"ملفّ الفنانين السوريين استلمه من دائرة النظام الأسدي، خلال الثورة السورية، بشكل شخصيّ، ماهر الأسد، (شقيق بشّار الأسد). ماهر عاشق للفنانين والفنانات ويعتبرهم من جوقة النظام لزوم التطبيل والتزمير وأشياء أخرى. ومعروف أنّ ماهر الأسد اتّخذ لنفسه شلّة من الكراكوزات يجتمعون دوماً لإضحاكه وتسليته (...).
عدا ذلك، يعتبر ماهر الأسد نفسه وليّ نعمة الفنانين جميعاً، إذ إنّه المالك الفعلي لكلّ من شركة "سورية الدولية" وشركة "الشرق ـ لين" ولشركة "قبنض" التي يديرها له صورياً على التوالي كلّ من محمد حمشو، نبيل طعمة، ومحمد قبنض.
عندما انطلقت الثورة وصدر ما عُرِفَ بـ"بيان الحليب"، الذي وقّع عليه عدد من الفنانين والفنانات، جنّ جنون ماهر الأسد، وقام مدير مكتبه، غسان بلال، بالاتصال بالفنانين الموقِّعين واحداً واحداً، وأمرهم، من خلال الترغيب والترهيب، بإعلان انسحابهم من البيان والقول إنّهم تعرّضوا للمكيدة.
رفض الفنانون كندة علوش، ومي سكاف، وفارس الحلو، وكاريس بشار، ويارا صبري، وآخرون التراجع، فيما خضع البقية للأمر الواقع وأُجبروا على الظهور في حلقة خاصّة على قناة "الدنيا" (التابعة للنظام)، بهدف الاعتذار، وهذا ما جرى. يومها كان واضحاً أنّ وجوه المشاركين تقطّر رعباً.
بعد ذلك، أمر ماهر الفنانين الموقّعين، ومعهم آخرين، بإصدار بيان معاكس. وطاف عليهم ضبّاط من مكتبه واحداً واحداً لجمع تواقيعهم قبل أن تمزّقه (على ما أذكر)، فايزة جاويش، زوجة الراحل سعد الله ونوس، وترميه في وجه الضابط. الأخير كاد أن يقتلها لولا كبر سنّها ولولا خشيته من إغضاب الطائفة العلوية.
بعد ذلك، أصدرت شركات الإنتاج، بقيادة نجدت أنزور ومحمد حمشو، بياناً ضدّ الفنانين الذين لم يأتوا إلى بيت الطاعة. وتعهّدوا بأنّهم لن يشغّلوهم في أعمال شركاتهم بعد ذلك اليوم. وهذا ما فعلوه لاحقاً.
ثم بدأ الأمر يتّخذ منحىً أكثر عنفاً، فتمّ تهديد يارا صبري بإيذاء أولادها، وتمّ الاعتداء بالضرب على علي فرزات وجلال طويل، وتمّ تدمير ورشة البستان النحتية التي أسّسها فارس الحلو، واعتقل زكي كورديلو ومحمد أوسو وعدنان الزراعي.
خلال هذه المعمعة، استغلّ بعض المنتفعين، أمثال مصطفى الخاني وسلاف فواخرجي وسوزان نجم الدين وزهير عبد الكريم، الفرصة للانضمام إلى شلّة ماهر الأسد.
يأتي بيان نقيب الفنانين، زهير رمضان، القاضي بطرد الفنانين السوريين من "نقابة الفنانين السوريين"، ليختم القصّة بشكل هزلي وسخيف يوازي حجم سخافته وسخافة نظامه... وقبلهم جميعاً سخافة وإجرام ماهر الأسد.
أتمنّى أنّ الذاكرة لم تخنّي بدقّة بعض التفاصيل، لكنّ غالبيتها دقيق وسمعته من المعنيين مباشرة".
التعليقات (2)