتخابات لم يغب فيها عن الأذهان، عدم وجود رغبة من الدول الداعمة ورجالات السلطة والمال والنفوذ للتأثير على مجرى الإنتخابات.

وسواء كانت المظاهر السلبية التي شابت اجتماعات الهيئة السياسية للائتلاف، أو تلك التي ضمت المكتب التنفيذي له، وما نتج عنها من عراك بالأيدي في مناسبات لا تحصى، وحاضرة في أذهان السوريين، وراء قلق جمهور الثورة من الوضع اللاأخلاقي واللامسؤول للائتلاف وأعضائه، نجحت في تحقيق مكاسب للنظام سياسياً على حساب ائتلاف (الملاكمة)، وفك الارتباط بين مجموعة أصدقاء سوريا والائتلاف، ليكون الإتفاق على مصير سوريا بين مجموعة أصدقاء سورية وحلفاء نظام بشار الأسد، رغبةً في ضبط العملية السياسية بعيداً عن الائتلاف وكتله التي لا يشغلها سوى تغليب وترجيح ميزان قواها. في مؤسسات الائتلاف والحكومة المؤقتة، على إيقاعها الساخن، من خلال التناحر المشترك بين الكتل الأساسية، والذي ميز أداء المعارضة السورية طوال الفترة الماضية، الكتلة التاريخية الذي لم يكن يتجاوز تعدادها الخمسة قوى سياسية، حتى وقت قريب، يتجاوز تعدادها اليوم الخمسين تكتلاً وليداً، يتنازع شرعية التمثيل السياسي السوري، منضوية في إطارات غير متجانسة لا وطنياً ولا سياسياً. ففي خضم كل جولة انتخابية أو استحقاقات دولية، يولد تكتل جديد، طابعاً التنافس السياسي بينهم على هذه الأسس المتناحرة، مغيبة عنها الشبكة المفاهيمية السياسية، ولا يوجد استعداد لدى أي كتلة للتعالي على الخلافات الشخصية بينها لصالح مفاهيم سياسية واضحة المعالم والبرامج. مما دفع الكل للوصول إلى ذروة قل نظيرها من التشكيك والتذمر.

وبالمقابل، بقيت الحكومة المؤقتة خارج أي توافق وطني، يجعل منها مؤسسة تضم كفاءات وأشخاص تكنوقراط، وفق برنامج بعيد عن توافقات الانتخابات في الائتلاف، لتكون متفرغة لبرنامج خدمات المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام، فالعملية الإجرائية فيها متخذةً طابعاً انتخابيا يقارب البلدان المستقرة سياسياً، مما يتنافى مع حالة الحراك الثوري ومتطلباته.

ويمكن القول إنَّ تفكك "الائتلاف والحكومة المؤقتة" هو النتيجة الأكثر وضوحاً خلال الانتخابات الأخيرة، وانعقاد مؤتمر الدوحة بغياب أي تمثيل للمعارضة الرسمية، وبناءً عليه يمكننا القول إنَّ المنافسة السياسية لم تعد بين المعارضة والنظام، وإنَّما بين المعارضة السياسية نفسها بأطيافها المختلفة. فالصفقة التي ستظهر نتائجها خلال الشهور القادمة ستكون مناصفةً بين أمريكا من جهة وحلفائها الإقليمين الكبار تركيا وإيران من جهة اخرى، مع تحسين شروط التفاوض بين الخليج مع إيران، لضمان مصالحه ضد الخطر الإيراني وخاصةً في اليمن، ويبدو أنَّ الكل متفقٌ على أنَّ المرشح المشترك لخسارة كل شيء هو المعارضة السورية.

وعلى كل حال بات من الواضح، وخاصةً عقب اجتماع الدوحة الأخير، أنَّ الصفقة القادمة ستتوزع بين أربع أطراف، ألاَّ وهي: أمريكا، روسيا، وإيران مع ضمانات لدول الخليج.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات