أورينت نت
لم أكن أتوقع أن أُفرز إلى إدارة المخابرات الجوية بشكل من الأشكال مع بداية خدمتي الإلزامية بسبب خلفيتي السياسية المعارضة. حيث أعدم حافظ الأسد والدي النقيب أحمد الإسماعيل بتاريخ 2/7/1980 في ساحة الرمي بعرطوز, وكان عمري في تلك الأثناء ثلاثة شهور.
المفاجأة غير المتوقّعة!
الساعة الثانية ظهراً بتاريخ 27/6/2006 بدأ أحد ضباط ثكنة تجمّع النبك بقراءة أسماء المفرزين إلى الثكنات وقطع الجيش. كانت لحظات عصيبة وأنا أعيش على ترقب متخوفاً. ولكن كانت الطامة الكبرى بالنسبة لي عندما ذكر اسمي في قائمة المفرزين إلى إدارة المخابرات الجوية. فأنا من المغضوب عليهم و أعلم أنني سأتعرض لمضايقات كثيرة. لأنني خلال حياتي المدنية مللت من أسئلة الأمن العسكري حول والدي.
في صباح اليوم التالي أحضروا باصات أقلتنا إلى الفرع الإداري في حرستا لتسجيل أسمائنا. اصطحبني أحدعناصر الفرع إلى غرفة خاصة وبدأ يسألني عن والدي وأنا أجيب. ثم دوّن أقوالي وأمرني بالانصراف.
وفي صباح اليوم التالي تمّ نقلنا إلى معسكر فرع المهام الخاصة في مطار المزة العسكري.
بداية الرحلة!
وصلنا ساحة الفرع, وبعد ساعتين طلب منا أحد العناصر أن نقف في رتل على باب غرفة (المعلم). طبعاً لم نكن نعرف بعد من هو ذلك (المعلم) وخصوصاً أني كنت أتوجس من جميع العناصر هناك حيث أحسّ بأنني مطلوب للتحقيق وليس كعنصر يعمل في الفرع.
وقفنا في رتل وكان عددنا 33 جامعياً ندخل بالترتيب لمقابلة المعلم. وجاء دوري فدخلت بعد أن تلقيت مجموعة من التعليمات حول كيفية التعامل مع سيادته. كانت غرفة صغيرة , يجلس شخص في منتصف العقد الثالث من العمر. ذو بشرة سمراء متوسط القامة, بنظرات ثاقبة تنمّ عن شخصية لا تعرف الرحمة أبداً. لم أكن أعرف الرائد سهيل الحسن حتى تلك اللحظة. وبعد أن رمقني بعدة نظرات سألني عن مكان إقامتي وشهادتي الجامعية وعملي الحالي واهتماماتي. ثم تحدّث عن دور المثقفين في خدمة الوطن وقائده. انتهت المقابلة وانصرفت بعد أن حمدت الله أنه لم يعصّب ولم يغضب كما أخبرني حاجبه الشخصي مصطفى قبل ان أدخل.
إبراز عضلات وأداء استعراضي (ساسوكي)
لم يألُ الرائد سهيل الحسن يومها جهداً في إبراز عضلاته أمام مجموعة الأغرار المكونة منا نحن الجامعيين وباقي العناصر من رقباء ومجندين. فكان يقوم مع مجموعته الخاصة- قسم العمليات الخاصة- بتدريب على قتال الشوارع وفنون القتال القريب مع بعض الحركات الفنية والصراخ والزعيق مما دفع عناصر دورتنا لكي يسمونه (ساسوكي) لأننا تأكدنا أنه يحاول تقليد هذه الشخصية الكرتونية بما أوتي من قوة حتى في طريقة الصراخ أثناء القفز أو القتال القريب
( ياااااااع – هووو – هييييي ). فكنا نقول : جاء ساسوكي وذهب ساسوكي حتى أصبح لقباً مشفّراً له بيننا. ناهيك عن طريقة مشيه الغريبة . فكان يرفع رأسه ويباعد يديه عن جسمه محاولاً تصنّع العظمة والكبرياء.
شخصية مريضة
من خلال إشرافه المباشر على الدورة تعرفنا على شخصيته. وقد تبين للجميع أنه مصاب بالــ (ميغالومانيا) أو ما يعرف بجنون العظمة.كما كان سريع التقلّب, مزاجياً,تنعكس حالته النفسية على عناصر الدورة. فإن كان غاضباً أفرغ غضبه على عناصر الدورة وإن كان سعيداً لا يستطيع إخفاء ابتسامته مما يجعله يجمع الدورة أمامه جلوساً على الأرض وهو على كرسيّه الخاص يبدأ محاضرته في الوطنية والمقاومة والممانعة وكيف أن إسرائيل تتربص بسوريا الأسد لكنها تخشى الحرب معها لأن رجالها خلف قائدهم. ثم تنتهي تلك المحاضرة العصماء بالهُتاف بحياة القائد الرمز. مما يجعله يحس بنشوة غامرة ثم يقف على قدميه يحيّي وينصرف مزهواً بكلماته المؤثرة. دون أن يملّ من تكرارها في كل مرة. وكأنه يؤدي دوراً تمثيلياً حفظه عن ظهر قلب. محاولاً تقمّص شخصية القائد الذي تهتف له الرعية.
طائفي حاقد لا يستطيع إخفاء تحيّزه إلى طائفته علناً حتى بين عناصره المجرمين.
لايسمح بظهور أي شخص قد ينافسه في المكانة والسمعة. كثير الصمت ولكنه عندما يتحدث لايريد أن يسكت. شخصية متناقضة بكل معنى الكلمة أحياناً يقطع ابتسامته ليتغير وجهه فجأة دون أن يعلم أحد عن السبب ولكن غالباً بسبب تفكيره بأمور تزعجه في مخيلته فتسيطر على حالته الخارجية وعلاقاته العامة. وكان مقيماً في مكتبه بالفرع لا يغادره إلا في المهمّات التي يديرها مع مجموعته الخاصة, لأنه لم يكن متزوجاً حتى تلك اللحظة.
ينظر نظرة دونية إلى ضباط الجيش لأنه يعتقد بأنه أرفع مكانة وشأناً منهم فكان على استعداد أن يهينهم في كل مرة تسنح له فيها الفرصة. خصوصاً أن علاقته المباشرة ببشار الأسد كونه قام بالعديد من عمليات الإجرام لتأمين نظامه ما جعله يعيش تلك الحالة الميتافيزيقية.
في الحلقة الثانية من (ستة أشهر مع سهيل الحسن) غداً:
- هذه نظرته للمثقفين... وهذا ما قاله عن منع بشار الأسد من إعطاء الحرية لهم!
- حقيقة قرابته مع جميل الحسن!
التعليقات (14)