الجار التركي.. هل أصبح من أهل البيت؟!

الجار التركي.. هل أصبح من أهل البيت؟!
ما إن أعلنت تركيا إنضمامها للتحالف الدولي لمحاربة داعش حتّى توالت تصريحات الرفض والاستنكار من النظامين السوري والإيراني وعملائهما من محور الممانعة، مع العلم أنّ هذه الأطراف لم تحرّك ساكنا عندما بدأ هذا التحالف عمليّاته قبل سنة بمشاركة ستين دولة برئاسة الشيطان الأكبر الأمريكي شخصيّا‘ بل أنّ هذه الأطراف قد بذلت كل ما في إستطاعتها للإنضمام لهذا التحالف أو للإدّعاء بأنّ هذا التحالف ينسّق معها من تحت الطاولة . فما سبب هذا الموقف ؟

ممّا لاشكّ فيه أنّ دخول تركيّا يقدّم خدمات إستثنائيّة للتحالف فهي ثاني جيوش حلف الأطلسي عددا بعد الولايات المتّحدة كما أنّ لها حدود طويلة مشتركة مع سوريا 850 كم ممّا يوفر كثيرا من ساعات الطيران و يسمح بإستخدام أنواع أخرى من الطائرات ذات حمولات أكبر أو بدون طيّار. لكن الفرق بالمشاركة التركيّة أنّها غير خاضعة للقيادة الأمريكيّة مثل باقي دول التحالف و الّتي تعتبر مشاركتها بالحقيقة معنويّة و رمزيّة أكثر منها عسكريّة؛ فالقيادة التركيّة هي الّتي تختار أهدافها حسب مصالحها ولديها الكفاءة والإمكانيّات لتنفيذ ما تختاره.

لم تتّفق تركيّا يوما مع السياسة الأمريكيّة تجاه الموضوع السوري‪,‬ بل كانت تعتبر هذه السياسة هي سبب ما آلت إليه الأحوال بكامل الشرق الأوسط . و حتّى بعد تشكيل التحالف اصرّت الولايات المتحدة على أنّ هدفها محاربة داعش و تأجيل موضوع النظام السوري لمرحلة لاحقة . بينما إعتبر الأتراك أن السبب الأصلي هو نظام الأسد و يجب معالجة المسبّبات و ليس النتائج . و إذا عدنا للبدايات نجد أنّ الحكومة التركيّة و بعد أن إستنفذت كل الفرص الديبلوماسيّة لدفع النظام للتوقّف عن سياسته القمعيّة فبدأت بسياسة مغايرة تماما و أخذت موقفا هو الأوضح بتأييد مطالب الشعب السوري بالحريّة ، كما كان وضع اللاجئين السوريّين في تركيّا أفضل بما لايقاس من وضعهم بكل الدول العربيّة، بدون إستثناء , وكان الدعم الّذي قدّمته تركيّا للمعارضة السوريّة بشقيّها السياسي و العسكري حاسماً لإستمرار هذه الثورة رغم كل ما أستخدم ضدّها من وسائل إجراميّة من عصابة الأسد و حلفاءها، الذي ترافق مع صمت متواطئ من كل دول العالم و التي كانت تفضّل دفن الثورة بمهدها على إنتصارها وما سيترتّب على هذا الإنتصار من آثار في كامل المنطقة . و لا ننسى أنّ تركيّا هي البلد الديموقراطي الوحيد في الإقليم فلا يوجد لديها ما تخشاه من سوريا الدولة العصريّة الحديثة كما يريد شعبها.

