الخبر لغاية الآن يندرج في إطار الأمور الطبيعية التي يوليها الحزب لبعض الموضوعات التي يهتم عادة بشأنها، والتي تعنيه بشكل أساسي. لكن الغريب هو الفقرة السادسة من الاستمارة التي تدعو صاحب العلاقة الى التعريف عن الدورات العسكرية التي خضع لها، ومتى كانت المرة الاخيرة التي استعمل بها السلاح، بالإضافة إلى ذكر نوعية الاختصاص الذي خضع له خلال دورات التدريب!
خلال أقل من أربع وعشرين ساعة تمكن الحزب من تعبئة 2500 إستمارة لرجال دين، معظمهم تتراوح اعمارهم بين (35 و50) عاما، وعلم أن كل هؤلاء يتقاضون مخصصات شهرية من مكتب أمين عام حزب الله حسن نصرالله تتراوح بين (200 و500) دولار شهريا، وأنه جرى الإتصال بهم بشكل شخصي لتعبئة هذه الطلبات... وطلب من كل واحد منهم التقدم بمجموعة أسماء لرجال دين آخرين لكي يتم الإتصال بهم، وقد هددت المكاتب "الشرعية" التي تعمل ضمن إطار مؤسسات حزب الله كل من يتخلف عن الحضور، بشطب اسمه من الحوزة الدينية التي يتبع لها وإيقاف الدعم المادي عنه.
تعتبر هذه الخطوة التي اقدم عليها "حزب الله" بمثابة انتحار له ولأبناء طائفته. هذا ما أكده عدد من وجهاء الطائفة الشيعية خلال جلساتهم ليل أمس الأول بعد شيوع الخبر حول الدعوة هذه، خصوصاً بعد التأكد من أن الدعوات تصب في خانة تهيئة رجال الدين الذين ينضوون تحت جناح الحزب، وتحضيرهم للالتحاق بدورات عسكرية مكثفة لفترة خمسة عشرة يوماً، على أن يتم نقلهم لاحقاً إلى مواقع في الداخل السوري في ظل النزف الحاصل الذي يعاني منه حزب الله على جبهتي القلمون والزبداني، والذي بدأ ينسحب على مجموعات النخبة لديه.
شخصيات شيعية مستقلة رأت في دعوت حزب الله سلوكاً جديداً نحو مزيد من التطرف والعصبيات المذهبية، وأبدت خشيتها من تفاقم الامور وتحولها إلى حرب مذهبية بين السنة والشيعة، خصوصاً وأن طابع الدعوة هذه ديني بإمتياز مما سيجعل الوضع لاحقا اكثر تعقيداً، إنْ في الداخل اللبناني أو لناحية شد العصبيات المذهبية في العالم العربي.
وفي حين لم يُفصح الحزب حول خلفية دعوته هذه، أكد عدد كبير من المشايخ الذين رفضوا التوجه الى مراكز الحزب وتعبئة استمارات، أنهم جرى إبلاغهم بتوقيف المخصصات ابتداء من الشهر المقبل، وهو الأمر الذي جعلهم يتقدمون باعتراضات بالجملة الى مؤسسة دينية شيعية رسمية، لكن الاخيرة طلبت منهم التريث إلى حين اطلاعها على تفاصيل هذه القرارات وخلفياتها.
من الواضح أن أزمة حزب الله إلى تفاعل، وإلى مزيد من التشظي، فبعد استطلاعات سرية للرأي أجرتها مؤسسات تتشارك مع مؤسسات الحزب في عمليات استطلاع، حول آراء سكان المناطق الشيعية في الكثير من الامور، تبين أن هناك لا ما يقل عن ثلاثين بالمئة من بيئة اعربت عن عدم موافقتها على انخراط حزب الله في الحرب السورية. وهنا تكشف المعلومات أن المناطق الاكثر اعتراضاً على هذه الحرب هي البقاع بالدرجة الاولى تليها الضاحية الجنوبية ثم الجنوب.
التعليقات (17)