وتتابعت فصول الإجرام والمجتمع الدولي ومجالس حقوق الانسان والأمم المتحدة وأمينها العام يزدادون قلقاً دون إجراءٍ يوقف السيف المسلط على رقاب شعب جريمته أنه طالب بحريته, ووضعت على بشار الأسد وقمعه خطوطاً حمراء وصفراء ومن كل الألوان لكنها في الحقيقة كانت كلها خضراء, فقد تجاوزها دون رادع ولم يترك سلاحاً في مستودعات جيشه القاتل إلا واستخدمه, فطيران الميغ29 وصواريخ سكود الاستراتيجية التي لم تزر سماء إسرائيل دخلت بيوت السوريين ودمرتها وقتلت أهلها وبراميل الموت التي يحتفظ الأسد ببراءة اختراعها والألغام البحرية التي تستخدم في البر للمرة الأولى منذ اختراعها لم تحرك ضمير مجتمع دولي آثر الصمت.
وأمام خجل المجتمع الدولي (الذي لا يخجل) من شعوبه وتحت ضغط بعض إعلامه, كان لابد من تغيير المعادلة على الأرض, فالجيش الحر لا يمكن اتهامه بالإرهاب ولا يمكن اتهامه بعدم الاعتدال حتى بالمقاييس الأوروبية والأمريكية, وكان مؤتمر أنطاليا الذي حول مجرى الثورة السورية عبر قيادة مصطنعة وأدوات خربت الجيش الحر ومهدت لظهور جماعات وصفت بالـ (متطرفة) كان وجودها رداً على تطرف النظام وعملاً استخباراتياً غربياً -إيرانياً ودخل الإرهاب عبر تنظيم داعش (المصنع بغرف الاستخبارات) واشتعلت نار إجرام أعطت الحجة للغرب بإبقاء الأسد ووقف دعم الثورة التي كانت قد حررت ما يفوق ال60% من الأراضي السورية من يد وبطش نظام الأسد في نهاية عام 2012.
بدأت لعبة الأمم تتقاذف الثورة السورية وتتلاعب بها وتربطها بكل أجندات المنطقة والمستفيد الوحيد هو نظام الأسد والخاسر الأكبر هو الشعب السوري.
الآن وقد تطاير شرر الإرهاب ليتجاوز الحدود السورية, فمن تفجير بمسجد الإمام الصادق (ع) في الكويت راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى إلى جريمة سوسة في تونس (22 قتيل) إلى جريمة في فرنسا عبر شخص يحمل علم "داعش" ويريد تفجير مصنعاً للغاز قرب ليون (لو نجح بمراده لكانت جريمة العصر بعدد ضحاياها), وكل تلك الجرائم ربطت بتنظيم داعش التي ما زالت (باقية وتتمدد) رغم أنف تحالف دولي لأكثر من (65) دولة مارس معظمها عهراً عسكرياً عبر مسرحية كشفها الصغير قبل الكبير من أن كل الضربات الجوية التي وجهت لهذا التنظيم لم يكن القصد منها القضاء عليه أو النيل منه, وهذا الكلام قالته كبرى الصحف الأمريكية (الواشنطن بوست) التي أفردت تقريراً على صدر صفحاتها وبمعلومات موثقة تقول أن (75%) من طلعات طيران التحالف الدولي للحرب على الإرهاب عادت محملة بسلاحها وصواريخها دون أن تنفذ أية هجمات ضد قوافل التنظيم التي كانت تجول وتصول من دير الزور إلى بلدة السخنة ومن الرقة إلى تدمر ومن الشرق إلى ريف حلب وبعشرات سيارات الدفع الرباعي وتحت انظار طائرات الاستطلاع الأمريكية وأقمارها الصناعية القادرة على تحديد ألوان ألبستنا الداخلية لكنها عجزت أو تعاجزت عن كشف تحركات تنظيم داعش ولغايةٍ في نفس يعقوب.
الآن اشتعل الخليج واشتعلت إفريقيا واختل توازن القارة الأوروبية في فرنسا وعلى دفعتين كانت أولاها جريمة صحيفة شارل ايبدو وثانيها جريمة الجمعة الفائتة, وكل ذلك كان عبر لعنة السوريين التي ستطال كل من سمح وتسامح بدمائهم, وتغاضى عن جرائم قتلة هذا العصر, فمن المعيب ومن سخرية القدر أن تكتشف أمريكا بعد أربعة أعوام أن بشار الأسد يستخدم براميل موت من حواماته, ومن السخرية أيضاً أن يجرد سلاح جريمة استخدام الكيميائي ضد الشعب السوري في الغوطتين ويترك المجرم طليق اليدين ليمارس قتلاً ودماراً ويبقى المجتمع الدولي يمارس عهراً سياساً وإجراماً موصوفاً.
النار التي أشعلتموها في الداخل السوري خدمة لأجندات نفط وغاز ومصالحاً إقليمية ودولية وكان وقودها دماء السوريين ستحرقكم, حقيقة قلناها سابقاً ونعود لتكرارها, تلك النار لن تبقى أسيرة الحدود السورية وستحرق البعيد قبل القريب ولعنة دماء السوريين ستطالكم حتى لو كنتم في قصور مشيدة وحتى لو خلف البحار.
الحل موجود, أنصفوا الثورة السورية وأنقذوا شعب سوريا ليتوقف الإرهاب الذي صنعتموه بأيديكم فانقلب وبالاً عليكم.
*محلل عسكري واستراتيجي
التعليقات (7)