برزت تساؤلات أخرى هل تستطيع تركيا فعلا الخروج عن الضوابط الأمريكيّة ؟ المعطيات المتوفّرة ترجّح أنّها تستطيع , و أنّ إتّصال أردوغان بأوباما قبل ساعات من الإعلان عن مشاركة تركيّا بالتحالف كان مشابها لإتّصال الملك سلمان قبل ساعات من عاصفة الحزم لإبلاغ الرئيس الأمريكي أنّ أمننا القومي في خطر و سندافع عنه بأنفسنا . و تمّ إحالة نقاط الخلاف للجان عسكريّة تبحثه فيما بعد . فإذا كان الوضع كذلك فلماذا لم تقم تركيّا بذلك منذ زمان ؟ . الإجابة أنّ حزب العدالة و التنمية أتى إلى السلطة و إحتفظ فيها كل هذه السنوات الطويلة معتمدا على الإزدهار الإقتصادي الّذي حقّقه و بفضل سياسته البراغماتيّة مع كل الدول، فكان بحاجة للغطاء الأمريكي ليقوم بخطوات يعرف أنّها ستزعج جاريه الكبيرين روسيا و إيران، فحجم التبادل التجاري التركي الروسي 32.7 مليار دولار ب 2013 و يخططون لرفعها ل 100 مليار دولار بعد سنوات قريبة و حجم التبادل مع إيران بين 15-20 مليار، و الأرقام الحقيقيّة قد تفوق ذلك بكثير لأنّ تركيّا كانت المنفذ الوحيد لإيران طوال سنوات العقوبات بشكل قانوني أو عبر الإلتفاف على هذه العقوبات . و السبب الثاني أنّ هناك عدم إتّفاق في الداخل التركي على الموقف من الموضوع السوري، حيث يقف الكثير من العلويين الأتراك مع النظام السوري، و معارضين آخرين ينتظرون أي خطأ أو سوء تقدير من الحكومة للهجوم عليها لأسباب إنتخابيّة بحته حتّى أنّه تمّ إتّهام حكومة العدالة و التنمية بمساعدة داعش، و لا يمكن أخذ مثل هذه الإتّهامات على محمل الجد و دعونا نتذكّر زيارة أردوغان لتونس و مصر بعد إنتصار الثورة عندما صرّح بأنّ حزبه إسلامي لكن ضمن دولة علمانيّة و كيف تعرّض للهجوم من الإسلاميّين العرب وقتها، بسبب رؤيته الحداثية للإسلام السياسي. هذه هي العوامل الأساسيّة للسلوك التركي الّذي يبدو كأنّه غير حازم بما فيه الكفاية بالموضوع السوري حتّى بدأت الإتّهامات بأنّ أردوغان صاحب الخطابات والتحذيرات الّتي لا تتبعها أفعال.

بالنهاية هل ستتحقّق المنطقة الآمنة ؟ الإدارة الأمريكيّة مازالت ترفض الفكرة و الحكومة التركيّة ستدفع بإتّجاه تحقيقها بوسائل مختلفة و تحت مسميّات مختلفة ربّما بدون حظر للطيران و ربّما بالتدريج لكنّ تركيّا أعلنت بوضوح أنّها ستقوم بما تمليه عليها رؤيتها لمصالحها الوطنيّة. و بكل الأحوال، فإنّ تحوّل تركيّا للاعب من داخل البيت السوري له تبعات إستراتيجيّة كبيرة فإذا كنت مواطنا سوريّا، إسلامياً كنت أم علمانياً، و عصابة الأسد الّتي إرتكبت كل هذه الجرائم بحقّك هي خصمك و هي أولوّيتك فستكون حتما سعيدا بالإنخراط التركي في الموضوع السوري ولكنّنا نستطيع أن نتفهّم أن يكون للكردي التركي أولويّات أخرى و عليه هو أيضا أن يتفهّمنا.

التعليقات (7)

    jim

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    للاسف الشديد على الدول المسلمة اصبحت تحتاج لاذن من الاب الكبير امريكا للدفاع عن امنها شو هالزمان الذل والعار لكل من يحتاج للاذن من امريكا من اجل امنه وحماية حدوده

    ابو حمزة الشامي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    موقف تركيا بالنسبة للشعب السوري كان مشرفا عكس الانظمة العربية (عدا قطر) ولو كانت تدعي انها مع الشعب السوري علئ العكس هناك انظمة مازالت تدعم النظام الجبان سرا و الدليل كيفية تعامل تركيا و هذه الانظمة مع الاجئين السوريين

    كردي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    اذا كان الكاتب لا ياخذ اتهام الحكومة التركية على محمل الجد هذا يدل انه منفصل عن الواقع اذا سالت اي مواطن ساكن في مناطق سيطرة داعش على الحدود التركية من طرفي الحدود سيخبرك عن علاقة حكومة اردوغان بداعش غير الاجتماعات المصورة بين ضباط اتراك و دواعش و تجارة النفط المثبتة في وثائق ابو سياف و كمواطن كردي اولويتي داعش و عملاء اردوغان الذين يتاجرون بالدم السوري و اذا لم تكونوا قادرين على اسقاط نظامكم بانفسكم فانتم لا تستحقون نظاما احسن منه و لا يمكن ابدا تفهم الجبناء المختبئين خلف اسوار اعداء بلدهم

    انور

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    تركيا تستوعب بالظلم الشديد اللذي يحصل في سوريا فلذالك من اجل رضا الله تريد ان تكون من الأنصار هذه طموحات اردوغان في سبيل الله صدق ام لا تصدق ٬الله يعلم

    MUSTAFA

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    تعجبني صراحتك يا كردي رغم أني أؤيد داعش

    كردي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    و انا تعجبني مزحتك يا 5 مصطفى لان مجرد ذكر كلمة داعش جريمة عند الدواعش

    لا يهم

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    أخ أبو حمزة الشامي سؤال ... لماذا أستثنيت قطر عن باقي الدول العربية هل كان موقفها جيد مثلا أم أنها أستقبلت لاجئين سوريين وساعدتهم . أم أن قطر تدعمك لذلك أستثنيتها ماهي أسبابك هل ممكن التوضيح ؟!!!
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات