حين هتف الأكراد: (آزادي)..الشعب يريد إسقاط النظام!

حين هتف الأكراد: (آزادي)..الشعب يريد إسقاط النظام!
تظهر نتائج التصويت الذي طرحته قناة (الجزيرة) التلفزيونية، حول إقامة دولة كردية في سوريا، مقدار اتساع الهوّة بين مكونات الشعب السوري من جهة، ومقدار انحراف التيارات السياسية التي برزت باسم الثورة، عن أهداف الثورة.

بغضّ النظر عن نتائج التصويت، وعن هوية المتمسكين ببقاء سوريا موحدة، وهوية من يسعون إلى تقسيمها، ولكن الجدالات، التي تتحول إلى مهاترات في كثير من الأحيان، بين المكونين العربي والكردي من جهة، واتّهامات التخوين بين الأكراد أنفسهم من جهة أخرى، تظهر البون الشاسع، بين ما كانت عليه الثورة في البدايات، وما وصلت إليه.

يمكن النظر لهذا التباين من منظورين: أولهما أن الجميع كانوا يهدفون في البداية إلى التخلص من الطاغية، وأن هذه الخلافات كانت ستظهر عاجلاً أم آجلاً، أو أن هذه الخلافات كانت قائمة، ولكن هنالك من حاول حجبها عن الإعلام، من منطلق: "أنا لا أكذب ولكن أتجمّل!"

فمدينة القامشلي، التي سميت جمعة آزادي عام 2011 تضامناً معها، وتعبيراً عن وحدة الصف، باتت اليوم مسرحاً للصراعات الإثنية، والقومية، على هوية المدينة، بين مكوناتها من كرد، وسريان، وآشوريين، وعرب!

في الحقيقة، ليست الخلافات القومية وحدها هي سبب تأزم العلاقات بين المكوّنين الكردي والعربي، بل إن المشكلة تحمل أبعاداً أعمق من ذلك بكثير، فالتأثيرات الإقليمية فرضت أجنداتها على أرض الواقع، وتسبّبت في توسيع الشرخ بين الطرفين؛على سبيل المثال حين يمتدح العرب الموقف التركي، وترحيب تركيا بالسوريين، فالجواب من قبل الأكراد يأتي سريعاً بأن هذا التساهل يأتي مع معابر حلب وإدلب تحديداً، أما المعابر المتواجدة في مناطق تمركز حزب العمال الكردستاني من الجانب التركي، فهي ذات وضع مختلف تماماً، وغالباً ما يكون جوابهم: "لماذا تنكرون علينا الدعم الإيراني، في وقت تبرّرون للعرب تلقي الدعم من قبل تركيا؟

هذا الجواب بحدّ ذاته يثير تساؤلات مهمة حول الهوية التاريخية للأكراد، إذ لم يسبق لإيران أن تواجدت على الأراضي السورية، لتكون لها مع أي من مكوناتها هذه الصلات الوثيقة، خاصة إذا عرفنا أن الأكراد المتواجدين في سوريا هم إما من أتباع الطائفة السنية، أو من الطائفة الإيزيدية، وقد أجبروا على اعتناق الإسلام –على حدّ مزاعمهم- أي أنه لا وجود للأكراد العلويين في سوريا، إلا بنسبة ضئيلة جداً، إذن ما سرّ هذه الروابط الوثيقة؟ سيما إذا ركّزنا على البعد الطائفي الذي تتمحور حوله اهتمامات إيران، وأبوّتها الروحية للشيعة في العالم، وأتباع المذهب العلوي بالدرجة الثانية!

إذا قلبنا السؤال على المكوّن العربي، وصلته بتركيا، فالأجوبة عديدة، أهمها أن تركيا تدعم العرب من أتباع الطائفة السنية لتستعيد مكانتها الريادية في العالم الإسلامي، وبصرف النظر عمّا إذا كنا نتفق مع هذا الدعم أو نختلف، ولكنه مبرّر، أما الأكراد السنة، فما مبرّر ولائهم لإيران؟

من ناحية أخرى، لا يمكن التغاضي عن الموقع الجغرافي لتركيا، المتاخم لسوريا، وما ينجم عن هذا الموقع من صلات ثقافية وروابط أسرية، حتى أن هنالك عائلات عديدة متواجدة في الشمال السوري ذات أصول تركية..

هذا التباين في المواقف بين العرب والأكراد، مردّه بالطبع إلى الجهات الداعمة للنشاطات في هذه المناطق، خاصة في ظلّ غياب ملامح الدولة بشكل تام في الشمال السوري، ما جعل المنطقة مسرحاً للصراعات الإقليمية، والأجندات الدولية.

غير أن خلافات أخرى بين المنتمين إلى القومية نفسها تفرض حضورها على واقع المنطقة، فعلى سبيل المثال، هنالك نسبة لا يستهان بها تقف إلى جانب المشروع الإسلامي للمنطقة، خاصة من العرب المنتمين إلى الطائفة السنية، ولكن عدداً كبيراً من المنتمين إلى المكوّن ذاته، هم ممن رفضوا هذا المشروع، بل واعتقلوا ونكّل بهم علىى خلفية مواقفهم، فكيف لهؤلاء أن يعيشوا في كنف تنظيم الدولة الإسلامية؟

من  ناحية أخرى، فقد ثبت بالدليل القاطع أن عدداً من الأكراد قد انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية، حتى أن بينهم من شارك في حصار أبناء جلدتهم من الأكراد، في مدينة عين العرب "كوباني"، فهل سيكون هنالك مكان لهؤلاء في حال أنشئ إقليم خاص للأكراد في سوريا؟

هذا إذا افترضنا أن العرب في سوريا متفقين على مرجعية تمثلهم، وأنهم يرون في الائتلاف على سبيل المثال منبراً يعبّر عنهم، وأن الأكراد راضين تماماً عن سياسات PYD، ويرون في صالح مسلم رمزاً وطنياً، يدافع عن مصالح الأكراد في سوريا، وليس عن نظام الأسد،؟ وإذا عرفنا أن الأكراد لديهم نظرية بأن الكردي الجيد هو الكردي الانفصالي، لأنه في حال لم يكن انفصالياً، فهذا يعني أنه من أتباع صالح مسلم الذي يريد الأكراد ضمن سوريا الموحّدة، تحت جناح نظام الأسد!

غير أن الخلافات العربية- الكردية، ألقت بظلالها على الموقف الكردي، وحولتها إلى خلافات كردية- كردية، فعلى سبيل المثال، نشب خلاف بين عضوي رابطة الكتاب السوريين "هوشنك أوسي" و"حليم يوسف"، على خلفية البيان الذي يدعو إلى وحدة الأراضي السورية، والذي حمل اسم: "سوريا للجميع وفوق الجميع"، حيث استنكر "حليم يوسف" هذا البيان، وهاجم موقعيه من الكتّابٍ الأكراد، الذين من بينهم الكاتب الكردي "هوشنك أوسي"، متهماً إياهم بأنهم "الدودة التي تنخر في الشجرة الكردية"،حيث جرى بحث موضوع تجميد عضوية الروائي "حليم يوسف"، كما هدّد "أوسي" بالاستقالة من الرابطة، في حال لم يتم اتخاذ إجراء رادع بحق "يوسف"، الخلاف الذي انتهى باستقالة "حليم يوسف" و 14 كاتباً كردياً من عضوية الرابطة.

إذاً..إذا صحّت رؤية الأكراد لمشروعهم القومي، فما هي الصيغة التي سيبدؤون بها تنفيذ مشروعهم القومي، حيث لا توافق إيديولوجي بينهم، ولا عمق استراتيجي لهم، خاصة بعد تصريحات مسعود البرزاني الأخيرة حول عملية السلام في تركيا بين PKK  والحكومة التركية، وتأييده لسياسات حزب العدالة والتنمية تجاه الأكراد، ما يعني أن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، المنبثق عن حزب العمال الكردستاني PKK، قد فقد عمقه الاستراتيجي الوحيد وهو كردستان العراق، فالبرزاني لن يسمح بانطلاق أي عمل عسكري ضد تركيا من أراضيه، ما يعني أنّ الحل الوحيد لهم هو كانتون كردي تحت سيطرة الأسد، يتسنى له من خلاله تجويعهم وقتلهم على مهل في المستقبل، كما كان حالهم إبان انتفاضة 2004!

أما عرب المنطقة فلن يكونوا أفضل حالاً، فهم بطبيعة الحال سيكونون تحت رحمة تنظيم الدولة الإسلامية، طالما أنهم لا يستطيعون العيش في كانتون الساحل، ومع الممارسات المريبة، الكثيرة، للتنظيم، والذي  يجعل منه ذراعاً للنظام السوري، يتحول حلم الحرية إلى هباء منثور، والدولة الديمقراطية إلى كانتونات عنصرية، تمنح النظام شرعية للتعامل معها، ويصبح حينها نظام الأسد، هو الواجهة الأكثر حضارية، والأكثر قابلية للتعاطي معه من قبل المجتمع الدولي..

وهنا يبقى أمام الأكراد أحد خيارين: دولة كردية منزوعة المخالب، يحكمها الأسد، دون حقوق لهم كما هو حال كل السوريين الذين يعيشون في مناطق النظام، أو أن يكونوا جزءاً من سوريا الحرة، التي تحترم حرياتهم، كما تحترم كل مواطنيها...

التعليقات (6)

    قناص اكراد و×××

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    دولتك روح اعملها بايران وتركيا مو بلدنا يا كرد يا لصوص

    abo abdo

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    التعليق خالف قواعد النشر

    أسعد

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    الكرد لا يهمهم إن نكروا العهود و الوعود و تقذر سمعتهم بين الشعوب . و هم بالعربية المبسطة مستعدون أن يبيعون أي شيء في سبيل الحصول على قطعة أرض لهم و في أي بلد كان .

    كردي1

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    تخبيص بتخبيص تصويت الجزيرة كان عن اقامة دولة كردية و لم يذكر سورية الهم الاكبر لمكونات القامشلي هو داعش و ليس هوية المدينة علاقة اكراد سوريا بايران غير موجودة و اعطونا برهانكم ان كنتم صادقين علاقة العرب السوريين مع تركيا هي علاقة تبعية و ليست صداقة يمكن الرجوع الى اقوال و اراء قيادات جماعة الاخوان قبل الثورة بفترة طويلة المؤيدة للدولة التركية ضد الاكراد و الاخوان هم الذين يقودون المعارضة السورية و كذلك بعد الثورة من فتوى المجلس الاسلامي بتحريم الانضمام الى وحدات حماية الشعب

    كردي 2

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    و ترويج المعرضة السورية للاكاذيب التي اختلقتها الحوكمة التركية عن التهجير و التطهير العرقي و هذه الاخبار كذبتها القوات العربية الموجودة ضمن الوحدات و كذلك فصائل الجيش الحر الموجودة في المنطقة و بالنسبة للسيد مسعود البرزاني لا يستطيع بالرغم من عدم توافقه مع حزب العمال ان يقطع الدعم عن وحدات الحماية او يمنع العمال الكردستاني من محاربة تركيا لان شعبيته و شرعيته كزعيم كردي ستكون على المحك و سيدفع ثمنا باهظا اخيرا كل كردي يحلم بالدولة الكردية و هذا حقهم و لكن لا احد يطالب بذلك لانهم واقعيون

    قناص العرب الى قناص اكراد

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    ارجع الى الصحراء فانتم مكانكم هناك وليس بين الحضارات فهمتم يا لصوص الارض
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات